آيات من القرآن الكريم

أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ۗ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ

لا ينسج عليه عنا كب العاهات وأي نعيم لا يكدره الدهر هيهات وانى لما أتممت الدفتر الاول من هذا الجمع المعول المسمى ب (روح البيان فى تفسير القرآن) على ما القى فى روعى من نفث روح القدس وألهم لى من مقام الملكوت وحضرة الانس وأوقفت القلم عند منتهاه من السير على وجه لم يسبقنى اليه الغير رأيت رؤيا هالتنى واذعرتنى وعن خطب جليل أخبرتني فلما تفكرت فى تعبيرها والمراد منها واستفتيت قلبى فى كشف القناع عنها استبان لى ان الله تعالى فسح فى مدتى وانسأ حمامى الى حصول منيتى لكن لم يعرّف الحد بل أبهم لكونه بالنسبة الىّ مرو ما غير أهم الا انى وجدت السن قد ناهزت الأربعين وقد اشمط الرأس ولهزم الشيب الخدّ على اليقين ورأيت ان اركان الوجود تضعضعت من ضعف الكبر وقوة الفتور وان شمس القوى قد توجهت الى الأفول بعد الظهور وان الفكرة قد فهدت كعبود وان القلب كانما غرز بابر بل بسفود ومن ثم دمست وجوه المحابر وانشقت جيوب الأقلام وتطايرت الصحف كايادى سبا كأنهن فى مأتم الآلام فوضعت الديباجة على عتبة الباب واتربت الجبهة لمسبب الأسباب ووجهت ركاب التوجه الى جنابه الرفيع وادمعت العين رجاء ان يكون لى خير شفيع فى ان يشد عضدى فى إتمام الدفتر الثاني والثالث ويعوق عنى صروف الدهر والحوادث ويحرك من عطفى الى قضاء هذا الوطر وان كان جسيما وكان فضل الله عظيما ومن ديدنى فى هذا الجمع ان لا اكثر من وجوه التفسير بل اقتصر على ما ينحل به عقد الآي على وجه يسير مع توشيحات خلت عنها التفاسير الاول من المجلدات الصغر والكبر والطول وتذييلات ينسرّ بذكرها صدور اهل التذكير والعظة مع نبذ مزجت فى كل مجلس من الأبيات الفارسية الدرية لتكون عبرة موقظة ومن دأبى ايضا ان لا أغير عبارات المآخذ الا لان يتجاوب الكلم او يكون المقام مما يقال فيه لا أو لم وأشرت الى بعض اللوائح بقولي يقول الفقير وأدرجت بعضها فى خلال التقرير ووقع الشروع فى هذا الجلد فى العشر الثاني من الثلث الثالث من السدس الثاني من النصف الثاني من العشر الثاني من العشر الاول من العقد الثاني من الالف الثاني من الهجرة النبوية على صاحبها الف الف سلام وتحية وكان البدء كالاول فى مهاجرى ومراغمى بلدة بروسة المحروسة لا زالت أقطارها بالأرواح القدسية مأنوسة اللهم كما عودتنى فى الاول خيرا كثيرا يسر لى الأمر فى الآخر تيسيرا واجعل
رقيمى هذا سببا لبياض الوجه كما تبيض وجوه أوليائك وامح مسودات صحائف أعمالي بجاه حبيبك محمد أحب أنبيائك ولم أكن بدعائك رب شقيا بكرة وعشيا مادمت حيا فلك الحمد فى الاولى والاخرى على عناياتك الكبرى وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين
تفسير سورة يونس
مكية وهى مائة وتسع آيات بينات بسم الله الرحمن الرحيم
الر الظاهر ان الر اسم للسورة وانه فى محل الرفع على انه مبتدأ حذف خبره او خبر مبتدأ محذوف اى الر هذه السورة او هذه السورة الر اى مسماة بهذا الاسم ولله ان يسمى السور بما أراد ورجحه المولى ابو السعود رحمه الله حيث قال وهو اظهر من الرفع على

صفحة رقم 3

الابتداء لعدم سبق العلم بالتسمية بعد فحقها الاخبار بها لا جعلها عنوان الموضوع لتوقفه على علم المخاطب بالانتساب والاشارة إليها قبل جريان ذكرها لما انها باعتبار كونها على جناح الذكر وبصدده صارت فى حكم الحاضر كما يقال هذا من اشترى فلان انتهى يقول الفقير اعلم ان الحروف اجزاء الكلمات وهى اجزاء الجمل وهى اجزاء الآيات وهى اجزاء السور وهى اجزاء القرآن فالقرآن ينحل الى السور وهى الى الآيات وهى الى الجمل وهى الى الكلمات وهى الى الحروف وهى الى النقاط كما ان البحر يأول الى الأنهار والجداول وهى الى القطرات فاصل الكل نقطة واحدة وانما جاء الكثرة من انبساط تلك النقطة وتفصلها وقول اهل الظاهر فى الر وأمثاله تعديد على طريق التحدي لا يخلو عن ضعف إذ هذه الحروف المقطعة لها مدلولات صحيحة وهى زبدة علوم الصوفية المحققين وقد ثبت ان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اوتى علوم الأولين والآخرين. فمن علوم آدم وإدريس عليهما السلام علم الحروف وانما ذمت الطائفة الحروفية لاخذهم بالاشارة ورفضهم العبارة وهتكهم حرمة الشريعة التي هى لباس الحقيقة كما ان اللفظ لباس المعنى والعبارة ظرف الاشارة والوجود مرآة الشهود وكل منهما منوط بالآخر والمنفرد بأحدهما خارج عن دائرة المعرفة الالهية فعلم هذه الحروف بلوازمها وحقائقها مفوض فى الحقيقة الى الله والرسول وكمل الورثة ومنهم من ذهب الى جانب التأويل وقال كل حرف من الحروف المقطعة مأخوذ من اسم من أسمائه تعالى والاكتفاء ببعض الكلمة معهود فى العربية كما قال الشاعر قلت لها قفى فقالت ق اى وقفت ولذا قال ابن عباس رضى الله عنهما معنى الر انا الله ارى. وعنه انه من حروف الرحمن وذلك انه إذا جمعت الر وحم ون انتظم حروف الرحمن وقال فى التأويلات النجمية ان فى قوله الر إشارتين. اشارة من الحق للحق والى عبده المصطفى وحبيبه المجتبى. واشارة من الحق لنبيه واليه عليه السلام فالاولى قسم منه تعالى يقول بآلائى عليك فى الأزل وأنت فى العدم وبلطفي معك فى الوجود ورحمتى ورأفتى لك من الأزل الى الابد والثانية قسم منه يقول بانسك معى حين خلقت روحك أول شىء خلقته فلم يكن معنا ثالث وبلبيك الذي أجبتني به فى العدم حين دعوتك للخروج منه فخاطبتك وقلت ياسين اى يا سيد قلت لبيك وسعديك. والخير كله بيديك. وبرجوعك منك الى حين قلت لنفسك ارجعي الى ربك تِلْكَ محله الرفع على انه مبتدأ خبره ما بعده وعلى تقدير كون الر مبتدأ فهو مبتدأ ثان وهى اشارة الى ما تضمنته هذه السورة من الآيات آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ اى آيات القرآن المشتمل على الحكم على ان يكون الحكيم بناء النسبة بمعنى ذى الحكم وذلك لان الله تعالى أودع فيه الحكم كلها فلا رطب ولا يابس الا فى كتاب مبين- حكى- ان الامام محمدا رحمه الله غلب عليه الفقر مرة فجاء الى فقاعى يوما فقال ان أعطيتني شربة أعلمك مسألتين من الفقه فقال الفقاعى لا حاجة الى المسألة

قيمت در گرانمايه چهـ دانند عوام حافظا گوهر يكدانه مده جز بخواص
فاتفق انه حلف ان لم يعط بنته جميع ما فى الدنيا من الجهاز فامرأته طالق ثلاثا فرجع الى العلماء فافتوا بحنثه لما انه لا يمكن ذلك فجاء الى الامام محمد فقال الامام لما طلبت منك شربة كان فى عزيمتى ان أعلمك هذه المسألة ومسألة اخرى فالآن لا أعلمها الا بعد أخذ الف دينار

صفحة رقم 4

تعظما لشان المسألة فدفعه اليه فقال لو دفعت الى البنت مصحفا كنت بارا فى يمينك فسأله علماء عصره عن وجهه فاجاب بان الله تعالى قال وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ فوقع هذا الجواب عندهم فى حيز القبول
علم دريست نيك با قيمت... جهل درديست سخت بى درمان
وفى التأويلات هذه الآيات المنزلة عليك آيات الكتاب الحكيم الذي وعدتك فى الأزل وأورثته لك ولا متك وقلت ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فاختص هذا الكتاب بان يكون حكيما من سائر الكتب اى حاكما يحكم على الكتب كلها بتبديل الشرائع والنسخ ولا يحكم عليه كتاب ابدا واختص هذه الامة بالاصطفاء من سائر الأمم وأورثهم هذا الكتاب ومعنى الوراثة انه يكون باقيا فى هذه الامة يرثه بعضهم من بعض ولا ينسخه كتاب كما نسخ هو جميع الكتب أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً الهمزة لانكار تعجبهم ولتعجيب السامعين منه لكونه فى غير محله والمراد بالناس كفار مكة قال ابو البقاء للناس حال من عجبا لان التقدير أكان عجبا للناس وعجبا خبر كان واسمه قوله أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ اى بشر من جنسهم فأنهم كانوا يتعجبون من إرسال البشر ولم يتعجبوا من ان يكون الا له صنما من حجر او ذهب او خشب او نحاس او ممن لا يعرف بكونه ذا جاه ومال ورياسة ونحو ذلك مما يعدونه من اسباب العز والعظمة فانهم كانوا يقولون العجب ان الله تعالى لم يجد رسولا يرسله الى الناس الا يتيم ابى طالب وهو من فرط حماقتهم وقصر نظرهم على الأمور العاجلة وجهلهم بحقيقة الوحى والنبوة فانه عليه السلام لم يكن يقصر عن عظمائهم فى النسب والحسب والشرف وكل ما يعتبر فى الرياسة من كرم الخصال الا فى المال ولا مدخل له فى شرف النفس ونجابة جوهرها الا انهم لعظم الغنى فى أعينهم تعجبوا من اصطفائه للرسالة وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ: قال الحافظ قدس سره
تاج شاهى طلبى گوهر ذاتى بنماى... در خود از گوهر جمشيد فريدون باشى
: وقال السعدي قدس سره
هنر بايد وفضل ودين... كه گاه آيد وگه رود جاه ومال
قال فى التأويلات النجمية يشير الى انهم يتعجبون من ايحائنا الى محمد عليه السلام لانه كان رجلا منهم وفيه رأينا رجوليته قبل الوحى وتبليغ الرسالة من بينهم ولهذا السر ما اوحى الى امرأة بالنبوة قط انتهى. والرجولية هى صدق اللسان ودفع الأذى عن الجيران والمواساة مع الاخوان هذا فى الظاهر واما فى الحقيقة فالتنزه عن جميع ما سوى الله تعالى. وفى حديث المعراج (ان الله تعالى نظر الى قلوب الخلق فلم يجد اعشق من قلب محمد عليه السلام فلذا أكرمه بالرؤية) فالعبرة لحال الباطن لا لحال الظاهر واعلم ان حال الولاية كحال النبوة ولو رأيت اكثر اهل الولاية فى كل قرن وعصر لوجدتهم ممن لا يعرف بجاه ومن عجب من ذلك القى فى ورطة الإنكار وحجت بذلك الستر عن رؤية الأخيار أَنْ مفسرة للمفعول المقدر اى أوحينا اليه شيأ هو أَنْذِرِ النَّاسَ اى جميع الناس كافة لا ما أريد بالأول عمم الانذار لانه ينفع جميع

صفحة رقم 5

المكلفين من الكفار وعوام المؤمنين وخواصهم فالبعض ينذر بنار الجحيم والبعض الآخر بانحطاط الدرجات فى دار النعيم والبعض الثالث بنار الحجاب عن مطالعة جمال الرب الكريم وقدم الانذار على التبشير لان ازالة ما لا ينبغى متقدمة فى الرتبة على فعل ما ينبغى وهو لا يفيد مادامت النفس ملوثة بالكفر والمعاصي فان تطييب البيت بالبخور انما يكون بعد الكنس وازالة القاذورات ألا ترى ان الطبيب الذي يباشر معالجة الأمراض البدنية يبدأ اولا بتنقية البدن من الاخلاط الرديئة ثم يباشر المعالجة بالمقويات فكذلك الطبيب الذي يباشر معالجة مرض القلب لا بد له ان يبدأ اولا بتنقيته من العقائد الزائغة والأخلاق الرديئة والأعمال القبيحة المكدرة للقلب بان يسقيه شربة الانذار بسوء عاقبة تلك الأمور وبعد تنقيته من المهلكات يعالجه بما يقويه على الطاعات بان يسقيه شربة التبشير بحسن عاقبة الأعمال الصالحات ولهذا اقتصر على ذكر الانذار فى مبدأ امر النبوة حيث قال يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا دون الذين كفروا إذ ليس لهم ما يبشرون به من الجنة والرحمة ماداموا على كفرهم أَنَّ لَهُمْ اى بان لهم
قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ اى أعمالا صالحة سابقة قدموها ذخرا لآخرتهم ومنزلة رفيعة يقدمون عليها سميت قدما على طريق تسمية الشيء باسم آلته لان السبق والقدوم يكون بالقدم كما سميت النعمة يدا لانها تعطى باليد واضافة قدم الى الصدق من قبيل اضافة الموصوف الى صفته للمبالغة فى صدقها وتحققها كأنها فى صدقها وتحققها مطبوعة منه وإذا قصد تبيينها لا تبين إلا به وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال قَدَمَ صِدْقٍ شفاعة نبيهم لهم هو امامهم الى الجنة وهم بالأثر

گفتى كنم شفاعت عاصى عذر خواه دل بر اميد آن كرم افتاد در گناه
قالَ الْكافِرُونَ هم المتعجبون اى كفار مكة مشيرين الى رسول الله عليه السلام إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ [جادويست آشكارا] وفيه اعتراف بانهم صادفوا من الرسول أمورا خارقة للعادة معجزة إياهم عن المعارضة واعلم ان الكفار سحرهم سحرة صفات فرعون النفس ولذا صاروا صما بكما عميا عن الحق فهم لا يعقلون الحق ولا يتبعون داعى الحق والنفس جبلت على حب الرياسة وطلب التقدم فلا ترضى ان تكون مرؤوسة تحت غيرها فاصلاحها انما هو بالعبودية التي هى ضد الرياسة والانقياد للمرشد: وفى المثنوى
همچواستورى كه بگريزد زبار او سر خود گيرد اندر كوهسار
صاحبش از پى دوان كاى خيره سر هر طرف گرگيست اندر قصد خر
استخوانت را بخايد چون شكر كه نبينى زندگانى را دگر
هين بمگريز از تصرف كردنم وز گرانى بار چون جانت منم
تو ستورى هم كه نفست غالبست حكم غالب را بود اى خود پرست
مير آخر بود حق را مصطفا بهر استوران نفس پر جفا
لا جرم اغلب بلا بر انبياست كه رياضت دادن خامان بلاست
قال عيسى عليه السلام للحواريين اين تنبت الحبة قالوا فى الأرض فقال كذلك الحكمة

صفحة رقم 6
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية