
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة يوسف عليه السلاممكية
قوله تعالى: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الكتاب المبين﴾ إلى قوله ﴿سَاجِدِينَ﴾
قد تقدم الكلام في ﴿الر﴾. و ﴿تِلْكَ﴾ عند الطبري بمعنى " هذه ". والمعنى: تلك آيات الكتاب المبين: " حلاله وحرامه، ورشده وهُداه ".
﴿إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ﴾ الهاء تعود على خبر يوسف، وهو اختيار صفحة رقم 3495

النحاس، وغيره. أي:
إنا أنزلنا خبر يوسف، وذلك أن اليهود سألوا النبي، ﷺ: لِمَ انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر، وعن خبر يوسف. فأنزل الله، ( تعالى) هذا بمكة موافقاً لما في التوراة، وفيه زيادة ليس عندهم.
وقيل: إن " الهاء " تعود على الكتاب المبين، وهو القرآن. ومعنى: ﴿إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً﴾ آية: أي: مجموعاً، مبيناً عربياً. ﴿لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾: أي: ﴿تَعْقِلُونَ﴾ آية: أن محمداً إذا أتاكم بأخبار الغيب، وهو ممن لا يقرأ كتاباً.

وقيل: معناه: إنه أنزله عربياً لينقطع عذر العرب، إذ نزل بلسانهم، فمعنى: (تعقلون): أي: لتعقلوا ما أنزل عليكم، ولا عذر لكم في ترك فهمه، إذ هو بلسانكم.
ثم قال تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص﴾: أي: نحن نخبرك يا محمد عن (ال) أمم الماضية، والقرون السالفة أحسن الخبر، وأصحَّه. وما كنت يا محمد من قبل أن ينزل عليك هذا ﴿القرآن وَإِن﴾ من الغافلين عن هذه القصص، والأخبار. وقيل: معنى نقص: نبين.
وقال ابن عباس: قال أصحاب النبي ﷺ، ( له): لو قصصت علينا فنزلت ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص﴾.
وروي أن أصحاب النبي ﷺ، ملُّوا ملَّة. فقالوا:

يا رسول الله! حدثنا. فأنزل الله تعالى: ﴿ الله﴾ ﴿نَزَّلَ﴾ ﴿أَحْسَنَ الحديث كِتَاباً مُّتَشَابِهاً﴾ [الزمر: ٢٣].
ثم قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يا أبت﴾، العامل في " إذ " الغافلين.
وقرأ طلحة بن مصرف ﴿يُوسُفُ﴾ بالهمزة وكسر السين.
وحكى ابن زيد: يؤسف بالهمزة، وفتح السين. والوقف عند سيبويه وأصحابه على " يا أبه بالهاء، لأن الهاء بدل من الياء التي للإضافة. ومذهب

الفراء: الوقف بالتاء، لأن الياء عنده في النية.
ومن فتح التاء، فلأنها (أ) شبهت بالهاء التي هي علامة التأنيث، كما قال الشاعر: كليني لهم يا أميمة ناصب. وهذا مذهب سيبويه.
وقال قُطْرُب: وهو أحد قولي الفراء، لأن الأصل: يا أبتا (هـ)، ثم حذفت الألف. ويكون الوقف على قول سيبويه بالهاء، وهو قول أحد الفراء الآخر.
والندبة في هذا لا يجوز، إذ ليس هو من مواضعها. والعلة التي من أجلها

دخلت الهاء في هذا أن قولك: " أبوان ": تثنية الأب. واللام يوجب أن يكون يستعمل (أب وأبت) كما أن قولك: " والدان " للأب والأم يُوجب: " والد، ووالدة ".
فلما لم يستعمل " أبِهِ " استغنى باللام - استعمل ذلك في النداء في " الأب "، وأَجْرُوه مجرى ما وصف فيه المذكر مما فيه الهاء نحو: " علامة وَنَسَّابة.
وقال الفراء: إنما هي الهاء التي تزاد في الوقت، أكثر بها الكلام فنبهت بهاء التأنيث.
قرأ الحسن، أبو جعفر " أحد عْشْر " بإسكان العين لكثرة الحركات.

وقال: رأيتهم لأنه أخبر عنها بالسجود، وهو فعل من يعقل، ومثله: ﴿ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ﴾ [النمل: ١٨] و ﴿فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٦٣].
وقيل: لما كان تفسير ذلك واقعاً على إخوة يوسف، وأبيه، وخالته، أخبر عنهم، بالهاء والميم. وذلك حقهم في الحكاية، والإخبار عنهم.
قال ابن عباس: كانت الرؤيا فيهم وحياً. والأحد عشر هم: أخوة يوسف، والشمس أمه، والقمر أبوه. هذا قول ابن عباس، وغيره.
ويروى أن رؤيا يوسف كانت ليلة الجمعة، وكانت ليلة القدر، فأشفق يعقوب أن يحسده إخوته على ذلك. فنهاه أن يقصَّها عليهم.
وقال قتادة، وغيره: الشمس خالته، والقمر أبوه. وظهرت رؤيا