آيات من القرآن الكريم

إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
ﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ

سُورَةِ يُوسُفَ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ رَوَى الثَّعْلَبِيُّ وَغَيْرُهُ من طريق سلام بن سلم، وَيُقَالُ: سَلِيمٍ الْمَدَائِنِيِّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ عَنْ هَارُونَ بْنِ كَثِيرٍ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى جَهَالَتِهِ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم «علموا أرقاكم سُورَةَ يُوسُفَ، فَإِنَّهُ أَيُّمَا مُسْلِمٍ تَلَاهَا أَوْ عَلَّمَهَا أَهْلَهُ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَأَعْطَاهُ مِنَ الْقُوَّةِ أن لا يَحْسِدَ مُسْلِمًا»، وَهَذَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَا يصح لضعف إسناده بالكلية.
وقد ساقه الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ مُتَابِعًا مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ كَثِيرٍ بِهِ، ومن طريق شبابة عن محمد بن عبد الواحد النضري، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ نَحْوَهَ، وَهُوَ مُنْكَرٌ مِنْ سَائِرِ طُرُقِهِ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ أَنَّ طَائِفَةً مِنَ الْيَهُودِ حِينَ سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْلُو هَذِهِ السُّورَةَ أَسْلَمُوا لِمُوَافَقَتِهَا مَا عِنْدَهُمْ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابن عباس.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة يوسف (١٢) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ (٣)
أَمَّا الْكَلَامُ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَقَوْلُهُ: تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ أَيْ هَذِهِ آيَاتُ الْكِتَابِ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْمُبِينُ، أَيِ الْوَاضِحُ الْجَلِيُّ الَّذِي يُفْصِحُ عَنِ الْأَشْيَاءِ الْمُبْهَمَةِ، وَيُفَسِّرُهَا وَيُبَيِّنُهَا إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَذَلِكَ لِأَنَّ لُغَةَ الْعَرَبِ أَفْصَحُ اللُّغَاتِ وَأَبْيَنُهَا وَأَوْسَعُهَا وَأَكْثَرُهَا تَأْدِيَةً لِلْمَعَانِي الَّتِي تَقُومُ بِالنُّفُوسِ، فَلِهَذَا أُنْزِلَ أَشْرَفُ الْكُتُبِ بِأَشْرَفِ اللُّغَاتِ، عَلَى أَشْرَفِ الرُّسُلِ بِسِفَارَةِ أَشْرَفِ الْمَلَائِكَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَشْرَفِ بِقَاعِ الْأَرْضِ، وَابْتَدَئَ إِنْزَالُهُ فِي أَشْرَفِ شُهُورِ السَّنَةِ، وَهُوَ رَمَضَانُ، فَكَمُلَ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ بِسَبَبِ إِيحَائِنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ.

صفحة رقم 313

وقد ورد فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا حَكَّامٌ الرَّازِّيُّ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
قَالُوا: يَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قَصَصْتَ عَلَيْنَا؟ فَنَزَلَتْ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ، وَرَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ مُرْسَلًا. وَقَالَ أَيْضًا «٢» : حَدَّثَنَا محمد بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، أنبأنا خالد الصَّفَّارُ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القرآن. قال: فتلاه عَلَيْهِمْ زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ قَصَصْتَ عَلَيْنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِلَى قَوْلِهِ:
لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ثم تلاه عَلَيْهِمْ زَمَانًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ حَدَّثْتَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ الآية، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ المنقري بِهِ.
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ «٣» بِسَنَدِهِ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَلَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مَلَّةَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنَا، فأَنْزَلَ اللَّهُ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ثُمَّ مَلُّوا مَلَّةً أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنَا فَوْقَ الْحَدِيثِ، وَدُونَ الْقُرْآنِ يَعْنُوِنُ الْقَصَصَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ الآية، فَأَرَادُوا الْحَدِيثَ، فَدَلَّهُمْ عَلَى أَحْسَنِ الْحَدِيثِ، وَأَرَادُوا الْقَصَصَ فَدَلَّهُمْ عَلَى أَحْسَنِ الْقَصَصِ.
وَمِمَّا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى مَدْحِ الْقُرْآنِ، وَأَنَّهُ كَافٍ عَنْ كُلِّ مَا سواه من الكتب ما رواه الإمام أحمد «٤» : حدثنا سريج بن النعمان، أنبأنا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا مَجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فغضب وقال «أمتهوّكون فيها يا ابن الْخَطَّابِ؟
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُونَهُ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُونَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بيده، لو أن موسى كان حيّا ما وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي»
.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٥» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: جَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِأَخٍ لِي مِنْ قُرَيْظَةَ، فَكَتَبَ لِي جَوَامِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ أَلَا أَعْرِضُهَا عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال

(١) تفسير الطبري ٧/ ١٤٧.
(٢) تفسير الطبري ٧/ ١٤٨.
(٣) تفسير الطبري ٧/ ١٤٧، ١٤٨.
(٤) المسند ٣/ ٣٧٨.
(٥) المسند ٣/ ٣٦٥، ٣٦٦.

صفحة رقم 314

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ: فَقُلْتُ لَهُ: أَلَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: رَضِينَا بِاللَّهِ رِبَّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا. قَالَ: فَسُرِّيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ، إِنَّكُمْ حَظِّي مِنَ الْأُمَمِ، وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنَ النَّبِيِّينَ».
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ إِذْ أُتِيَ بِرَجُلٍ مَنْ عَبَدَ الْقَيْسِ مَسْكَنُهُ بِالسُّوسِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْعَبْدِيُّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَأَنْتَ النَّازِلُ بِالسُّوسِ «١» ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَضَرَبَهُ بِقَنَاةٍ مَعَهُ، قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا لِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اجْلِسْ فَجَلَسَ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ- إِلَى قَوْلِهِ- لَمِنَ الْغافِلِينَ فقرأها عليه ثَلَاثًا، وَضَرَبَهُ ثَلَاثًا، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ:
مَا لِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي نَسَخْتَ كِتَابَ دَانْيَالَ. قَالَ: مُرْنِي بِأَمْرِكَ أَتَّبِعْهُ، قَالَ:
انْطَلَقَ فَامْحُهُ بِالْحَمِيمِ «٢» وَالصُّوفِ الْأَبْيَضِ ثُمَّ لَا تَقْرَأْهُ وَلَا تُقْرِئْهُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ فَلَئِنْ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قَرَأْتَهُ أَوْ أَقَرَأْتَهُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ لَأَنْهَكَنَّكَ عُقُوبَةً «٣».
ثُمَّ قَالَ، لَهُ اجْلِسْ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا فَانْتَسَخْتُ كِتَابًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ فِي أَدِيمٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا فِي يَدِكَ يَا عُمَرُ؟» قَالَ: قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ كِتَابٌ نَسَخْتُهُ لِنَزْدَادَ بِهِ عِلْمًا إِلَى عِلْمِنَا، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، ثُمَّ نُودِيَ بالصلاة جامعة، فقالت الأنصار: أغضب نبيكم الله صلى الله عليه وسلم؟ السلاح السلاح، فجاؤوا حَتَّى أَحْدَقُوا بِمِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِيمَهُ، وَاخْتُصِرَ لِيَ اخْتِصَارًا، وَلَقَدْ أَتَيْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، فَلَا تَتَهَوَّكُوا وَلَا يَغُرَّنَّكُمُ الْمُتَهَوِّكُونَ».
قَالَ عُمَرُ: فَقُمْتُ فَقُلْتُ: رَضِيتُ بِاللَّهِ رِبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِكَ رَسُولَا، ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ مُخْتَصَرًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ بِهِ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ هُوَ أَبُو شَيْبَةَ الْوَاسِطِيُّ، وَقَدْ ضَعَّفُوهُ وَشَيْخَهُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يَصِحُّ حَدِيثُهُ.
قُلْتُ: وَقَدْ رُوِيَ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، فَقَالَ الْحَافِظُ أبو بكر أحمد بن إبراهيم

(١) السوس: بلدة بخوزستان، وجد فيها دانيال، فدفن في نهرها تحت الماء، وغمر قبره، وموضعه ظاهر يزار.
(٢) الحميم: الماء الحار.
(٣) أنهكه عقوبة: أي بالغ في عقوبته.

صفحة رقم 315
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية