آيات من القرآن الكريم

وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ
ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ

إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ يعني: مائلة إلى الشهوات إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي أي: إلا من عصمه الله تعالى من المعصية إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ للهم الذي هممت به رَحِيمٌ حين تاب وعصمني وغفر لي
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٥٤ الى ٦٠]
وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ (٥٤) قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (٥٥) وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٧) وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨)
وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ (٦٠)
قوله تعالى: وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي يعني: أجعله في خاصة نفسي.
فلما خرج يوسف من السجن، ودّع أهل السجن، ودعا لهم وقال: اللهم اعطف قلوب الصالحين عليهم، ولا تستر الأخبار عليهم. فمن ثم تقع الأخبار عند أهل السجن، قبل أن تقع عند عامة الناس. ولما دخل يوسف على الملك وكان الملك يتكلم بسبعين لساناً، فأجابه يوسف بذلك كله. ثم تكلم يوسف بالعبرانية، فلم يحسنها الملك، فقال: ما هذا اللسان يا يوسف؟
قال: هذا لسان آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام.
ثم كلمه بالعربية، فلم يحسنها الملك، فقال: ما هذا اللسان؟ فقال: لسان عمي إسماعيل فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ في المنزلة أَمِينٌ على ما وكلتك. قَالَ له يوسف عليه السلام: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ يعني: على خراج مصر إِنِّي حَفِيظٌ للتدبير.
ويقال: حَفِيظٌ بما وكلت به عَلِيمٌ بجميع الألسن. ويقال: عَلِيمٌ بأخذها ووضعها مواضعها. وإنما سأل ذلك صلاحاً للخلق، لأنه علم أنه ليس أحد يقوم بإصلاح ذلك الأمر مثله. ويقال: حَفِيظٌ عَلِيمٌ يعني: عليماً بساعة الجوع. وكان الملك يأكل في كل يوم نصف النهار. فلما كانت الليلة التي قضى الله بالقحط فيها، أمر يوسف بأن يتخذ طعام الملك بالليل، فلما أصبح الملك قال: الجوع الجوع. فأتي بطعام مهيئ، قال: وما يدريكم بذلك؟ قالوا:
أمرنا بذلك يوسف، ففوض الملك أموره كلها إلى يوسف، وهو قوله تعالى: وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ يعني: صنعنا ليوسف فِي الْأَرْضِ يعني: أرض مصر يَتَبَوَّأُ مِنْها يعني: ينزل منها حَيْثُ يَشاءُ. قرأ ابن كثير حَيْثُ نَشاءُ بالنون يعني: حيث يشاء الله. وقرأ الباقون:
بالياء حَيْثُ يَشاءُ يوسف نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ نختص بنعمتنا: النبوة، والإسلام، والنجاة من نشاء وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ يعني: لا نبطل ثواب الموحدين، حتى نوفيّه جزاءه في الدنيا، ومع ذلك له ثواب في الآخرة، فذلك قوله تعالى: وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ

صفحة رقم 198

يعني: ثواب الآخرة أفضل مما أعطي في الدنيا لِلَّذِينَ آمَنُوا أي: صدقوا بوحدانية الله تعالى وَكانُوا يَتَّقُونَ الشرك.
وروي في الخبر: أن زوج زليخا مات، وبقيت امرأته زليخا. فجلست يوماً على الطريق، فمر عليها يوسف في حشمه، فقالت زليخا: الحمد لله الذي جعل العبد ملكاً بطاعته، وجعل الملك مملوكا بمعصيته. وتزوجها يوسف فوجدها عذراء، وأخبرت أن زوجها كان عنيناً، لم يصل إليها. ثم وقع القحط بالناس حتى أكلوا جميع ما في أيديهم، واحتاجوا إلى ما عند يوسف. وكان يوسف قد جمع في وقت الخصب مقدار ما يكفي السنين المجدبة للأكل والبيع، فجعل الناس يعطونه أموالهم: العروض، والرقيق، والعقار، وغير ذلك، ويأخذون منه الطعام.
ووقع القحط بأرض كنعان، حتى أصاب آل يعقوب الحاجة إلى الطعام، فقال يعقوب لبنيه: إنهم يزعمون أن بمصر ملكاً يبيع الطعام، فخرج بنو يعقوب وهم عشرة نحو مصر حتى أتوا يوسف فدخلوا عليه، وعليه زي الملوك فلم يعرفوه، فعرفهم يوسف، وكلموه بالعبرانية، فأرسل يوسف إلى الترجمان، وهو يعلم لسانهم. ولكنه أراد أن يشتبه عليهم، فذلك قوله تعالى: وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ يعني: عرف يوسف أنهم إخوته وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ يعني: لم يعرفوا أنه يوسف، لأنهم كانوا فارقوه في حال الصغر، وكان يوسف عليه زي الملوك، بخلاف ما كانوا كانوا رأوه في حال الصغر.
روى أسباط عن السدي وغيره، قال: استعمله الملك على مصر، وكان صاحب أمره الذي يلي البيع والتجارة. فبعث يعقوب بنيه إلى مصر، فَلَمَّا دَخَلُواْ على يُوسُفَ عرفهم. فلما نظر إليهم، قال: أخبروني ما أمركم؟ فإني أنكر شأنكم. قالوا: نحن قوم من أرض الشام. قال:
فما جاء بكم؟ قالوا: جئنا نمتار طعاماً. قال: كأنكم عيون كم أنتم؟ قالوا: عشرة. قال: أنتم عشرة آلاف، كل رجل منكم أمير ألف رجل، فأخبروني خبركم. قالوا: إنا إخوة بنو رجل صديق، وإنا كنا اثني عشر، فكان أبونا يحب أخاً لنا، وهو هلك في الغنم، ووجدنا قميصه ملطخاً بالدم، فأتينا به أبانا، فكان أحبنا إلى أبينا منا. قال: فإلى من سكن منكم أبوكم بعده؟
قالوا: إلى أخ له أصغر منه. قال: فكيف تخبروني أنه صديق، وهو يختار الصغير منكم دون الكبير؟ وكيف تخبروني أنه هلك، وبقي قميصه؟ فلو كان اللصوص قتلوه لأخذوا قميصه، ولو كان الذئب أكله لمزق قميصه. فإذا كلامكم متناقض، احبسوهم. ثم قال: إِن كُنتُمْ صادقين في مقالتكم، فخلفوا عندي بعضكم، واتوني بأخيكم هذا حتى أنظر إليه، فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ قالوا: اختر أينا شئت، فارتهن شمعون، ثم أمر يوسف بوفاء كيلهم، فذلك قوله تعالى: وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ يعني: كال لهم كيلهم، وأعطى كل واحد منهم حمل بعير، ثم قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ يعني: أفضل من يضيف ويكرم الذي نزل به فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ يعني: بأخيكم فَلا

صفحة رقم 199
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية