آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ
ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ

رمادها على قرحته فبرئت بإذن الله تعالى فقال للحاضرين ان الله تعالى أراد ان يعرفنى ان اخس المخلوقات أعز الادوية وان فى كل خلقه حكمة يُفَصِّلُ الْآياتِ التكوينية المذكورة الدالة على وحدانيته وقدرته ويذكر بعضها عقيب بعض مع مزيد الشرح والبيان لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ الحكمة فى إبداع الكائنات فيستدلون بذلك على شئون مبدعها وخص العلماء بالذكر لانهم المنتفعون بالتأمل فيها إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ اى فى اختلاف ألوانهما بالنور والظلمة او فى اختلافهما بذهاب الليل ومجيئ النهار وبالعكس واختلف فى أيهما أفضل قال الامام النيسابورى الليل أفضل لانه راحة والراحة من الجنة والنهار تعب والتعب من النار فالليل حظ الفراش والوصال والنهار حظ اللباس والفراق. وقيل النهار أفضل لانه محل النور والليل محل الظلام يقول الفقير الليل اشارة الى عالم الذات وله الرتبة العليا والنهار اشارة الى عالم الصفات وله الفضيلة العظمى ويختلفان بان من ولد فى الليل يصير اهل فناء فى الله ومن ولد فى النهار يصير اهل بقاء بالله ففيهما سردار الجلال ودار الجمال وسر أهلهما وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ من انواع الكائنات كالشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح وَالْأَرْضِ من أنواعها ايضا كالجبال والبحار والأشجار والأنهار والدواب والنبات لَآياتٍ عظيمة او كثيرة دالة على وجود الصانع ووحدته وكمال علمه وقدرته لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ خص المتقين لانهم يحذرون العاقبة فيدعوهم الحذر الى النظر والتدبر وعن على رضى الله عنه من اقتبس علما من النجوم من حملة القرآن ازداد به ايمانا ويقينا ثم تلا إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ الى لَآياتٍ يقول الفقير أصلحه الله القدير هذا بالنسبة الى ما أبيح من تعلم النجوم وتوسل به الى معرفة الآيات السماوية واما قوله عليه السلام (من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر) اى قطعة منه فقد قال الحافظ المنهي عنه من علم النجوم هو ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية فى مستقبل الزمان كمجيئ المطر ووقوع الثلج وهبوب الريح وتغير الأسعار ونحو ذلك ويزعمون انهم يدركون ذلك بسير الكواكب واقترانها وافتراقها وظهورها فى بعض الأزمان دون بعض وهذا علم استأثر الله به لا يعلمه أحد غيره فاما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعرف به الزوال وجهة القبلة وكم مضى وكم بقي فانه غير داخل فى النهى انتهى- وسمع- ذو النون المصري شخصا قائما على الجبل وسط البحر يقول سيدى سيدى انا خلف البحور والجزائر وأنت الملك الفرد بلا حاجب ولا زائر من ذا الذي انس بك فاستوحش من ذا الذي نظر الى آيات قدرتك فلم يدهش اما فى نصبك السموات الطرائق ونظمك الفلك فوق رؤس الخلائق ورفعك العرش المحيط بلا علائق واجرائك الماء بلا سائق وارسالك الريح بلا عائق ما يدل على فردانيتك اما السموات فتدل على منعتك واما الفلك فيدل على حسن صنعتك واما الرياح فتنشر من نسيم بركاتك واما الرعد فيصوت بعظيم آياتك واما الأرض فتدل على تمام حكمتك واما الأنهار فتتفجر بعذوبة كلمتك واما الأشجار فتخبر بجميل صنائعك واما الشمس فتدل على تمام بدائعك: قال الشيخ المغربي قدس سره

صفحة رقم 17

جمله نقش تعينات ويند هر چهـ هستند در زمين وسما
وله
مغربى زان ميكند ميلى بگلشن كاندرو هر چهـ را رنگى وبويى هست رنگ وبوى اوست
إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا المراد بلقائه تعالى اما الرجوع اليه بالبعث او لقاء الحساب كما فى قوله إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ وبعدم الرجاء عدم اعتقاد الوقوع المنتظم لعدم الأمل وعدم الخوف فان عدمهما لا يستدعى عدم اعتقاد وقوع المأمول والمخوف اى لا يتوقعون الرجوع إلينا او لقاء حسابنا المؤدى اما الى حسن الثواب او الى سوء العذاب فلا يأملون الاول واليه أشير بقوله وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا فانه منبئ عن إيثار الأدنى الخسيس على الأعلى النفيس ولا يخافون الثاني واليه أشير بقوله وَاطْمَأَنُّوا بِها كما فى الإرشاد وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا من الآخرة وآثروا القليل الفاني على الكثير الباقي وَاطْمَأَنُّوا بِها وسكنوا إليها قاصرين هممهم على لذائذها وزخارفها او سكنوا فيها سكون من لا يزعج عنها فبنوا شديدا وأملوا بعيدا: يعنى [در دنيا ساكن گشتند بر وجهى كه گوييا هرگز ايشانرا از آنجا رحلت نخواهد بود وندانستند كه لحظه بلحظه دست أجل طبل رحيل فرو خواهد كوفت]
آن كيست كه دل نهاد وفارغ بنشست پنداشت كه مهلتى وتأخيرى هست
گو خيمه مزن كه ميخ مى بايد كند گو رخت منه كه بار مى بايد بست
- روى- ان الله تعالى قال عجبت من ثلاثة. ممن آمن بالنار ويعلم انها وراءه كيف يضحك. وممن اطمأنت نفسه بالدنيا وهو يعلم انه يفارقها كيف يسكن إليها. وممن هو غافل وليس بمغفول عنه كيف يلهو) ونزل النعمان بن المنذر تحت شجرة ليلهو فقال عدى ايها الملك أتدري ما تقول هذه الشجرة ثم انشأ يقول رب ركب قد أناخوا حولنا يمزجون الخمر بالماء الزلال ثم اضحوا عصف الدهر بهم وكذاك الدهر حالا بعد حال فتنغص على النعمان يومه كذا فى ربيع الأبرار وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا عن آيات القرآن فيكون المراد الآيات التشريعية او عن دلائل الصنع فيكون المراد الآيات التكوينية غافِلُونَ لا يتفكرون فيها لانهما كهم فيما يضادها والعطف لتغاير الوصفين اى للجمع بين الوصفين المتغايرين الانهماك فى لذات الدنيا وزخارفها والذهول عن آيات الله ودلائل المعرفة او لتغاير الذاتين كما قال فى التأويلات النجمية ان الذين لا يعتقدون السير إلينا والوصول بنا لدناءة همتهم ورضوا بالتمتعات الدنيوية وركنوا الى مالها وجاهها وشهواتها والذين هم عن آياتنا غافلون وان لم يركنوا الى الدنيا وتمتعاتها وكانوا اصحاب الرياضات والمجاهدات من اهل الأديان والملل وهم البراهمة والفلاسفة والإباحية لكن كانوا معرضين عن متابعة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم او كانوا من اهل الأهواء والبدع أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من صفات السوء مَأْواهُمُ اى مسكنهم ومقرهم الذي لابراح لهم منه النَّارُ نار جهنم او نار البعد والطرد والحسرة لا ما اطمأنوا بها من الحياة الدنيا ونعيمها بِما كانُوا يَكْسِبُونَ اى جوزوا بما واظبوا عليه وتمرنوا به من الأعمال القلبية المعدودة وما يستتبعه

صفحة رقم 18
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية