آيات من القرآن الكريم

إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ
ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ

المعنى:
تلك آيات هذه السورة هي آيات الكتاب المبين الظاهر الذي أوضح المعنى وبين المقصود من القصة بأجلى بيان، ولعله وصفه هنا بالبيان لهذا، وفي سورة يونس لما تعرضت لبيان التوحيد والبعث والجزاء ورسالة النبي صلّى الله عليه وسلّم وللتحدى بالقرآن إلى آخر ما مضى ناسب بدؤها بقوله: تلك آيات الكتاب الحكيم والله أعلم بكلامه.
إنا أنزلنا هذا الكتاب حالة كونه يقرأ بلغتكم يا معشر العرب ويبين لكم كل شيء، ويجمع لكم كل خبر بلسان عربي مبين ظاهر، يعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من قصص وأخبار، وحكم وحكمة، وسياسة واجتماع، ودين ودولة كل هذا بلغتكم رجاء أن تقفوا على تلك المعاني، وهذه الأغراض التي تخرج فردا مسلما وأسرة مسلمة ومجتمعا نظيفا مسلما وحكومة إسلامية قوية.
نحن نقص عليك أيها الرسول أحسن القصص والحديث بيانا وأسلوبا وإحاطة وكمالا من كل ناحية، وأحسن ما يقص ويتحدث عنه في الموضوع والغاية، فالقرآن كامل في قصصه شكلا وموضوعا، نحن نقصه بإيحائنا إليك هذه السورة من القرآن إذ جاءت فيها قصة يوسف كاملة تامة مفصلة مع اشتمالها على ما يوضح العقيدة ويثبتها ويبين أثرها في حياة الفرد والجماعة.
وإن كنت يا محمد من قبل هذا لمن الغافلين شأنك شأن قومك لا يعرفون من أخبار الماضين وغيرهم شيئا.
يوسف في دور الطفولة مع أبيه وقد رأى الرؤيا [سورة يوسف (١٢) : الآيات ٤ الى ٦]
إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٤) قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥) وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦)

صفحة رقم 159

المفردات:
يَجْتَبِيكَ الاجتباء من اجتبيت الشيء إذا خلصته لنفسك والجبابة: جمع الشيء النافع كالماء، والمال للسلطان تَأْوِيلِ الأخبار بما تؤول إليه الرؤيا في الوجود.
يعقوب- إسرائيل- بن إسحاق بن إبراهيم- عليهم الصلاة والسلام-، كان له أولاد اثنا عشر من أربع نساء.
وكان من بينهم يوسف وأخوه بنيامين من امرأته راحيل بنت خاله لابان، وكان يوسف جميل المنظر تبدو عليه مخايل الشرف والكرامة والخلق والنبل وتلوح عليه أمارات النبوة والرسالة، ولذا كان مقربا لدى أبيه، أثيرا عنده خصوصا بعد الرؤيا التي كانت سببا في محنته والتي هي خير وبركة في النهاية عليه وعلى شعب مصر.
المعنى:
اذكر أيها الرسول إذ قال يوسف لأبيه، وهذا شروع في بيان أحسن القصص.
قال يوسف لأبيه: يا أبتي إنى رأيت في منامي أحد عشر كوكبا. والشمس والقمر رأيتهم جميعا لي ساجدين سجود انحناء وخضوع وانظر إلى قوله: رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ، وهذه عبارة تقال في سجود العقلاء المكلفين! ولذا فهم أبوه أنها رؤيا إلهام ليست أضغاث أحلام.
فهم يعقوب من هذه الرؤيا أنه سيكون ليوسف شأن عظيم وسيسود قومه حتى أباه وأمه وإخوته، وخاف أن يسمع إخوته بها فيحسدوه ويكيدوا له كيدا فنهاه عن أن يقص رؤياه على إخوته: يا بنى العزيز لا تقص رؤياك على إخوتك فإنى أخاف إن قصصتها يحسدوك فيكيدوا لك كيدا، ويدبروا لك أمرا ولا تعجب يا بنى من ذلك فإن الشيطان للإنسان عدو مبين، لا تفوته فرصة من دواعي النفس الأمارة بالسوء

صفحة رقم 160
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية