آيات من القرآن الكريم

وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ
ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ

الأعداد بأنه من أجلهم لا يهلك القوم وذهب الرب عند ما فرغ من الكلام مع إبراهيم إلى مكانه) اه.
(إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) أي إنه جادل الملائكة فى عذاب قوم لوط، لأنه كان حليما لا يعجل بالانتقام من المسيء، كثير التأوّه مما يسوء الناس ويؤلمهم، يرجع إلى الله فى كل أموره.
(يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ، وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) أي يا إبراهيم أعرض عن الجدال فى أمر قوم لوط والاسترحام لهم، إنه قد نفذ فيهم القضاء وحقت عليهم الكلمة بالهلاك وحلول البأس الذي لا يرد عن القوم المجرمين، وإنهم آتيهم عذاب لا سبيل إلى دفعه ورده بجدل ولا شفاعة ولا بغيرهما.
وفى هذه الآية عبرة لمن يتخذ من الله أندادا من أوليائه، ويزعم أنهم يتصرفون فى الكون كما يريدون ولا يردّ لهم طلب كما قال: «لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ» وفيها أكبر رد عليهم فيما يتخرصون به، فهذا جدّ الأنبياء وأفضلهم بعد محمد ﷺ وهو إبراهيم نهاه الله عن التعرض لما قضى به فأراده.
قصة لوط عليه السلام
[سورة هود (١١) : الآيات ٧٧ الى ٨٠]
وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨) قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ (٧٩) قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠)

صفحة رقم 62

تفسير المفردات
سىء بهم: أي وقع فيما ساءه وغمه بمجيئهم، الذرع والذراع: منتهى الطاقة، يقال مالى به ذرع ولا ذراع: أي مالى به طاقة، ويقال ضقت بالأمر ذرعا إذا صعب عليك احتماله، والعصيب: الشديد الأذى، ويقال هرع وأهرع (بالبناء للمفعول) : إذا حمل على الإسراع، وقال الكسائي لا يكون الإهراع إلا إسراعا مع رعدة من برد أو غضب أو حمّى أو شهوة، ولا تخزون: أي لا تخجلوني، والضيف يطلق على الواحد والجمع، والرشيد: ذو الرشد والعقل، لو أن لى يكم قوة: أي على الدفع بنفسي، أو آوى إلى ركن شديد من أرباب العصبيات القوية الذين يحمون اللاجئين ويجيرون المستجيرين.
الإيضاح
فى سفر التكوين: إن لوطا عليه السلام ابن هرون أخى إبراهيم ﷺ وأنه هاجر معه من مسقط رأسهما (أور الكلدانيين) فى العراق إلى أرض الكنعانيين وسكن إبراهيم فى أرض كنعان، ولوط فى سدوم بالأردن، ويظن بعض الباحثين أن بحيرة لوط غمر موضعها بعد الخسف، ويقال إن الباحثين فى العصر الحاضر عثروا على آثارها.
(وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ) أي ولما جاءت ملائكتنا لوطا ساءه مجيئهم، وعجز عن احتمال ضيافتهم، لما كان يتوقعه من اعتداء قومه عليهم كعادتهم (وقد روى أنهم جاءوه بشكل غلمان حسان الوجوه) وقال هذا يوم شديد شرّه، عظيم بلاؤه.

صفحة رقم 63

(وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) أي وجاء لوطا قومه يهرولون كأن سائقا يسوقهم مما بهم من طلب الفاحشة.
(وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) أي ومن قبل هذا المجيء كانوا يعملون السيئات الكثيرة التي أفظعها ما أنكرته الفطر البشرية والشرائع الإلهية والوضعيه، وهو إتيان الرجال شهوة من دون النساء ومجاهرتهم بها فى أنديتهم كما حكى الله عنهم بقوله: «أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ» (قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) فتزوجوهن، أراد ببناتى بنات قومه لأن النبي فى قومه كالوالد فى عشيرته كما قال ابن عباس، ويدخل فيهن نساؤهم المدخول بهن وغيرهن من المعدّات للزواج، ومراده أن الاستمتاع بهن بالزواج أطهر من التلوث برجس اللواط، فإنه يكبح جماح الشهوة مع الأمن من الفساد.
(فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) أي فاخشوا الله واحذروا عقابه فى إتيانكم الفاحشة التي تطلبونها ولا تذلونى وتمتهنونى بفضيحتي فى ضيوفى فإن إهانة الضيوف إهانة للمضيف وفضيحة لهم.
(أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) أي أليس منكم رجل ذو رشد وحكمة ينهى من أرادوا ركوب الفاحشة من ضيوفى، فيحول بينهم وبين ما يريدون.
(قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ) أي لقد علمت من قبل أنه ليس لنا- فى بناتك من رغبة فى تزوّجهن فتصرفنا بعرضهن علينا عما نريده، وقد يكون المعنى- لقد علمت الذي لنا فى نسائنا اللواتى تسميهن بناتك من حق الاستمتاع وما نحن عليه معهن، فلا ينبغى عرضك إياهن علينا لتصرفنا عما نريده.
(وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) أي وإنك لتعرف حق المعرفة ما نريد من الاستمتاع بالذكران، وإننا لا نؤثر عليه شيئا.
والخلاصة- إنهم أجمعوا أمرهم على فعل ما يريدون.

صفحة رقم 64
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية