
وقال ابن زيد: هم الذين وصفوا فيما بعد ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ (١)، وهذا إذا جعلت (الذين) نعتًا للأولياء، فإن جعلت (الذين) مستأنفًا (٢) وجعلت الخبر (٣) قوله: ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى﴾ لم يكن قوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ نعتًا للأولياء.
قال ابن عباس: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ هو يريد: الذين صدقوا النبي - ﷺ - وخافوا مقامهم بين يديّ (٤).
٦٣ - قوله تعالى: ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾، روى عبادة بن الصامت وأبو الدرداء عن النبي - ﷺ - أنه قال في هذه الآية: "هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له" (٥).
﴿وَفِي اَلأَخِرَةِ﴾ الجنة، يريد أن الرؤيا الصالحة بشرى للمسلم في الدنيا ويبشر في الآخرة بالجنة، وقال ابن عباس في رواية عطاء ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى
(٢) في (م): (سابقًا)، وهو خطأ.
(٣) ساقط من (ى).
(٤) "الوسيط" ٢/ ٥٥٣.
(٥) روى حديث عبادة الإمام الترمذي في "سننه" (٢٢٧٥) كتاب الرؤيا، باب: قوله: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، وابن ماجه (٣٨٩٨) كتاب تعبير الرؤيا، باب: الرؤيا الصالحة، والدارمي في "سننه" كتاب الرؤيا، ٢/ ١٦٥ (٢١٣٦)، وأحمد في "المسند" ٥/ ٣١٥، ٣٢١، والحاكم في "المستدرك" ٢/ ٣٤٠، ٤/ ٣٩١، وصححه ووافقه الذهبي، وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ١٢/ ٣٧٥: رواته ثقات إلا أن أبا سلمة لم يسمعه من عبادة. وروى حديث أبي الدرداء الإمام الترمذي في الموضع السابق (٢٢٧٣) كتاب: الرؤيا، باب: ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ وحسنه، أحمد في "المسند" ٦/ ٤٤٥، وابن أبي حاتم ٦/ ١٩٦٦، والطبري ١١/ ١٣٣ - ١٣٤، وفي سنده من لم يسم.

فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: يريد عند الموت، تأتيهم ملائكة الرحمة بالبشرى من الله ﴿وَفِي الْآخِرَةِ﴾ يريد: عند خروج نفس المؤمن إذا خرجت يعرجون (١) بها إلى الله تزف كما تزف العروس تبشر برضوان الله (٢)، وهذا قول الزهري (٣)، وقتادة (٤)، والضحاك (٥) قالوا: هي بشارة الملائكة للمؤمن عند الموت.
وقال الحسن: هي ما بشرهم الله عز وجل به في كتابه من جنته وكريم ثوابه، في قوله: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: ٢٥]، ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب: ٤٧]، ﴿وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ﴾ (٦) [فصلت: ٣٠]، وهذا اختيار الفراء (٧)، والزجاج (٨)، قالا: ويدل على صحة هذا قوله بعد هذا ﴿لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ (٩)، قال ابن عباس: يريد لا خلف لمواعيد الله، وذلك أن مواعيده بكلماته، فإذا لم تبدل كلماته بوضع غيرها بدلاً منها لم تبدل مواعيده (١٠).
(٢) رواه الثعلبي ٧/ ١٩ ب، والبغوي ٤/ ١٤١، والمؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٥٣.
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٢/ ٢٩٦، والطبري ١١/ ١٣٨، وابن أبي حاتم ٤/ ١٣٦ أ، والثعلبي ٧/ ١٩ ب، والبغوي ٤/ ١٤١.
(٤) المصادر السابقة، نفس المواضع.
(٥) المصادر السابقة عدا عبد الرزاق والبغوي، نفس المواضع.
(٦) رواه الثعلبي ٧/ ١٩ ب، والبغوي ٤/ ١٤١.
(٧) "معاني القرآن" ١/ ٤٧١، ولم يصرح باختياره، بل جوّز أن يكون المراد ذلك.
(٨) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٦.
(٩) القول بنحوه للزجاج، وأما عبارة الفراء فنصها: ثم قال: ﴿لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ أي الخلف لوعد الله.
(١٠) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ٤/ ٤٤، والمؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٥٤.