
١٨٣٥٦- حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (عصيب)، : شديد
١٨٣٥٧- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: (هذا يوم عصيب)، يقول شديد.
١٨٣٥٨- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: (هذا يوم عصيب)، أي يوم بلاء وشدة.
١٨٣٥٩- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (يوم عصيب)، شديد.
١٨٣٦٠- حدثني علي قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (وقال هذا يوم عصيب)، أي: يوم شديد.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وجاء لوطًا قومه يستحثون إليه، يُرْعَدون مع سرعة المشي، مما بهم من طلب الفاحشة.
* * *
يقال: "أهْرِعَ الرجل "، من برد أو غضب أو حمَّى، إذا أرعد، "وهو مُهْرَع"، إذا كان مُعْجلا حريصًا، كما قال الراجز:

(١)
* بِمُعْجَلاتٍ نَحْوَهُ مَهَارِع * (٢)
ومنه قول مهلهل:
فجاؤوا يُهْرَعُونَ وهمْ أُسارَى تَقُودُهُمُ على رَغمِ الأُنُوفِ (٣)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
١٨٣٦١- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (يُهْرَعون إليه)، قال: يهرولون، وهو الإسراع في المشي.
١٨٣٦٢- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١٨٣٦٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه.
١٨٣٦٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد والمحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: (وجاءه قومه يهرعون إليه)، قال: يسعون إليه.
١٨٣٦٥- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: قال: فأتوه يهرعون إليه، يقول: سراعًا إليه.
١٨٣٦٦- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (يهرعون إليه)، قال: يسرعون إليه.
١٨٣٦٧- حدثنا موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وجاءه قومه يهرعون إليه)، يقول: يسرعون المشي إليه.
١٨٣٦٨- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا يحيى بن
(٢) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٩٤.
(٣) اللسان (هرع)، ولم أعرف سائر الشعر.

زكريا، عن ابن جريج، عن مجاهد: (وجاءه قومه يهرعون إليه)، قال: يهرولون في المشي = قال سفيان: (يهرعون إليه)، يسرعون إليه.
١٨٣٦٩- حدثنا سوار بن عبد الله قال، قال سفيان بن عيينة في قوله: (يهرعون إليه)، قال: كأنهم يدفعون.
١٨٣٧٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب قال، حدثنا حفص بن حميد، عن شمر بن عطية قال، أقبلوا يسرعون مشيًا بين الهرولة والجمز.
١٨٣٧١- حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي عن ابن عباس، قوله: (وجاءه قومه يهرعون إليه)، يقول: مسرعين.
* * *
وقوله: (ومن قبل كانوا يعملون السيئات)، يقول: من قبل مجيئهم إلى لوط، كانوا يأتون الرجال في أدبارهم، كما:-
١٨٣٧٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: (ومن قبل كانوا يعملون السيئات)، قال: يأتون الرجال.
* * *
وقوله: (قال يا قوم هؤلاء بناتي)، يقول تعالى ذكره: قال لوط لقومه لما جاؤوه يراودونه عن ضيفه: هؤلاء يا قوم بناتي = يعني نساء أمته = فانكحوهن فهنّ أطهر لكم، كما:-
١٨٣٧٣- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم)، قال: أمرهم لوط بتزويج النساء وقال: (هن أطهر لكم).
١٨٣٧٤- حدثنا محمد قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، قال: وبلغني هذا أيضًا عن مجاهد.
١٨٣٧٥- حدثنا ابن وكيع، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: (هؤلاء

بناتي هن أطهر لكم)، قال: لم تكن بناته، ولكن كنَّ من أمّته، وكل نبي أبُو أمَّته.
١٨٣٧٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن علية، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم)، قال: أمرهم أن يتزوجوا النساء، لم يعرضْ عليهم سفاحًا.
١٨٣٧٧- حدثني يعقوب قال، حدثنا أبو بشر، سمعت ابن أبي نجيح يقول في قوله: (هن أطهر لكم)، قال: ما عرض عليهم نكاحًا ولا سفاحًا. (١)
١٨٣٧٨- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) قال: أمرهم أن يتزوجوا النساء، وأراد نبي الله ﷺ أن يَقي أضيافه ببناته.
١٨٣٧٩- حدثني المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو جعفر عن الربيع، في قوله: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم)، يعني التزويج = حدثني أبو جعفر، عن الربيع في قوله: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم)، يعني التزويج. (٢)
١٨٣٨٠- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو النعمان عارم قال، حدثنا حماد بن زيد قال، حدثنا محمد بن شبيب الزهراني، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، في قول لوط: (هؤلاء بناتي هن أطهر كم)، يعني: نساءهم، هنّ بَنَاته، هو نبيّهم = وقال في بعض القراءة: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ)، [سورة الأحزاب: ٦]. (٣)
(٢) هكذا جاء التكرار في المخطوطة والمطبوعة، وأخشى أن يكون سقط من الإسناد شيء.
(٣) الأثر: ١٨٣٨٠ - " محمد بن شبيب الزهراني "، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ١ / ١١٤، وابن أبي حاتم ٣ / ٢ / ٢٨٥.

١٨٣٨١- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (وجاءه قومه يهرعون)، قالوا: أو لم ننهك أن تضيف العالمين؟ قال: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم)، إن كنتم فاعلين، أليس منكم رجل رشيد؟
١٨٣٨٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما جاءت الرسل لوطًا أقبل قومه إليهم حين أخبروا بهم يهرَعون إليه. فيزعمون، والله أعلم، أن امرأة لوط هي التي أخبرتهم بمكانهم، وقالت: إن عند لوط لضيفانًا ما رأيت أحسنَ ولا أجمل قطُّ منهم! وكانوا يأتون الرجالَ شهوة من دون النساء، فاحشةٌ، لم يسبقهم بها أحد من العالمين. فلما جاؤوه قالوا: أو لم ننهك عن العالمين؟ أي: ألم نقل لك: لا يقربنَّك أحدٌ، فإنا لن نجد عندك أحدًا إلا فعلنا به الفاحشة؟ قال: "يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم"، فأنا أفدي ضيفي منكم بهنّ، ولم يدعهم إلا إلى الحلال من النكاح.
١٨٣٨٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (هؤلاء بناتي)، قال: النساء.
* * *
واختلفت القراء في قراءة قوله: (هن أطهر لكم).
فقرأته عامة القراء برفع: (أَطْهَرُ)، على أن جعلوا "هن" اسمًا، "وأطهر" خبره، كأنه قيل: بناتي أطهرُ لكم مما تريدون من الفاحشة من الرجال.
* * *
وذكر عن عيسى بن عمر البصري أنه كان يقرأ ذلك: (هُنَّ أَطْهَرَ لَكُمْ)، بنصب "أطهر". (١)
* * *
وكان بعض نحويي البصرة يقول: هذا لا يكون، إنما ينصب خبر الفعل الذي لا يستغني عن الخبر إذا كان بين الاسم والخبر هذه الأسماء المضمرة.

وكان بعض نحويي الكوفة يقول: من نصبه جعله نكرةً خارجة من المعرفة، ويكون قوله: "هن" عمادًا للفعل فلا يُعْمِله.
* * *
وقال آخر منهم: مسموع من العرب: "هذا زيد إيَّاه بعينه"، قال: فقد جعله خبرًا لـ "هذا" مثل قولك: "كان عبد الله إياه بعينه". قال: وإنما لم يجز أن يقع الفعل ههنا، لأن التقريب ردُّ كلام، (١) فلم يجتمعا، لأنه يتناقض، لأنَّ ذلك إخبار عن معهود، وهذا إخبار عن ابتداء ما هو فيه: "ها أنا ذا حاضر"، أو: "زيد هو العالم"، فتناقض أن يدخل المعهودُ على الحاضر، فلذلك لم يجُزْ.
* * *
قال أبو جعفر: والقراءة التي لا أستجيز خلافها في ذلك، الرفع: (هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ)، لإجماع الحجة من قراء الأمصار عليه، مع صحته في العربية، وبعد النصب فيه من الصحة.
* * *
وقوله: (فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي)، يقول: فاخشوا الله، أيها الناس، واحذروا عقابه، في إتيانكم الفاحشة التي تأتونها وتطلبونها = (ولا تخزون في ضيفي)، يقول: ولا تذلوني بأن تركبوا مني في ضيفي ما يكرهون أن تركبُوه منهم. (٢)
* * *
و"الضيف "، في لفظ واحدٍ في هذا الموضع بمعنى جمع. والعرب تسمي الواحد والجمع "ضيفًا" بلفظ واحدٍ. كما قالوا: "رجل عَدْل، وقوم عَدْل".
* * *
(٢) انظر تفسير " الخزي " فيما سلف من فهارس اللغة (خزي).