
(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٠)
* * *
أي ما استقام لنفس أن تؤمن باللَّه وباليوم الآخر والرسل الذين جاءوا بالأدلة الحاسمة إلا بإذن اللَّه تعالى توجيها وتصريفا وتوفيقا فهو سبحانه وتعالى الملهم خلق النفس فسواها ألهمها فجورها وتقواها، فمن سلك سبيل الهداية والرشاد واتبع ما جاء به الرسل واستمع إليهم أخذ اللَّه تعالى بيده إلى الإيمان، ومن سلك سبيل الغواية أمعن في طريق الضلال، وكلاهما بإذن اللَّه تعالى وإرادته.
(وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) الرجس هو الأمر المستقذر في العقل والإدراك والحس، كقوله تعالى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ...)، أي أنه قذر حسا، والكفر يعد قذارة معنوية يصيب الفكر

كما يصيب لحم الخنزير المعدة بالقذارة، فإطلاقه على الكفر والتخاذل والبعد عن اللَّه تعالى من قبيل المجاز بالاستعارة. وفى قوله تعالى: أنه يجعل الرجس على الذين لَا يدركون بعقولهم الفرق بين الحق والباطل، ولا يعملون بعقولهم، بل يقولون نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ولا يديرون الأمور بميزان العقل فهم في ضلال بعيد.
صفحة رقم 3639