
سورة إبراهيم
مكية إلا آيتي ٢٨ و ٢٩ فمدنيتان وآياتها ٥٢ نزلت بعد سورة نوح بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة إبراهيم عليه السلام) لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والظلمات الكفر والجهل، والنور الإيمان والعلم بِإِذْنِ رَبِّهِمْ أي بأمره وهو إرساله إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ بدل من إلى النور اللَّهِ قرئ بالرفع «١» وهو مبتدأ أو خبر مبتدأ مضمر، وبالخفض بدل يَسْتَحِبُّونَ أي يؤثرون وَيَبْغُونَها قد ذكر بِلِسانِ قَوْمِهِ أي بلغتهم وكلامهم أَنْ أَخْرِجْ أن مفسرة أو مصدرية على تقدير بأن وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ أي عقوباته للأمم المتقدمة، وقيل: إنعامه على بني إسرائيل، واللفظ يعم النعم والنقم، وعبر عنها بالأيام لأنها كانت في أيام، وفي ذلك تعظيم لها كقولهم يوم كذا ويوم كذا وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ ذكر هنا بالواو، ليدل على أن سوء العذاب غير الذبح أو أعم من ذلك ثم جر الذبح كقوله وملائكته وجبريل وميكال، ذكر في البقرة بغير واو تفسير للعذاب
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ من كلام موسى، وتأذن بمعنى أذن أي: أعلم كقولك: توعد وأوعد وإعلام الله مقترن بإنفاذ ما أعلم به لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ هذا معمول تأذن لأنه يتضمن معنى قال،

ويحتمل أن تكون الزيادة من خير الدنيا أو من الثواب في الآخرة أو منهما وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ يحتمل أن يريد كفر النعم أو الكفر بالإيمان والأول أرجح لمقابلته بالشكر لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ عبارة عن كثرتهم كقوله: وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً [الفرقان: ٣٨] فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ فيه ثلاثة أقوال: أحدها أن الضمائر لقوم الرسل، والمعنى أنهم ردوا أيديهم في أفواه أنفسهم غيظا من الرسل كقوله: عضوا عليكم الأنامل من الغيظ، أو استهزاء وضحكا:
كمن غلبه الضحك فوضع يده على فمه، والثاني: أن الضمائر لهم، والمعنى أنهم ردوا أيديهم في أفواه أنفسهم إشارة على الأنبياء بالسكوت، والثالث: أنهم ردوا أيديهم في أفواه الأنبياء تسكيتا لهم، وردا لقولهم أَفِي اللَّهِ شَكٌّ المعنى أفي وجود الله شك أو أفي إلهيته شك، وقيل: في وحدانيته، والهمزة للتقرير والتوبيخ لأنه لا يحتمل الشك لظهور الأدلة، ولذلك وصفه بعد بقوله: فاطر السموات والأرض مِنْ ذُنُوبِكُمْ قيل: إن من زائدة، ومنع سيبويه زيادتها في الواجب وهي عنده للتبعيض، ومعناه أن يغفر للكافر إذا أسلم ما تقدم من ذنبه قبل الإسلام، ويبقى ما يذنب بعده في المشيئة، فوقعت المغفرة في البعض ولم يأت في القرآن غفران بعض الذنوب إلا للكافر كهذا الموضع، والذي في الأحقاف وسورة نوح وجاء للمؤمنين بغير من كالذي في الصف وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قال الزمخشري وأهل مذهبه من المعتزلة: معناه يؤخركم إن آمنتم إلى آجالكم، وإن لم تؤمنوا عاجلكم بالهلاك قبل ذلك الوقت، وهذا بناء على قولهم بالأجلين، وأهل السنة يأبون هذا، فإن الأجل قبل ذلك الوقت، وهذا بناء على قولهم بالأجلين، وأهل السنة يأبون هذا، فإن الأجل عندهم واحد محتوم، قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا يحتمل أن يكون قولهم استبعادا لتفضيل بعض البشر على بعض بالنبوة، أو يكون إحالة لنبوة البشر، والأول أظهر لطلبهم البرهان في قولهم: فأتونا بسلطان مبين ولقول الرسل: ولكن الله يمن على من يشاء من عباده أي: بالتفضيل بالنبوة وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ والمعنى أي شيء يمنعنا من التوكل على الله وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ إن قيل لم كرر الأمر؟ فالجواب عندي أن