آيات من القرآن الكريم

إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ
ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ

﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ﴾ نُصب بإضمار اذكرْ وشروعٌ في القصة إنجازاً للوعد بأحسنِ الاقتصاصِ أو بدلٌ من أحسنَ القصصِ على تقدير كونِه مفعولاً بدلَ اشتمالٍ فإن اقتصاصَ الوقتِ المشتملِ على المقصوص من حيث اشتمالُه عليه اقتصاصٌ للمقصوص ويوسُفُ اسمٌ عبريٌّ لا عربيٌّ لخلوّه عن سبب آخرَ غيرِ التعريف وفتح السين وكسرها على بعض القراءات بناءً على التلعّب به لا على أنه مضارعٌ بُني للمفعول أو الفاعلِ من آسَف لشهادة المشهورة بعجمته
﴿لأَبِيهِ﴾ يعقوبَ بن إسحق بن إبراهيمَ عليهمْ الصلاةُ والسلامُ وَقَدْ روي عنه ﷺ إن الكريمَ بنَ الكريمِ بن الكريم بن الكريم يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحق بنِ إبراهيمَ
﴿يا أبت﴾ أصله يا أبي فعوِّض عن الياء تاءُ التأنيثِ لتناسُبهما في الزيادة فلذلك قُلبت هاءً في الوقف على قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوبَ وكسرتُها لأنها عوضٌ عن حرف يناسبها وفتحها ابنُ عامر في كل القرآن لأنها حركةُ أصلها أو لأن الأصلَ يا أبتا فحُذف الألف وبقي الفتحة وإنما لم يُجز يا أبتي لأنه جمعٌ بين العِوض والمعوَّض وقرىء بالضم إجراءً لها مُجرى الألفاظِ المؤنثة بالتاء من غير اعتبار التعويضِ وعدم تسكينها كأصلها لأنها حرفٌ صحيحٌ منزلٌ منزلةَ الاسمِ فيجب تحريكها ككاف الخطاب
﴿إِنّى رَأَيْتُ﴾ من الرؤيا لا من الرؤية لقوله لا تقصص رؤياك هذا تَأْوِيلُ رؤياى ولأن الظاهرَ أن وقوعَ مثلِ هذه الأمور البديعةِ في عالم الشهادةِ لا يختصُّ برؤيةِ راءٍ دون راءٍ فيكون طامّةً كبرى لا يخفى على أحد من الناس
﴿أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا والشمس والقمر﴾

صفحة رقم 251

رُويَ عنْ جابرٌ رضيَ الله عْنهُ أن يهودياً جاء إلى رسول الله ﷺ فقال أخبرني يا محمد عن النجوم التي رآهن يوسُف عليه السلام فسكت النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم فنزلَ جبريلُ عليه السَّلامُ فأخبره بذلك فقال ﷺ إذا أخبرتك بذلك هل تسلم فقال نعم قال ﷺ جريان والطراق والذيال وقابسُ وعمودان والفليقُ والمصبحُ والضّروحُ والفرعُ ووثّابُ وذو الكتفين رآها يوسف عليه السلام والشمس والقمر نزلن من السماء وسجَدْن له فقال اليهوديُّ إي والله إنها لأسماؤها وقيل الشمس والقمر أبواه وقيل أبوه وخالتُه والكواكبُ إخوتُه وإنما أُخِّر الشمسُ والقمر عن الكواكب لإظهار مزيتِهما وشرفِهما على سائر الطوالع بعطفهما عليها كما في عطف جبريلَ وميكائيلَ على الملائكة عليهم السلام وقد جُوِّز أن تكون الواو بمعنى مع أي رأيت الكواكبَ مع الشمس والقمر ولا يبعُد أن يكون ذلك إشارةً إلى تأخر ملاقاتِه عليه السلام لهما عن ملاقاته لإخوته وعن وهب أن يوسفَ عليه السلام رأى وهو ابنُ سبعِ سنين أن إحدى عشرةَ عصاً طِوالاً كانت مركوزة في الأرض كهيئة الدارة وإذا عصاً صغيرةٌ تثب عليها حتى اقتلعتْها وغلبتْها فوصف ذلك لأبيه فقال إياك أن تذكرَ هذا لإخوتك ثم رأى وهو ابن ثنتي عشرةَ سنةً الشمسَ والقمرَ والكواكبَ تسجُد له فقصّها على أبيه فقال لا تقصَّها عليهم فيبغوا لك الغوائل وقيل كان بين رؤيا يوسفَ ومصير إخوتِه إليه أربعون سنةً وقيل ثمانون
﴿رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ﴾ استئنافٌ ببيان حالِهم التي رآهم عليها كأن سائلاً سأل فقال كيف رأيتهم فأجاب بذلك وإنما أُجريت مُجرى العقلاءِ في الضمير لوصفها بوصف العقلاء أعني السجود وتقديمُ الجار والمجرور لإظهار العنايةِ والاهتمام بما هو الأهمُّ مع ما في ضمنه من رعاية الفاصلة

صفحة رقم 252
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية