
وَسَعِيرَهَا وَسَمُومَهَا وَيَحْمُومَهَا وَمَا أَعْدَدْتَ لِأَعْدَائِكَ وَأَهْلِ مَعْصِيَتِكَ فِيهَا فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي خَوْفًا مِنْهَا فَيَقُولُ عَبْدِي إِنَّمَا عَمِلْتَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ نَارِي فَإِنِّي قَدْ أَعْتَقْتُكَ مِنَ النَّارِ وَمِنْ فَضْلِي عَلَيْكَ أَنْ أُدْخِلَكَ جَنَّتِي فَيَدْخُلُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ الْجَنَّةَ. ثُمَّ يُؤْتَى بِرَجُلٍ مِنَ الصِّنْفِ الثَّالِثِ فَيَقُولُ عَبْدِي لِمَاذَا عَمِلْتَ؟ فَيَقُولُ رَبِّ حُبًّا لَكَ وَشَوْقًا إِلَيْكَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ أَسْهَرْتُ لَيْلِي وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي شَوْقًا إِلَيْكَ وَحُبًّا لَكَ. فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي إِنَّمَا عَمِلْتَ حُبًّا لِي وَشَوْقًا إِلَيَّ فَيَتَجَلَّى لَهُ الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ وَيَقُولُ هَا أَنَا ذَا فانظر إِلَيَّ ثُمَّ يَقُولُ: مِنْ فَضْلِي عَلَيْكَ أَنْ أُعْتِقَكَ مِنَ النَّارِ وَأُبِيحَكَ جَنَّتِي وَأُزَيِّرَكَ مَلَائِكَتِي وَأُسَلِّمَ عَلَيْكَ بِنَفْسِي: فَيَدْخُلُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ الجنة.
[سورة يونس (١٠) : آية ٦١]
وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦١)
يُخْبِرُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَعْلَمُ جَمِيعَ أَحْوَالِهِ وَأَحْوَالِ أُمَّتِهِ وَجَمِيعَ الخلائق في كل ساعة وأوان وَلَحْظَةٍ وَأَنَّهُ لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ وَبَصَرِهِ مثقال ذرة في حقارتها وصغرها في السموات وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْهَا وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ كَقَوْلِهِ: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [الْأَنْعَامِ: ٥٩] فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ يَعْلَمُ حَرَكَةَ الْأَشْجَارِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْجَمَادَاتِ وَكَذَلِكَ الدَّوَابُّ السَّارِحَةُ فِي قَوْلِهِ: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ [الأنعام: ٣٨] الآية وَقَالَ تَعَالَى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها [هود: ٦] الآية.
وَإِذَا كَانَ هَذَا عِلْمَهُ بِحَرَكَاتِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فكيف علمه بِحَرَكَاتِ الْمُكَلَّفِينَ الْمَأْمُورِينَ بِالْعِبَادَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ [الشُّعَرَاءِ: ٢١٧- ٢١٨] وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ أي إذا تَأْخُذُونَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ نَحْنُ مُشَاهِدُونَ لَكُمْ راؤون سامعون ولهذا قال ﷺ لما سأله جبريل عَنِ الْإِحْسَانُ «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنه يراك» «١».
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٦٢ الى ٦٤]
أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٦٣) لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٤)

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ كَمَا فَسَرَّهُمْ رَبُّهُمْ، فَكُلُّ مَنْ كان تقيا كان لله وليا ف لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ أَيْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِنْ أَهْوَالِ الآخرة وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا وَرَاءَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الذين إذا رأوا ذُكِرَ اللَّهُ «١»، وَقَدْ وَرَدَ هَذَا فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ كَمَا قَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيُّ وَهُوَ الْقُمِّيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أولياء الله؟ قال «الذين إذا رأوا ذُكِرَ اللَّهُ» ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» : حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ حدثنا أبو فضيل حدثنا أبي عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عِبَادًا يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ» قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ؟ قَالَ:
«هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا فِي اللَّهِ مِنْ غَيْرِ أَمْوَالٍ وَلَا أَنْسَابٍ وُجُوهُهُمْ نُورٌ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ» ثُمَّ قَرَأَ أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ثُمَّ رَوَاهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ وَهَذَا أَيْضًا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ أَبِي زُرْعَةَ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي حَدِيثِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ «٣» عَنْ أَبِي النَّضِرِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَأْتِي مِنْ أَفْنَاءِ النَّاسِ وَنَوَازِعِ الْقَبَائِلِ قَوْمٌ لَمْ تَتَّصِلْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ مُتَقَارِبَةٌ تَحَابُّوا فِي اللَّهِ وَتَصَافَوْا فِي اللَّهِ يَضَعُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ فَيُجْلِسُهُمْ عَلَيْهَا يَفْزَعُ النَّاسُ وَلَا يَفْزَعُونَ وَهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هم يحزنون» والحديث مطول.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٤» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
قَالَ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ».
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٥٧٥، ٥٧٦. [.....]
(٣) المسند ٥/ ٣٤٣.
(٤) المسند ٦/ ٤٤٥.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي قَوْلِهِ: هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا الدَّرْدَاءِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: لَقَدْ سَأَلْتُ عَنْ شَيْءٍ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا سَأَلَ عَنْهُ بَعْدَ رَجُلٍ سَأَلَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: «هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ بُشْرَاهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَبُشْرَاهُ فِي الْآخِرَةِ الْجَنَّةُ» ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» عن سُفْيَانَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الدَّرْدَاءِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَذَكَرَ نحو ما تقدم.
ثم قال ابْنُ جَرِيرٍ «٣» : حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ أبا الدرداء سئل عن هذه الآية الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فَذَكَرَ نَحْوَهُ سَوَاءً وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٤» : حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا أَبَانٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ قَوْلَ الله تعالى: هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
فَقَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أحد من أمتي أو قال أحد قبلك- تلك الرؤيا الصالحة يراها الرجل أَوْ تُرَى لَهُ» وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِهِ، وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: نُبِّئْنَا عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٥» : حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْدٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدٍ الْأَحْمُوسِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَقَالَ:
آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَسْأَلُكَ عَنْهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
فَقَالَ عُبَادَةُ مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ سَأَلْتُ عَنْهَا نَبِيَّ اللَّهِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ «مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فِي الْمَنَامِ أَوْ تُرَى لَهُ» ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
فَقَدْ عَرَفْنَا بُشْرَى الْآخِرَةِ الْجَنَّةُ فَمَا بُشْرَى الدُّنْيَا؟ قَالَ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْعَبْدُ أَوْ تُرَى لَهُ. وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا أو سبعين جزءا من النبوة» «٦».
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٥٧٨.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ٥٨٠.
(٤) المسند ٥/ ٣١٥.
(٥) تفسير الطبري ٦/ ٥٧٨.
(٦) انظر تفسير الطبري ٦/ ٥٧٨.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» أَيْضًا: حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ يا رسول الله: الرجل يعمل العمل ويحمده النَّاسُ عَلَيْهِ، وَيُثْنُونَ عَلَيْهِ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ «٢».
وَقَالَ أَحْمَدُ «٣» أَيْضًا: حَدَّثَنَا حَسَنٌ يَعْنِي الْأَشْيَبَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا دَرَّاجٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: َهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
- قَالَ- الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن جُزْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ فَمَنْ رَأَى ذَلِكَ فَلْيُخْبِرْ بِهَا، وَمَنْ رَأَى سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلِيُكَبِّرْ وَلَا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا» لَمْ يُخْرِجُوهُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٤» : حَدَّثَنِي يُونُسُ أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يُبَشَّرُهَا الْمُؤْمِنُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» وَقَالَ أَيْضًا ابْنُ جَرِيرٍ «٥» : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الْمُؤَدَّبُ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلمَ هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
- قَالَ- فِي الدُّنْيَا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْعَبْدُ أَوْ تُرَى لَهُ وَهِيَ فِي الْآخِرَةِ الْجَنَّةُ» ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ:
الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ، وَهِيَ مِنَ الْمُبَشِّرَاتِ «٦» هكذا رواه من هذا الطَّرِيقِ مَوْقُوفًا، وَقَالَ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ هِيَ الْبُشْرَى يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ» «٧».
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٨» : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ الدُّولَابِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنِ أَبِيهِ عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثابت عن أم كريز الْكَعْبِيَّةِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ وَبَقِيَتِ الْمُبَشِّرَاتُ» وَهَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رباح وغيرهم أنهم فسروا ذلك بالرؤيا
(٢) كتاب البر حديث ١٦٦.
(٣) المسند ٢/ ٢١٩، ٢٢٠.
(٤) تفسير الطبري ٦/ ٥٨١.
(٥) تفسير الطبري ٦/ ٥٧٨.
(٦) تفسير الطبري ٦/ ٥٧٨. [.....]
(٧) تفسير الطبري ٦/ ٥٧٨.
(٨) تفسير الطبري ٦/ ٥٧٩.