
الضياء والحرارة التي تفيض على الكون حياة ونورا. وما خلق القمر ونوره الذي يهدى السارى ويوقفنا على الزمن وحسابه، ما خلق ذلك كله إلا بالحق المقرون بالحكمة العالية لنظامنا في الحياة.
وكيف يتصور من خالق الأكوان، وواهب الوجود وخالق الشمس وضيائها والقمر ونوره، على هذا النظام البديع المحكم، أن يترك الإنسان الذي كمله بالعقل والبيان وكرمه على جميع خلقه أن يتركه بلا حساب ولا ثواب؟
تفصل الآيات الكونية الدالة على عظمتنا وقدرتنا، والآيات القرآنية، تفصل ذلك كله وتجليه، ولكن لا يهتدى به إلا القوم العالمون الذين يعلمون وجوه الدلالة ويميزون بين الحق والباطل.
إن في اختلاف الليل والنهار، وتعاقبهما طولا وقصرا، وحرارة وبرودة ونظامهما الدقيق وكون الليل لباسا والنهار معاشا، وإن في خلق السموات والأرض وما فيهما من عوالم لا يحيط بها إلا خالقها، إن في هذا وذاك لآيات واضحات على قدرة الله وحكمته وعظمته وكمال علمه، ولكن هذه الآيات لقوم يتقون الله ويؤمنون بالغيب، أما الماديون الطبيعيون فلا يعتبرون بذلك أبدا. وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ «١».
المؤمن والكافر وعاقبة كل [سورة يونس (١٠) : الآيات ٧ الى ١٠]
إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (٧) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٩) دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠)

المفردات:
لا يَرْجُونَ لا يتوقعون لقاءنا مَأْواهُمُ ملجأهم الذي يلجئون إليه، هذا توضيح لما سبق في آية ٤.
المعنى:
إن الذين لا يتوقعون لقاءنا في الآخرة للحساب لأنهم لا يؤمنون بالبعث والجزاء، هؤلاء لا يخافون عذاب الله، ولا يرجون ثوابه، وقد رضوا بالحياة الدنيا ونعيمها بدل الآخرة وما فيها، واطمأنوا بها لسكون أنفسهم إلى شهواتها ولذاتها، والذين هم عن آياتنا القرآنية وآياتنا الكونية غافلون فلا يتدبرون، ولا يتعظون، أولئك- والإشارة للفريقين-، وما فيها من معنى البعد لبعد مكانتهم في الضلال، أولئك مأواهم النار، وملجأهم الذي يلجئون إليه، سبحانك يا رب!! النار يوم القيامة هي ملجأ الكافر والويل كل الويل لمن تكون النار مأواه وملجأه.
وذلك بما كانوا يكسبون من أعمال كلها تتنافى مع العقل والحكمة والدين.. هذا جزاء الفريق الكافر أما المؤمن فهذا جزاؤه.
إن الذين آمنوا بالله وصدقوا برسله، وعملوا الصالحات الباقيات يهديهم ربهم إلى الخير والسداد، والهدى والرشاد، يهديهم ربهم إلى كل عمل يوصل إلى الجنة التي وصفها بقوله: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وهذا مثل للراحة والسعادة والهدوء في الجنة وقد تقدم كثيرا.