آيات من القرآن الكريم

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ

والتحريف والتبديل بالكذب والزور. ونصبه لأنه مصدر في موضع الحال. وقيل: هو مفعول به، وحرف الجر، مقدر مع المفعول المتصل. والتقدير: ويبغون لها عوجاً، والعوج بكسر / العين، وفتح الواو في الدين والأرض، وكل ما لم يكن قائماً، ويفتح العين والواو: فيما كان قائماً مثل الحائط، والرمح، والسن.
﴿أولئك فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ﴾، أي: هؤلاء المذكورون في ذهاب عن الحق بعيد.
قوله: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ إلى قوله ﴿(مِّن رَّبَّكُمْ) عَظِيمٌ﴾: المعنى: وما أرسلنا رسولاً إلا بلغه ليفهموا عنه، فالمعنى: وأرسل النبي ﷺ، بلغة سعد ابن بكرٍ بن هوازن: وهي أفصح اللغات. فالمعنى: وما أرسلنا إلى أمة من الأمم من قبل محمد ( ﷺ من رسول) إلا بلسان الأمة التي أرسل إليها، ليبين لهم ما أرسله

صفحة رقم 3771

الله به إليهم من أمره ونهيه، لتقوم الحجة عليهم، ولا يبقى لهم عذر. فيوفق الله من يشاء إلى الإيمان، ويخذل من يشاء فيبقى على كفره.
﴿وَهُوَ العزيز﴾: أي: الممتنع ممن أراده (ولا يمتنع عليه أحد) [إن] أراد خذلا (نه)، لأنه الحكيم في توفيقه للإيمان من أراد أن يوفقه.
فإن قيل: فيجب ألا تلزم الحجة من كان من العجم، لأنهم لا يفهمون لسان العرب، فالجواب: أنه إذا ترجم ما جاءهم به النبي ﷺ بلسانهم، وفهموا الدعوة لزمتهم الحجة، لقوله تعالى: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً﴾ [سبأ ٢٨]، ولقوله: ﴿(لأُنذِرَكُمْ) بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] ولقوله: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧].
فكل من بلغته دعوة النبي ﷺ، وفهم ما دعاه إليه

صفحة رقم 3772

(يأتي يساره إن) لزمته الحجة، ودخلت تحت قوله ﴿وَمَن بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] وتحت قوله: ﴿كَآفَّةً لِّلنَّاسِ﴾ [سبأ ٢٨].
ثم قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ (مِنَ الظلمات إِلَى النور)﴾: قوله: ﴿أَنْ أَخْرِجْ﴾ " أن " في موضع نصب على تقدير حذف (حرف) الجر. والتقدير: بأن أخرج.
(وقيل: " أن " زائدة، ومثله: كتبت إليه أن قم): ومعنى الآية ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى﴾ من قبل محمد ﷺ، بالأدلة والحجج، والآيات، وهي التسع آيات المذكورة في القرآن. بأن يخرج قومه من الكفر إلى الإيمان، ويذكرهم: ﴿بِأَيَّامِ الله﴾: أي: بنعم الله عليهم في الأيام الخالية، إذ أنقذهم من آل فرعون،

صفحة رقم 3773

ومما كانوا فيه من العذاب، وإذا فلق لهم البحر، وظلّل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المنَّ والسلوى في أِباه لهذا من النعم. قاله مجاهد، وقتادة.
(وكذلك رواه ابن عباس، عن النبي ﷺ أنه قال: بأيام الله: بنعم الله).
قال مالك، ( C) ﴿ بِأَيَّامِ الله﴾: ببلاء الله الحسن عندهم، وأياديه.
وقال ابن زيد: المعنى: وذكرهم بالأيام التي انتقم الله، فيها من الأمم الماضية، فيتعظوا، ويزدجروا، ويخافوا أن يصيبهم مثل ما أصاب من كان

صفحة رقم 3774

قبلهم، ودل على ذلك قوله بعد الآية: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الذين مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ﴾ [إبراهيم: ٩]، ثم قال: ﴿إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾: والمعنى: إن في النعم التي مضت على الأمم الخالية، وأن في النعم التي أنعم عليكم لعلامات ظاهرة، لكل ذي صبر على / طاعة الله تعالى وشكر له على ما أنعم عليه من نعمة، (جلت عظمته).
وقال قتادة عند تلامة هذه الآية: " نِعْم العبدُ عبدٌ إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر ".
ثم قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ اذكروا﴾: أي: واذكر يا محمد! إذ قال موسى لقومه: ﴿اذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سواء العذاب﴾: (أي): يذيقونكم شديد العقاب. وقد يجوز (مع ذلك) أبناءكم، ودخلت الواو مع

صفحة رقم 3775

" ويذبحون "، لتدل على آل فرعون كانوا يعذبون بني إسرائيل بأنواع (غير) التذبيح.
وروي أن فرعون كان يذبح كل غلام، ويستحي النساء، وكانت الحوامل عنده مدونات، والقوابل يغدون عليهن ويرحن. وعندهم رجال قد شدوا أوساطهم، وجعلوا فيها السكاكين التي يذبحون بها الولدان. وأيديهم مخضبة بالدماء.
ثم قال (تعالى): ﴿وَفِي ذلكم بلاء مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ﴾: أي: اختبار لكم من ربكم. ويكون البلاء هنا النعمة، فيكون المعنى: (إن) في إنجائه

صفحة رقم 3776
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية