
السورة أحسن القصص من بين سائر الأقاصيص هو ما تضمنته هذه القصة من العبر والحكم، وما اشتملت عليه من التوحيد والفقه والسّير وتعبير الرؤيا، والسياسة والمعاشرة وتدبير المعاش، وجميل الفوائد التي تصلح للدين والدنيا، وذكر الأنبياء والصالحين، والملائكة والشياطين، والجنّ والإنس، والأنعام والطير، وأخبار الملوك والممالك، والتجار والعلماء والجهّال، والرجال والنساء وحيلهن ومكرهن.
فهي قصة جامعة شاملة للدين والدنيا والحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأدبية الملأى بالعبر والعظات، ولعل من أهمها الصبر على الأذى والعفو عند المقدرة.
الفصل الأول من قصة يوسف عليه السّلام رؤيا يوسف وتعبير يعقوب الرؤيا
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٤ الى ٦]
إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٤) قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥) وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦)
الإعراب:
إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ إِذْ في موضع نصب على الظرف، وعامله (الغافلين) وهو

بدل اشتمال من أَحْسَنَ الْقَصَصِ لأن الوقت مشتمل على القصص وهو المقصوص، أو بإضمار «اذكر».
ويُوسُفُ ممنوع من الصرف للعلمية (التعريف) والعجمة، ووزنه يفعل، وليس في كلام العرب يفعل.
يا أَبَتِ من قرأ بكسر التاء، جعلها بدلا عن ياء الإضافة، ويوقف عليها بالهاء عند سيبويه لأنه ليس ثمّ «ياء» مقدرة. وذهب الفراء إلى أن الياء في النّية، والوقف عليها بالتاء، وعليه أكثر القراء اتباعا للمصحف.
ومن قرأ بفتح التاء ففيه وجهان: إما أصله «يا أبتي» فأبدل من الكسرة فتحة، ومن الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الألف فصارت يا أَبَتِ. وإما أنه محمول على قول من قال: يا طلحة بفتح التاء، كأنه قد رخّم، ثم ردّ التاء وفتحها، تبعا لفتح الحاء، فقال:
يا طلحة.
رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ أجرى الكواكب والشمس والقمر مجرى العقلاء لأن السجود من صفات من يعقل، فوصفها بصفات من يعقل. وساجِدِينَ حال من الهاء والميم في رَأَيْتُهُمْ.
فَيَكِيدُوا منصوب بأن مضمرة، وعدي باللام مع أنه متعد بنفسه، لتضمينه معنى فعل يتعدى باللام، للتأكيد والمبالغة في التخويف.
البلاغة:
إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ.. فيها استعارة لأن الكواكب والمذكور معها مما لا يعقل، فكان الأصل أن يقال: ساجدة، فلما وصفها بصفات العقلاء وهو السجود، أطلق عليها فعل من يعقل على طريق الاستعارة.
كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ تشبيه مرسل مجمل.
المفردات اللغوية:
إِذْ قالَ أي ذكر، أو بدل من أَحْسَنَ الْقَصَصِ بدل اشتمال إن جعل أَحْسَنَ مفعولا به لِأَبِيهِ هو يعقوب،
روى أحمد والبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم».
إِنِّي رَأَيْتُ في المنام من الرؤيا لا من الرؤية. أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً هم إخوة يوسف، وكانوا أحد عشر، والشمس والقمر: أبوه

وأمه. رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ إما تأكيد، أو استئناف لبيان حالهم التي رآهم عليها، فلا تكرار.
وإنما أجريت مجرى العقلاء لوصفها بصفاتهم، وهو السجود الذي هو من صفات العقلاء. والسجود المراد هنا: هو الانحناء، مبالغة في الاحترام، وليس سجود عبادة لأن سجود العبادة لا يكون إلا بنية التقرب لمن يعتقد أن له عليه سلطانا غيبيا فوق السلطان المعتاد.
لا تقصص رؤياك قص الرؤيا: الإخبار بها، والرؤيا كالرؤية، غير أنها مختصة بما يكون في النوم، ففرق بينهما، بتاء التأنيث المربوطة، كالقربة والقربى. والرؤيا: انطباع الصورة المنحدرة من الخيال إلى الحس المشترك، فتصير مشاهدة. فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً يحتالون في هلاكك حسدا.
عَدُوٌّ مُبِينٌ ظاهر العداوة لما فعل بآدم وحواء. وَكَذلِكَ ومثل ذلك الاجتباء.
يَجْتَبِيكَ يختارك ويصطفيك، أي وكما اجتباك ربك لمثل هذه الرؤيا العظيمة الدالة على شرف وعز، كذلك يجتبيك ربك لأمور عظام. وَيُعَلِّمُكَ كلام مبتدأ غير داخل في حكم التشبيه، كأنه قيل: وهو يعلمك ويتم نعمته عليك. مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ تعبير الرؤيا: أي الإخبار بما يؤول إليه الشيء في الوجود، وسميت الرؤيا أحاديث باعتبار حكايتها والتحديث بها، وتعبير الرؤيا يميز بين أحاديث الملك الصادقة وبين أحاديث النفس والشيطان الكاذبة.
وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ بالنبوة. وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ أي أهله وأولاده. والآل: خاص بمن لهم شرف وخطر. كَما أَتَمَّها بالنبوة. مِنْ قَبْلُ اي من قبلك أو من قبل هذا الوقت.
عَلِيمٌ بخلقه وبمن يستحق الاجتباء. حَكِيمٌ في صنعه بهم، يفعل الأشياء على ما ينبغي.
المناسبة:
هذا شروع في بيان أحسن القصص، وهذه بداية مثيرة مجملة في حلقات أو فصول قصة يوسف، تجتذب ذهن القارئ والسامع لتعرف ما هو المصير، وكيف يتم حل اللغز المبهم المبدوء بقصّ يوسف رؤياه الغريبة على أبيه وهو صغير، وما أجابه به، من إخفاء الرؤيا على إخوته حتى لا يحسدوه ويكيدوا له وهذا.
الأسلوب يحتذيه واضعو القصص، إذ يبدءون القصة بلغز أو نبأ مثير، ثم يتدرجون في حل اللغز وبيان أبعاد النبأ وحقيقته.
هل أبناء يعقوب أنبياء؟
يفسر بعض المفسرين الأسباط في آية قُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا

وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ
[البقرة ٢/ ١٣٦] بأنهم إخوة يوسف وأنهم أنبياء. والصحيح كما ذكر ابن كثير أن الأسباط ليسوا أولاد يعقوب، وإنما هم القبائل من ذرية يعقوب لأن بطون بني إسرائيل يقال لهم: الأسباط، كما يقال للعرب قبائل، وللعجم شعوب «١».
التفسير والبيان:
اذكر يا محمد لقومك قصة يوسف حين قال لأبيه يعقوب: إني رأيت في منامي أن أحد عشر كوكبا والشمس والقمر تسجد لي، سجود احترام وانحناء وخضوع وتواضع، لا سجود عبادة، وقد وصف فعل غير العاقل بوصف العاقل وهو السجود، للدلالة على أنها رؤيا إلهام، لا مجرد أضغاث أحلام. قال ابن عباس: رؤيا الأنبياء وحي. والرؤيا الصالحة جزء من النبوة، ونوع من الإخبار بالغيب إذ رآها صالح وتأولها عالم صالح. وتكون بارتسام الوقائع على الروح الصافية، وتظهر غالبا موافقة لحديث النفس.
والأحد عشر كوكبا هم إخوته الأحد عشر نفرا، والكواكب هم الإخوة، والشمس والقمر أبوه وأمه. وهذا رأي جماعة من المفسرين لأن الكواكب لا تسجد في الحقيقة، فيحمل الكلام على الرؤيا، ولقول يعقوب عليه السّلام:
لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ.
وذكر ابن جرير الطبري عن جابر قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلّم رجل من يهود، يقال له: بستانة اليهودي، فقال له: يا محمد، أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف أنها ساجدة له، ما أسماؤها؟ قال فسكت النبي صلى الله عليه وسلّم ساعة، فلم يجبه بشيء، ونزل عليه جبريل عليه السّلام، فأخبره بأسمائها، قال: فبعث

رسول الله صلى الله عليه وسلّم إليه، فقال «هل أنت مؤمن إذا أخبرتك بأسمائها؟» فقال:
نعم، قال: «جريان، والطارق والذيال، وذو الكنفات، وقابس، ووثاب، وعمودان، والفليق، والمصبح، والضروح، ودو الفرغ، والضياء والنور» فقال اليهودي: إي والله إنها لأسماؤها «١».
قالَ: يا بُنَيَّ.. قال يعقوب لابنه يوسف حين قص عليه ما رأى من هذه الرؤيا المتضمنة خضوع إخوته له وتعظيمهم إياه إجلالا واحتراما وإكراما:
لا تخبر إخوتك بما رأيت، حتى لا يحسدوك، ويحتالوا لك حيلة توقعك في مكروه، فإن الشيطان عدو لآدم وبنيه، ومن دأبه إيقاع الفتنة بين الناس، كما قال يوسف نفسه: مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي [يوسف ١٢/ ١٠٠].
وثبت في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «إذا رأى أحدكم ما يحب، فليحدّث به، وإذا رأى ما يكره، فليتحول إلى جنبه الآخر، وليتفل عن يساره ثلاثا، وليستعذ بالله من شرها، ولا يحدث بها أحدا، فإنها لن تضره» «٢».
وروى الإمام أحمد وبعض أهل السنن عن معاوية بن حيدة القشيري أنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبّر، فإذا عبرت وقعت».
وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ.. أي كما اختارك ربك، وأراك هذه الكواكب مع الشمس والقمر ساجدة لك، يختارك لنفسه ويصطفيك لنبوته على آلك وغيرهم، ويعلمك تعبير الرؤيا.
وتعبير الرؤيا: الإخبار بما تؤول إليه في الوجود. وتعليم الله يوسف التأويل:
(٢) رواه البخاري عن أبي سلمة.

إلهامه الصواب فيها، أو صدق الفراسة، كما قال يوسف لأبيه: هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ، قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا [يوسف ١٢/ ١٠٠] وقال لصاحبي السجن: لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما، ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي [يوسف ١٢/ ٣٧] وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ... أي بإرسالك والإيحاء إليك، وعلى آل يعقوب، أي أبيك وإخوتك وذريتهم، وآل الإنسان: أهله، وهو خاص بمن لهم مجد وشرف، كآل النبي صلى الله عليه وسلّم.
كَما أَتَمَّها.. أي كإتمام تلك النعمة من قبل هذا الوقت على جدك إسحاق، وجد أبيك إبراهيم، وقدم إبراهيم لأنه الأشرف، إن ربك عليم بخلقه وبمن يستحق الاجتباء والاصطفاء، فهو أعلم حيث يجعل رسالته، كما في آية أخرى، حكيم في صنعه وتدبيره، يفعل الأشياء على ما ينبغي.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يلي:
١- رؤيا الأنبياء حق، ورؤيا الصالحين جزء من النبوة، والكواكب هي إخوة يوسف، والشمس والقمر أبوه وأمه، وهذا هو الأصح. قال الحكماء: إن الرؤيا الرديئة يظهر تعبيرها عن قريب، والرؤيا الجيدة إنما يظهر تعبيرها بعد حين.
والرؤيا حالة شريفة ومنزلة رفيعة،
قال صلى الله عليه وسلّم فيما رواه البخاري عن أبي هريرة: «لم يبق بعدي من المبشّرات: الرؤيا الصالحة الصادقة، يراها الرجل الصالح، أو ترى له»
وقال في رواية لحديث عند الشيخين عن أبي هريرة: «أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا»
وحكم صلى الله عليه وسلّم فيما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري بأنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة
، وهو أصح الروايات.
وإنما كانت الرؤيا جزءا من النبوة لأن فيها ما يعجز ويمتنع، كالطيران،

وقلب الأعيان، والاطلاع على شيء من علم الغيب. والرؤيا الصادقة من الله، وهي التي خلصت من الأضغاث «١» والأوهام،
قال صلى الله عليه وسلّم فيما رواه الشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي قتادة: «الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان».
والتصديق بالرؤيا الصالحة حق.
أما رؤيا الكافر والفاجر والفاسق والكاذب، وإن صدقت رؤياهم في بعض الأوقات لا تكون من الوحي ولا من النبوة إذ ليس كل من صدق في حديث عن غيب، يكون خبره ذلك نبوة. ومن المعلوم أن الكاهن وغيره قد يخبر بكلمة الحق فيصدق، لكن ذلك نادر وقليل، فكذلك رؤيا هؤلاء.
وحقيقة الرؤيا: هي إدراك حقيقة في أثناء النوم، وأكثر ما تكون في آخر الليل، لقلة غلبة النوم، وتسمى أحلام اليقظة، فيخلق الله للرائي علما ناشئا.
ولا يرى الرائي في المنام إلا ما يصح إدراكه في اليقظة، فلا يرى المستحيل، وإنما يرى الجائزات المعتادات. ويمثل الله في الرؤيا للرائي صورة محسوسة، قد توافق الواقع، وقد تكون لمعاني معقولة غير محسوسة، وفي الحالتين قد تكون مبشّرة أو منذرة.
٢- لا تقص الرؤيا على غير عالم ولا محب ولا ناصح، ولا على من لا يحسن التأويل فيها،
أخرج الترمذي حديثا: «الرؤيا معلّقة برجل طائر، ما لم يحدّث بها صاحبها، فإذا حدّث بها وقعت، فلا تحدّثوا بها إلا عاقلا أو محبّا أو ناصحا».
٣- يطلب كتمان النعمة أمام من تخشى غائلته حسدا وكيدا، حتى توجد وتظهر، كما ورد في حديث أخرجه الطبراني والبيهقي وغيرهما عن عمر:
«استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود».

٤- يباح أن يحذّر المسلم أخاه المسلم ممن يخافه عليه، ولا يكون داخلا في معنى الغيبة لأن يعقوب (إسرائيل) عليه السّلام قد حذّر يوسف عليه السّلام أن يقص رؤياه على إخوته، فيكيدوا له كيدا.
٥- في الآية دليل واضح على معرفة يعقوب عليه السّلام بتأويل الرؤيا، فإنه عرف أن يوسف سيظهر على إخوته، فسّره ذلك ودل على أن محبته له كانت مبنية على مقومات فيه، والرجل يودّ أن يكون ولده خيرا منه، أما الأخ فلا يودّ ذلك لأخيه.
ودلت الآية أيضا على أن يعقوب عليه السّلام كان أحسّ من بنيه حسد يوسف وبغضه، فنهاه عن قص الرؤيا عليهم خوف المكيدة والحسد، والعمل على هلاكه. ودل هذا وفعلهم بيوسف يدل على أنهم كانوا غير أنبياء لأن الأنبياء معصومون من الحسد الدنيوي، ومن عقوق الآباء، وتعريض مؤمن للهلاك، وتآمر على قتله.
٦- اشتمل كلام يعقوب مع ابنه يوسف على عدة بشائر، فأخبره أنه كما أكرمه الله بالرؤيا، فإن الله يجتبيه ويحسن إليه بتحقيق الرؤيا، بالسجود له.
والاجتباء: اختيار معالي الأمور للمجتبى، ويعلمه كيفية تعبير الرؤيا وتأويل أحاديث الأمم والكتب ودلائل التوحيد، وهي إشارة إلى النبوة، ويتم نعمته عليه بالنبوة، كما أتم تلك النعمة على أجداده: إسحاق وإبراهيم، فجعل الله إبراهيم خليلا ونبيا ونجاه من النار، وجعل إسحاق نبيا أيضا، وفي قول غير راجح: إنه الذبيح، والنعمة: الذبح.
والخلاصة: إن القول الصحيح في تفسير النعمة على يوسف وغيره هي النبوة لأن النعمة التامة في حق البشر ليست إلا النبوة، وكل ما سواها فهي ناقصة بالنسبة إليها. وإن يعقوب وعد يوسف بدرجات ثلاث: هي الاجتباء أو الاصطفاء، وتعبير الرؤيا أو تأويلها، والنبوة