
ومن (قرأ) بالياء لم يقف عليه، لأن الفعل مسند إلى الاسم المذكور المتقدم.
قوله: ﴿إِنَّ فِي اختلاف اليل والنهار وَمَا خَلَقَ الله فِي السماوات والأرض﴾ إلى قوله: ﴿يَكْسِبُونَ﴾
والمعنى: إن في ذهاب الليل، ومجيء النهار، وذهاب النهار، ومجيء الليل، وإحداث كل واحد منهما بعد ذهابه، واضمحلاله لعلامات ﴿لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾: على الوحدانية والقدرة. ويشير إليها، ويخبر عنها: فالصامت لا يقدر على النطق، لأن مسكتاً أسكته، وهو الله (سبحانه)، والناطق لا يعجز عن النطق، لأن منطقاً أنطقه، وهو الله ( تعالى)، والمتحرك لا يعجز عن الحركة، لأن محركاً حركه، وهو الله ( تعالى) : فكلٌ فيه دليل على الوحدانية والقدرة والملك.
﴿وَمَا خَلَقَ الله فِي السماوات والأرض﴾ معناه: من النجوم والشمس والقمر والجبال والشجر وغير ذلك. (لآيات) أي: لحجج وعلامات على توحيد الله (جلت عظمته).

﴿لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾: وهذه الآية تنبيه من الله تعالى لعباده (على توحيده) وربوبيته.
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا﴾ أي: لا يخافون الحساب والبعث. تقول العرب: " فلان لا يرجو فلاناً " أي: لا يخافه، ومنه قوله: ﴿مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً﴾ [نوح: ١٣]: أي تخافون.
وقال بعض العلماء: لا يقع الرجاء بمعنى الخوف إلا مع الجحد.
وقال غيره: بل يقع بمعنى الخوف في كل موضع دل عليه المعنى.
قوله: ﴿وَرَضُواْ بالحياوة الدنيا﴾ أي: جعلوها عوضاً من الآخرة ﴿واطمأنوا بِهَا﴾ أي: سكنوا إليها.
﴿والذين هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ﴾ أي: عن أدلتنا وحجتنا معرضون، لاهون.
﴿أولئك مَأْوَاهُمُ النار﴾ أي: من هذه صفتكم مصيرهم إلى النار.
﴿بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ (في) الدنيا من الآثام.