آيات من القرآن الكريم

وَنَادَىٰ نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ
ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ

متعلقه بمحذوف. مثال المبينة للمفعولية: سقيا لك وجدعا لك فهذه اللام ليست متعلقة بالمصدرين ولا بفعليهما المقدرين لأنهما متعديان بنفسيهما كالمصدرين و «لا» هي ومجرورها صفة للمصدر فتتعلق بالاستقرار لأن الفعل لا يوصف فكذا ما أقيم مقامه وإنما هي لام مبينة للمدعو له أو عليه والتقدير إرادتي لك، ومثال المبينة للفاعلية:
تبا لزيد وويحا له، فإنه في معنى خسر وهلك وحينئذ فزيد هو الفاعل واللام متعلقة بمحذوف إرادتي كائنة لزيد.
[سورة هود (١١) : الآيات ٤٥ الى ٤٩]
وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ (٤٥) قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٤٦) قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٤٧) قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٨) تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)

صفحة رقم 372

الإعراب:
(وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) الواو استئنافية والنداء على ما يبدو كان قبل سير السفينة لأنه سؤال في نجاة ابنه ولا معنى للسؤال إلا عند إمكان النجاة، ونادى نوح فعل وفاعل وربه مفعول به، فقال الفاء حرف عطف وقال فعل ماض معطوف على نادى عطف تفسير لأن القول المذكور هو عين النداء ورب منادى مضاف لياء المتكلم المحذوفة وإن واسمها ومن أهلي خبرها وإنما أورد ذلك لأن الله تعالى وعده بنجاة أهله. وللمفسرين كلام طويل حول بنوة هذا الابن يخرج عن نطاق هذا الكتاب. (وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) الواو عاطفة وان واسمها وخبرها وأنت أحكم الحاكمين مبتدأ وخبر والجملة معطوفة أيضا. (قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) قال فعل ماض وضمير الله فاعله المستتر وان واسمها وجملة ليس من أهلك خبر إن ومن أهلك خبر ليس. (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) ان واسمها والضمير يعود الى ابنه ولا مبرر لقول من قال إن الضمير يعود الى سؤاله كما ذهب الجلال وغيره لأن بلاغة الكلام تستبعده وعمل خبر إن وهو من باب إقامة الصفة مقام الموصوف عند ظهور المعنى وقد تقدمت الاشارة إليه ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:

أيها القائل في غير الصواب أخّر النصح وأقلل من عتابي
وقوله أيضا:

صفحة رقم 373

وكم من قتيل لا يباء به دم ومن غلق رهنا إذا ضمّه منى
ومن مالىء عينيه من شيء غيره إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى
أراد أيها الإنسان القاتل وكم من إنسان قتيل. وقول الخنساء:
ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت فإنما هي إقبال وإدبار
وغير صالح صفة لعمل والجملة تعليل لانتفاء كونه من أهله الناجين. (فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) الفاء الفصيحة ولا ناهية وتسأل فعل مضارع مجزوم بلا والنون للوقاية وياء المتكلم المحذوفة للتخفيف مفعول به وما مفعول به ثان وجملة ليس صلة واسم ليس علم ولك خبرها المقدم وبه جار ومجرور متعلقان بعلم. (إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) إن واسمها وجملة أعظك خبرها وان وما في حيزها في محل نصب بنزع الخافض أي أخوفك من أن تكون، والجار والمجرور متعلقان بأعظك واسم تكون مستتر تقديره أنت ومن الجاهلين خبر تكون وسيأتي في باب الفوائد معنى تسمية سؤال نوح جهلا (قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) إن واسمها وجملة أعوذ خبرها وبك متعلقان بأعوذ وأن وما في حيزها منصوب بنزع الخافض وما ليس لي به علم تقدم إعرابها. (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ) الواو عاطفة وإن شرطية ولا نافية وتغفر فعل الشرط ولي جار ومجرور متعلقان به وترحمني عطف على تغفر وأكن جواب الشرط واسمها مستتر تقديره أنا ومن الخاسرين خبرها. (قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ) اهبط فعل أمر وبسلام جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من فاعل اهبط أي متلبسا بسلام ومنّا صفة لسلام أو بنفس سلام وبركات عطف على سلام وعليك صفة. (وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ)

صفحة رقم 374

وعلى أمم عطف على عليك وممن صفة لأمم ومعك ظرف مكان صلة الموصول. (وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) الواو استئنافية وأمم مبتدأ وساغ الابتداء به لأنه موصوف تقديره أي وأمم ممن معك وجملة سنمتعهم خبرها أو تجعل سنمتعهم صفة والمحذوف هو الخبر وإنما حذف لأن قوله ممن معك يدل عليه، ثم حرف عطف للتراخي ويمسهم فعل مضارع ومفعول به ومنا حال لأنه كان صفة لعذاب وعذاب فاعل وأليم صفة ثانية. (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ) تلك مبتدأ ومن أنباء الغيب خبر أول وجملة نوحيها إليك خبر ثان وإن شئت كان في موضع الحال أي تلك كائنة من أنباء الغيب موحاة إليك. (ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا) خبر ثالث وهذا أولى الأعاريب وكان واسمها وجملة تعلمها خبر كنت و «ها» مفعول به وأنت تأكيد لفاعل تعلمها المستتر ولا قومك عطف على أنت ومن قبل هذا حال من الهاء في نوحيها أو الكاف في إليك أي جاهلا أنت وقومك بها. (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) الفاء الفصيحة أي ان عرفت هذه القصة ومنطوياتها وما آلت إليه حادثة الطوفان فاصبر وجملة إن العاقبة للمتقين من إن واسمها وخبرها تعليلية وهذا هو المقصود من قصة نوح والقصص التي ستتلوها.
الفوائد:
للمفسرين كلام طويل في هذه الآية وتعليل وصف سؤال نوح بالجهل وهو يدل على عدم العصمة حتى لقد ذهب الزمخشري الى أن نوحا عليه السلام صدر عنه ما يوجب نسبة الجهل اليه ومعاتبته على ذلك ويطول بنا القول إن أردنا أن ننقل ما أوردوه أو نلخصه على الأقل وأقرب ما يقال في ذلك انه لما صدر الوعد الى نوح بنجاة أهله إلا من

صفحة رقم 375
إعراب القرآن وبيانه
عرض الكتاب
المؤلف
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش
الناشر
دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية ، (دار اليمامة - دمشق - بيروت) ، ( دار ابن كثير - دمشق - بيروت)
سنة النشر
1412 - 1992
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية