
﴿إِنَّ الله لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ المفسدين﴾ أي: عمل من سعى بالفساد في الأرض، ﴿مَا جِئْتُمْ بِهِ﴾: وقف على قراءة من استفهم، و (السحر): وقف على قراءة من لم يستفهم.
ثم قال تعالى: ﴿وَيُحِقُّ الله الحق بِكَلِمَاتِهِ﴾: هذا إخبار من الله تعالى عن قول موسى للسحرة. والمعنى: ويثبت الحق الذي جئتم به.
﴿بِكَلِمَاتِهِ﴾: أي: بأمره، ﴿وَلَوْ كَرِهَ المجرمون﴾: أي: ولو كره الذين اكتسبوا الإثم بمعصيتهم ربهم.
قوله / ﴿فَمَآ آمَنَ لموسى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ﴾ إلى قوله ﴿مِنَ القوم الكافرين﴾. والمعنى: أنه لم يؤمن لموسى، صلوات الله عليه، من قومه مع ما جاءهم به من الحجج إلا ذرية من قومه، وهم خائفون من فرعون وملإهم.
قال ابن عباس: الذرية في هذا الموضع القليل، وكذلك قال الضحاك.

وقال مجاهد: إن المعنى ما آمن لموسى إلا أولاد من أرسل إليهم، والمرسل إليهم هلكوا غير مؤمنين، وذلك لطول الزمان. وهو اختيار الطبري.
ورُوي عن ابن عباس أيضاً (من قوم فرعون) قال: وهم قوم من قوم فرعون، غير بني إسرائيل، منهم ارمأة فرعون، ومومن آل فرعون، وخازن فرعون، وامرأته خازنه.
وقال بعض أهل اللغة: إنما قيل لهم " ذُرِيَّةَ "، لأن آباءهم قِبْطٌ، وأمهاتهم من بني إسرائيل. كما قال لأبناء الفرس الذين أمهاتهم من العرب، وآباؤهم من الفرس أبناء.
وقوله تعالى: ﴿وَمَلَئِهِمْ﴾: بالجمع: الضمير راجع إلى فرعون، لأن الجبار يخبر عنه بلفظ الجمع.
وقيل: إنه إنما فعل ذلك، لأن فِرْعَون لما ذكر، علم أن معه غيره فعاد الضمير

عليه، وعلى من تَضَمَّنَ الكلام ذكره.
وقيل: المعنى على خوفٍ من فرعون وملتهم. ثم حذف مثل: ﴿وَسْئَلِ القرية﴾ [يوسف: ٨٢].
وقال الأخفش: الضمير يعود على الذرية، وهو اختيار الطبري، ومعنى: ﴿يَفْتِنَهُمْ﴾: أي: يفتنهم بالعذاب فيصدهم عن دينهم. ووَحَّدَ على الخبر عن فرعون، لأن الخَبَر عنه يدل، على أن قومه يفعلون مثل فعله.
﴿وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأرض﴾: أي: لجبار متكبر.
﴿وَإِنَّهُ لَمِنَ المسرفين﴾ أي: من " المتجاوزين الحق إلى الباطل ".
ثم قال تعالى: ﴿وَقَالَ موسى ياقوم إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بالله فَعَلَيْهِ توكلوا﴾ أي: فوضوا الأمر إليه إن كنتم آمنتم (ولا تخافون من آل فرعون) ﴿إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ * فَقَالُواْ على الله تَوَكَّلْنَا﴾ " أي: به وثقنا "، وهذا يدل على أن التوكل على الله تعالى في جميع الأمور

واجب، وأنه من كمال الإيمان. وقد قال الله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ آمَنُواْ وعلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الشورى: ٣٦]، وقال: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: ٣]، أي: فهو كافيه.
قال ابن عباس: الذرية القليل.
قال مجاهد: الذرية، يعني: أولاد الذين أرسل إليهم موسى من طول الزمان، وقد مات آباؤهم.
قال ابن عباس: كانوا ست مائة ألف. " وذلك أن يعقوب ركب إلى مصر من كنعان في اثنين وسبعين إنساناً فتوالدوا بمصر حتى بلغوا ست مائة ألف ".
قال الفراء: بلغنا أن الذرية الذين آمنوا كانوا سبعين، أهل بيت.
ثم قالوا: ﴿رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظالمين﴾: أي: لا تظهرهم علينا، فيفتتنوا بذلك، ويظنوا أنهم خير منا، فيزدادوا طغياناً. وقيل: المعنى: لا تسلطهم علينا