
- ٤٠ - وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ
- ٤١ - أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
يقول تعالى لرسوله: ﴿وإما نُرِيَنَّكَ﴾ يا محمد بعض الذي نَعِدُ أَعْدَاءَكَ مِنَ الْخِزْيِ وَالنَّكَالِ فِي الدُّنْيَا، ﴿أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ أَيْ قَبْلَ ذَلِكَ ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ﴾ أَيْ إِنَّمَا أَرْسَلْنَاكَ لِتُبَلِّغَهُمْ رِسَالَةَ اللَّهِ وقد فعلت مَا أُمِرْتَ بِهِ ﴿وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾ أَيْ حِسَابُهُمْ وجزاؤهم كقوله تعالى: ﴿إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾. وَقَوْلُهُ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْ
لَمْ يروا أنا نفتح لمحمد ﷺ الأرض بعد الأرض، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ} قَالَ: خَرَابُهَا، وَقَالَ الْحُسْنُ وَالضَّحَّاكُ: هُوَ ظُهُورُ الْمُسْلِمِينَ على المشركين، وقال نُقْصَانُ الْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَخَرَابُ الْأَرْضِ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لو كانت الأرض تنتقص لضاق عليك حشك (الحُشّ والحِش: البستان، قال في القاموس: الحُشُّ مثلثة: المخرج لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين)، ولكن تنقص الأنفس والثمرات، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ: خَرَابُهَا بِمَوْتِ علمائها وفقهائها وَأَهْلِ الْخَيْرِ مِنْهَا. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: هو موت العلماء، وأنشد أحمد بن نمزال:
الْأَرْضُ تَحْيَا إِذَا مَا عَاشَ عَالِمُهَا * مَتَى يَمُتْ عَالِمٌ مِنْهَا يَمُتْ طَرَفُ
كَالْأَرْضِ تَحْيَا إِذَا مَا الْغَيْثُ حلَّ بِهَا * وَإِنْ أَبَى عَادَ فِي أَكْنَافِهَا التَّلَفُ
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى، وَهُوَ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ عَلَى الشِّرْكِ قَرْيَةً بَعْدَ قرية، كقوله: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ القرى﴾ الآية، وهذا اختيار ابن جرير.