
وقال مجاهد: ﴿بِبَدَنِكَ﴾، أي: بجسدك.
قال ابن عباس: لما أغرق الله تعالى، فرعون، ومن معه. قال: أصحابُ موسى لموسى: إنا نخاف ألا يكون فرعون غرق، ولا نؤمن بهلاكه. فدعا ربه فأخرجه، فنبذه البحر حتى استيقنوا بهلاكه.
قوله: ﴿وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ الناس عَنْ آيَاتِنَا﴾: أي: عن أدلتنا على أن العبادة لا تكون إلا لله ﴿لَغَافِلُونَ﴾: أي: لساهون.
قوله: ﴿وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بني إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ﴾ إلى قوله: ﴿الخاسرين﴾.
المعنى: ولقد أنزلناهم منازل صدق.
قال الضحاك: يعني، مصر، والشام.
وقال قتادة: الشام، وبيت المقدس.
﴿وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ الطيبات﴾ يعني: من حلال الرزق.
﴿فَمَا اختلفوا حتى جَآءَهُمُ العلم﴾ الذي يعلمونه، وذلك أنهم كانوا قبل أن يبعث

محمد ﷺ، مجتمعين على نبوته، والإقرار به، وبمبعثه. فلما جاءهم كفروا به. واختلفوا فيه. فآمن بعضهم، وكفر بعضهم.
والعلم هنا: النبي ﷺ، فهو بمعنى العلوم الذي كانوا يعلمونه.
وقيل: العلم كتاب الله تعالى، قاله ابن زيد. فعلوا ذلك بغياً: أي: منافسة في الدنيا.
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ - يا محمد - يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾: أي: من أمري في الدنيا. فيدخل المكذبين النار، والمؤمنين الجنة.
﴿حتى جَآءَهُمُ العلم﴾: وقف، ﴿مِّنَ الطيبات﴾: وقف.
ثم قال تعالى: ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ﴾: أي: إن كنت يا محمد في شك من أن بني إسرائيل لم يختلفوا في نبوءتك، قبل أن نبعثك رسولاً، لأنهم (كانوا)

يجدونك في التوراة، ويعرفونك بالصفة التي أنت بها موصوف ﴿فَاسْأَلِ الذين يَقْرَءُونَ الكتاب مِن قَبْلِكَ﴾ يعني: عبد الله بن سلام، وشبهه من أهل الإيمان، والصدق منهم. وهذه مخاطبة للنبي، والمراد به أمته.
وقيل: " إن " بمعنى " ما "، والمعنى: فما كنت يا محمد في شك.
ثم قال ﴿فَاسْأَلِ الذين يَقْرَءُونَ﴾ سؤال ازدياد، كما قال إبراهيم: ﴿بلى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: ٢٦٠].
وقال المبرد: المعنى: قل يا محمد للشاك في ذلك إن كنت في شك، فاسأل وقيل: إن هذا خطاب العرب: يقول الرجل لابنه: إن كنت ابني، فَبُرَّني. وهو يعلم أنه ابنه، وهو نحو قوله لعيسى: ﴿أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلهين مِن دُونِ الله﴾ [المائدة: ١١٦]. وقد علم أنه لم

يقل ذلك.
قال ابن جبير: ما شك محمد ﷺ، ولا سأل، وقال قتادة: بلغنا أن النبي عليه السلام، قال: لا أشك، ولا أسأل.
وروي أن رجلاً سأل ابن عباس عما يَحِيك في الصدر من الشك. فقال: ما نجا من ذلك أحد، ولا النبي حتى أنزل عليه: ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ﴾.
وعنه أيضاً أنه قال: لم يكن / رسول الله في شك ولم يسأل. وهذا هو الصحيح الظاهر، والمراد بقوله: ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ﴾ أمته. وقوله: ﴿لَقَدْ جَآءَكَ الحق مِن رَّبِّكَ﴾: اللام لام التوكيد وفي الكلام معنى القسم.
﴿مِنَ الممترين﴾: أي: من الشاكين.
ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِ الله﴾: أي: جحدوا كتبه، ورسله، ﴿فَتَكُونَ مِنَ الخاسرين﴾، أي: من الذين غُبِنَ حظه، وباع الرحمة بالسخط.