آيات من القرآن الكريم

وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا ۖ يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ ۗ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ
ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ

ربيع: هذا في الأرواح في حال النوم يقبضها عند النوم فمن أراد موته محا وأمسكه ومن أراد بقاءه أثبته ورده إلى صاحبه.
بيانه قوله اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى «١».
وقيل: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ الدنيا وَيُثْبِتُ الآخرة.
وروى محمد بن كعب القرظي عن فضالة بن عبيد عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل، في الساعة الأولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه آخر غيره، فيمحو ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ ما يشاء» [١٥٣] «٢».
ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: إن لله لوحا محفوظا مسيرة خمسمائة عام من درة جنانها رمان من ياقوت ولله في كل يوم ثلاثمائة وستون لحظة يمحو منها ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ.
قال قيس بن عباد: العاشر من رجب هو يوم يَمْحُوا اللَّهُ فيه ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ يعني اللوح المحفوظ الذي لا يغير ولا يبدل.
قال قتادة والضحاك: حلية الكتاب وأصله فيه ما يمحو ويثبت.
فسأل ابن عباس كذا عن أم الكتاب.
قال: يعلم الله ما هو خالق وما خلقه عاملون فقال لعلمه: كن كتابا فكان كتابا «٣» وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من العذاب أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قبل أن نريك ذلك فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الذي عليك [أن تبلغهم] وَعَلَيْنَا الْحِسابُ والجزاء.
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٤١ الى ٤٣]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣)
أَوَلَمْ يَرَوْا يعني أهل مكة الذين يسألون محمدا الإيمان أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نقصدها

(١) سورة الزمر: ٤٢.
(٢) تفسير القرطبي: ٩/ ٣٣٢، وفي كنز العمال: ٢/ ٤٥٤.
(٣) تفسير الطبري: ١٣/ ٢٢٤.

صفحة رقم 299

نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها يفتحها لمحمّد صلّى الله عليه وسلّم أرضا بعد أرض حوالي أرضهم فلا يخافون أن نفتح أرضهم كما فتحنا له غيرها، وبنحو ذلك قال أهل التأويل. روى صالح بن عمرو عن عمرو بن عبيد عن الحسن قال: ظهور المسلمين على المشركين.
وروى وكيع عن سلمة بن سبط عن الضحاك قال: ما تغلب عليه محمد صلّى الله عليه وسلّم من أرض العدو.
جبير عن الضحاك قال: أو لم ير أهل مكة إنا نفتح لمحمد ما حوله من القرى.
وروى إسحاق بن إبراهيم السلمي عن مقاتل بن سليمان قال: الْأَرْضَ مكة ونَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها غلبة النبي صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين عليها وانتقاصهم وازدياد المسلمين. فكيف لا يعتبرون! وقال قوم: معناه أو لم يروا إلى الأرض نَنْقُصُها أفلا تخافون إن جعل بهم وبأرضهم مثل ذلك فيهلكهم ويخرب أرضهم.
ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: خراب الأرض وقبض أهلها.
يزيد الخوي عن عكرمة قال: يعني قبض الناس.
وقال: لو نقصت الأرض لصارت مثل هذه وعقد بيده سويتين.
عثمان بن السنّاج عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها قال: موت أهل الأرض.
طلحة بن أبي طلحة القناد عن الشعبي: قبض الأنفس والثمرات.
علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: نقصان أهلها وتركها.
عثمان بن عطاء عن أبيه: قال ذهاب علمائها وفقهائها.
قال الثعلبي: أخبرنا أبو علي بن أحمد الفقيه السرخسي قال: حدثنا أبو لبيد بن محمد بن إدريس البسطامي حدثنا سعد بن سعيد حدثنا أبي حدثنا أبو حفص عن محمد بن عبد الله عن عبد الملك بن عمير عن رجاء بن حيوة عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خذوا العلم قبل أن يذهب» [١٥٤] «١».
قلنا: وكيف يذهب العلم والقرآن بين أظهرنا قد أثبته الله في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا نقرأه ونقرئه أولادنا فأنصت ثم قال هل ظلت اليهود والنصارى الا والتوراة بين أظهرهم ذهاب العلم ذهاب العلماء.

(١) سنن الدارمي: ١/ ٧٧.

صفحة رقم 300

وحدثنا الأستاذ أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب لفظا في صفر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة في آخرين.
قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم حدثنا أبو ضمرة وأنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمر بن العاص قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» [١٥٥] «١».
وحدثنا أبو القاسم أخبرنا محمد بن أحمد بن سعيد حدثنا العباس بن حمزة حدثنا [.........] «٢» السدي حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان عن عبد الله بن عبد الرحمن عن سالم بن أبي الجنيد عن أبي الدرداء أنه قال: يا أهل حمص مالي أرى أنّ علماؤكم يذهبون وجهالكم لا يتعلمون، فأراكم قد أقبلتم على ما يكفل لكم، وضيعتم ما وكلتم به اعلموا قبل أن يرفع العلم فإن رفع العلم ذهاب العلماء «٣».
وأخبرنا أبو القاسم حدثنا عبد الله بن المأمون بهرات حدثنا أبي حدثنا خطام بن الكاد بن الجراح عن أبيه عن جويبر عن الضحاك قال: قال علي (رضي الله عنه) : إنما مثل الفقهاء كمثل الأكف إذا قطعت كف لم تعد.
حدثنا أبو القاسم حدثنا أبي حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد الرازي الزعفراني حدثنا عمر بن مدرك البلخي، أبو حفص حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا هشام بن حيان عن الحسين قال: قال عبد الله بن مسعود: موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار.
ومنه عن الرازي حدثنا عمرو بن تميم الطبري. أخبرنا محمد بن الصلت. حدثنا عباد بن العوام عن هلال عن حيان قال: قلت لسعيد بن جبير ما علامة هلاك الناس؟ قال: هلاك علمائهم، ونظير هذه الآية في سورة الأنبياء عليهم السلام.
وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ لا راد لحكمه، والمعقب في كلام العرب الذي يكرّ على الشيء ويتبعه «٤».

(١) صحيح مسلم: ٨/ ٦٠.
(٢) كلمة غير مقروءة.
(٣) المصنف لابن أبي شيبة: ٨٠/ ١٧٠.
(٤) تفسير الطبري: ١٣/ ٢٢٩.

صفحة رقم 301

قال لبيد:

حتى تهجر في الرواح وهاجه طلب المعقب حقه المظلوم «١»
وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ. وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني من قبل مشركي مكة فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يعني له أسباب المكر وبيده الخير والشر وإليه النفع والضر فلا يضر مكر أحد أحدا إلّا من أراد الله ضره، وقيل: معناه له جزاء إليكم.
يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ... سَيَعْلَمُ: قرأ ابن كثير وأبو عمر: الكافر على الواحد، والباقون على الجمع.
لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ عاقبة الدار الآخرة ممن يدخلون النار ويدخل المؤمنون الجنة وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إني رسوله إليكم، وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ أيضا يشهدون على ذلك. هم مؤمنو أهل الكتاب.
وقرأ الحسين وسعيد بن جبير: وَمِنْ عِنْدِهِ بكسر الميم والدال. عُلِمَ الْكِتابُ مبني على «٢» الفعل المجهول.
وروى أبو عوانة عن أبي الخير قال: قلت لسعيد بن جبير وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ أهو عبد الله بن سلام؟ قال: كيف يكون عبد الله بن سلام وهذه السورة مكية.
وكان سعيد يقرأها وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتابُ، ودليل هذه القراءة قوله وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً «٣» وقوله الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ «٤».
وأخبرنا عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بابويه أخبرنا أبو رجاء محمد بن حامد بن محمد المقرئ بمكة حدثنا محمد بن حدثنا عبد الله بن عمر حدثنا سليمان بن أرقم عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قرأها وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتابُ.
وبه عن السمري حدثنا أبو توبة عن الكسائي عن سليمان عن الزهري عن نافع عن ابن عمر قال: قال: وذكر الله أشدّ فذكر إنه حيث جاء إلى الدار ليسلم سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقرأ وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتابُ بكسر الميم وسمعه في الركعة الثانية يقرأ بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ الآية.
أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد الفاسي حدثنا القاضي الحسين بن محمد بن عثمان
(١) تفسير الطبري: ١٣/ ١٦١، ولسان العرب: ١/ ٦١٤. [.....]
(٢) هكذا في الأصل.
(٣) سورة الكهف: ٦٥.
(٤) سورة الرحمن: ١. ٢.

صفحة رقم 302

النصيبي أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين السميعي بحلب حدثني الحسين بن إبراهيم بن الحسين الجصاص. أخبرنا الحسين بن الحكم حدثنا سعيد بن عثمان عن أبي مريم وحدثني بن عبد الله ابن عطاء قال: كنت جالسا مع أبي جعفر في المسجد فرأيت ابن عبد الله بن سلام جالسا في ناحية فقلت لأبي جعفر: زعموا أنّ الذي عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ عبد الله بن سلام. فقال: إنما ذلك علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).
وفيه عن السبيعي: حدثنا عبد الله بن محمد بن منصور بن الجنيد الرازي عن محمد بن الحسين بن الكتاب.
أحمد بن مفضل حدثنا مندل بن علي عن إسماعيل بن سلمان عن أبي عمر زاذان عن ابن الحنيفة وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ قال: هو علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) «١».

(١) زاد المسير لابن الجوزي: ٤/ ٢٥٢، وتفسير القرطبي: ٩/ ٣٣٦، شواهد التنزيل: ١/ ٤٠١.

صفحة رقم 303

سورة إبراهيم (ع)
كلها مكية غير آيتين وهما قوله أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا «١». إلى قوله: فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ «٢» نزلتا في قتلى بدر وأسرائهم، [مكية] وهي ثلاثة آلاف وأربعمائة وأربعة وثلاثون حرفا وثمانمائة وإحدى وثلاثون كلمة في إثنتين وخمسون آية.
أخبرنا أبو الحسين بن علي بن محمد بن الحسن المقري غير مرة قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم وأبو الشيخ عبد الله بن محمد قالا: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن شريك، أحمد بن يونس اليربوعي عن سلام بن سليم المدائني، عن عمرو بن كثير عن يزيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قرأ سورة إبراهيم والحجر أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من عبد الأصنام وبعدد من لم يعبدها» [١٥٦] «٣».

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) سورة إبراهيم: ٢٨.
(٢) سورة ابراهيم: ٣٠.
(٣) تفسير مجمع البيان: ٦/ ٥٥.

صفحة رقم 304
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية