آيات من القرآن الكريم

وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ
ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ

الاستئصال بسبب كفرهم وتكذيبهم وعقرهم ناقة الله تعالى وعن جابر رضى الله عنه ان رسول الله لما نزل الحجر فى غزوة تبوك قام فخطب الناس فقال (يا ايها الناس لا تسألوا نبيكم الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم ان يبعث لهم الناقة فكانت ترد من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم وردها ويحلبون من لبنها مثل الذي كانوا يشربون من مائها يوم غبها فعتوا عن امر ربهم فقال تمتعوا فى داركم ثلاثة ايام وكان وعدا من الله غير مكذوب ثم جاءتهم الصيحة فاهلك الله من كان فى مشارق الأرض ومغاربها منهم الا رجلا كان فى حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله يقال له ابو رغال) قيل له يا رسول الله من ابو رغال قال (ابو ثقيف) الاشارة فيه انه أشار الى إهلاك النفس وصفاتها بعذاب البعد وصاعقة القهر الا ما كان فى حرم الله تعالى وهو الشريعة يعنى النفس وصفاتها ان لم تكن آمنت ولكن التجأت الى حرم الشريعة آمنت من عذاب البعد فتكون بقدر التجائها فى القرب وجوار الحق وهو الجنة ولهذا قال تعالى للنفس المطمئنة فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي كما فى التأويلات النجمية. والناس فى القرب والبعد والسلوك والترك على طبقات. فمنهم من اختار الله له فى الأزل البلوغ اليه بلا كسب ولا تعمل فوقع مفطورا على النظر اليه بلا اجتهاد بدفع غيره عن مقتضى قصده. ومنهم من شغلته الأغيار عن الله زمانا فلم يزل فى علاج وجودها بتوفيق الله تعالى حتى أفناها ولم يبق له سواه سبحانه. ومنهم من بقي فى الطريق ولم يصل الى المقصد الأقصى لكون نشأته غير حاملة لما اراده. ومنهم من لم يدر ما الطريق وما الدخول فيها فبقى فى مقامه الطبيعي: قال الحافظ

قومى بجد وجهد خريدند وصل دوست قومى دكر حواله بتقدير ميكنند
اما الاول فاخذوا بقول الله تعالى وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا فالوصل إذا مما للكسب مدخل فيه فيكون كالوزارة الممكن حصولها بالأسباب. واما الثاني فجعلوا الوصل من الاختصاصات الالهية التي ليس للكسب مدخل فيها عند الحقيقة فهو كالسلطنة قال الله تعالى قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وقال يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وقال وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ هكذا لاح للخاطر والله اعلم بالبواطن والظواهر وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ اى وبالله لقد جاء جبريل وجمع من الملائكة معه فى صورة الغلمان الذين يكونون فى غاية الحسن والبهاء والجمال الى ابراهيم عليه السلام بِالْبُشْرى اى ملتبسين بالبشارة بالولد من سارة بدليل ذكره فى سور اخرى ولانه اطلق البشرى هنا وقيد فى قوله فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ والمطلق محمول على المقيد قالُوا استئناف بيانى سَلاماً اى سلمنا عليك سلاما او نسلم. وبالفارسية [سلام ميكنيم بر تو سلام كردنى] قالَ ابراهيم عليكم سَلامٌ حياهم بأحسن من تحيتهم لان الجملة الفعلية دالة على التجدد والحدوث والاسمية دالة على الثبات والاستمرار قال الكافي [ابراهيم عليه السلام ندانست كه فرشتگانند ايشانرا در مهمانخانه نشانيد] فَما نافية لَبِثَ مكث ابراهيم أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ ولد البقرة حَنِيذٍ يعنى [پس درنك نكرد تا آنكه آورد كوساله بريان كرده بر سنك كرم] والحنيذ هو المشوى فى حفرة من الأرض بالحجارة المحماة بغير تنور ومن غير ان تمسه النار

صفحة رقم 161

كفعل اهل البادية فانهم يشوون فى الأخدود بالحجارة المحماة وفى الكواشي حنيذ مشوى فى حفيرة يقطر دسما من حنذت الفرس إذا وضعت اليه جلاله ليسيل عرقه وفى التأويلات النجمية قالُوا سَلاماً اى نبلغك سلاما قولا من رب رحيم قالَ سَلامٌ اى علينا سلام الجليل وهذا كما كان حال الحبيب ليلة اسرى به قال (السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته) قال الحبيب (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) والفرق بين الحبيب والخليل ان سلام الحبيب بلا واسطة وسلام الخليل بواسطة الرسل وفى سلام الحبيب زيادة رحمة الله وبركاته فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ تكرمة لسلام الخليل وإعزازا لرسله انتهى

قاصد دلبر كه آرد يك پيام از حبيب من كه آمد يك سلام
مژدكانه مال وجانم مى دهم هر چهـ ميدارم براهش مى نهم
قال مقاتل انما جاءهم بالعجل لانه كان اكثر ماله البقر فلما قرب إليهم ووضع بين أيديهم كفوا عنه فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ لا يمدون الى العجل أيديهم للاكل نَكِرَهُمْ أنكر ذلك منهم ولم يعرف سبب عدم تناولهم منه وامتناعهم عنه وَأَوْجَسَ الإيجاس الإدراك. وفى التهذيب [بيم در دل كرفتن] اى أحس وأدرك مِنْهُمْ من جهتهم خِيفَةً لما وقع فى نفسه انهم ملائكة وان نزولهم لامر أنكره الله عليه او لتعذيب قومه قال فى التأويلات النجمية ما كان خوف ابراهيم خوف البشرية بان خاف على نفسه فانه حين رمى بالمنجنيق الى النار ما خاف على نفسه وقال أسلمت لرب العالمين وانما كان خوفه خوف الرحمة والشفقة على قومه يدل عليه قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا بالعذاب إِلى قَوْمِ لُوطٍ خاصة ما أرسلنا الى قومك فكن طيب النفس وكان أخا سارة او ابن أخي ابراهيم عليهما السلام وَامْرَأَتُهُ سارة بنت هاران بن ناخور وهى ابنة عمه قائِمَةٌ وراء الستر بحيث تسمع محاوراتهم او على رؤسهم للخدمة وكانت نساؤهم لا تحجب كعادة الاعراب ونازلة البوادي والصحراء ولم يكن التبرج مكروها وكانت عجوزا وخدمة الضيفان مما يعد من مكارم الأخلاق والجملة حال من ضمير قالوا اى قالوا لابراهيم لا تخف فى حال قيام امرأته فَضَحِكَتْ سرورا بزوال الخوف فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ اى عقبنا سرورها بسرور أتم منه على ألسنة رسلنا وإسحاق بالعبرانية الضحاك وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ الوراء فعال ولامه همزة عند سيبويه وابى على الفارسي وياء عند العامة وهو من ظروف المكان بمعنى خلف وقدام فهو من الاضداد وقد يستعار للزمان كما فى هذا المكان. والمعنى وهبنا لها بعد إسحاق يَعْقُوبَ فهو من عطف جملة على جملة ولا يكون يعقوب على هذا مبشرا به وقال فى التبيان اى بشروها بانها تلد إسحاق وانها تعيش الى ان ترى ولد الولد وهو يعقوب بن إسحاق والاسمان يحتمل وقوعهما فى البشارة كيحيى حيث سمى به فى البشارة قال الله تعالى إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى ويحتمل وقوعهما فى الحكاية بعد ان ولد فسميا بإسحاق ويعقوب وتوجيه البشارة إليها لا اليه مع انه الأصل فى ذلك للدلالة على ان الولد المبشر به يكون منها ولانها كانت عقيمة حريصة على الولد وكان لابراهيم ولده إسماعيل من هاجر لان المرأة أشد فرحا بالولد وقال ابن عباس ووهب

صفحة رقم 162
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية