آيات من القرآن الكريم

ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ
ﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚ

وعكرمة وابن زيد.
وروي ذلك عن النبي ﷺ.
وعن ابن عباس أيضاً: ﴿النجدين﴾: الثديين، [سبيل] اللبن.
وقال الضحاك، وقاله علي ابن أبي طالب رضي الله عنهـ.
والنجد في اللغة الطريق المرتفع.
قوله تعالى: ﴿فَلاَ اقتحم العقبة﴾ إلى آخر السورة.
أي: فلم يقتحم، أي: لم يركب هذا القوي الشديد العقبة فيقطعها ويجوزها بالإيمان والعمل الصالح، فهو خاص يراد به العموم.
قال ابن عباس: " العقبة جبل في جهنم ".

صفحة رقم 8279

وقال الحسن: هي عقبة في جهنم.
وقال قتادة: [للنار] عقبة دون الجسرز
وقال كعب: العقبة " [سبعون] درجة في جهنم ".
وقيل: معناه أنه تمثيل يراد به، لم يفعل ما أمر به، ومثل ذللك بالعقبة لعصوبته وصعوبة جواز العقبة.
وقال ابن زيد: ﴿فَلاَ اقتحم العقبة﴾ [أي]: فلم يسلك الطريق الذي فيه النجاة.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا العقبة﴾.
أي: ما [اقتحام] العقبة؟! [أي]: وأي شيء أشعرك يا محمد ما اقتحام

صفحة رقم 8280

العقبة؟! ثم بين ما هو فقال:
﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ أي: اقتحامها والنجاة منها هو فك رقبة من الرق [وأسر] العبودية.
قال الحسن: " ذكر لنا أنه ليس مسلم يعتق رقبة مسلمة إلا كانت فداءه من النار. وسئل النبي ﷺ عن الرقاب أيها أعظم أجراً؟ فقال: " أكثرها ثمناً ".
وقال ﷺ: " من أعتق رقبة مؤمنة فهي فداؤه من النار ".
ثم خير أيضاً في اقتحام العقبة، [فقال]:

صفحة رقم 8281

﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ﴾.
أي: وهو أيضاً أن يعلم في يوم ذي مجاعة يتيماً لا أب له من قرابتك والمقربة والقرابة واحد. قال ابن زيد: ﴿ذَا مَقْرَبَةٍ﴾. " ذا قرابة ".
ثم قال تعالى: ﴿أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ﴾.
أي: ذا [لصوق] بالتراب قال مجاهد: ﴿ذَا مَقْرَبَةٍ﴾: " ليس له مأوى إلا التراب "، يعني: المسكين المطروح في التراب ليس له شيء يقيه من التراب.
وقيل: معنه: أو مسكيناً ذا فقر، من قولهم " ترب الرجل " إذ افتقر.
وعن ابن عباس: ﴿ذَا مَتْرَبَةٍ﴾: كثير الحاجة، وقاله ابن زيد.
وعن ابن عباس أيضاً: ﴿ذَا مَتْرَبَةٍ﴾: ذا عيال وكبر سن ليس بينك وبينه قرابة وقاله ابن جبير.

صفحة رقم 8282

وقال الضحاك: ﴿ذَا مَقْرَبَةٍ﴾ " ذا عيال لا صقين بالأرض من المسكنة ".
وعن ابن عباس: ﴿ذَا مَتْرَبَةٍ﴾: هو الرجل يخرج إلى حاجته ثم يرد وجهه منقلباً إلى بيته يستيقن أن ليس فيه إلا التراب.
وقال سفيان: هم المطروحون في ظهر الطريق، لا بيت لهم.
[يقال]: تربت يد الرجل: إذا افتقر، أي: ليس يحصل في يده إلا التراب.
وقوله: ﷺ: " فعليك بذات الدين تربت يمينك "، معناه: افتقرت يمينك إن فاتتك، أي: لا يحصل في يمينك إلا التراب إن [فاتتك].

صفحة رقم 8283

ونظيره: " [وللعاهر] الحجر "، أي: لا يحصل في يد الزاني بأمة على فراش غيره من الولد إلا التراب، أي: لا شيء (له) فيه.
ويقال: أترب الرجل إذا استغنى، أي: صار المال عنده ككثرة التراب.
ويقال: " فلان ترب فلان "، [أي: ولداً] في وقت واحد فربا على التراب في وقت. ومن هذا، قيل لضلوع الصدر: ترائب، والواحدة: تربية، لأنها مستوية ليست منحنية كغيرها.
ثم قال تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بالصبر﴾.

صفحة رقم 8284

قيل: " ثم " بمعنى " الواو "، والمعنى: وكان من الذين آمنوا [بفعله] هذه الخصال.
وقيل: " ثم " على بابها والمعنى: ثم ضم الإيمان إلى هذا الفعل الذي يفعله المسلم غيره، لأن فك الرقاب وإطعام الطعام شيء يفعله المشرك كما يفعله المسلم، فإذا ضم الإيمان معه كان نافعاً [له]. وقيل: المعنى على هذا، و " ثم " بمعنى الواو.
وقيل: المعنى: ثم كان من الذين يؤمنون أن [هذا] نافعهم عند الله. [ففعله] إنما كان وهو مؤمن بالله، ولم يفعله وهو غير مؤمن ثم آمن، إنما فعله هو مؤمن ثم (آمن) بعد فعله أنه نافعه، " فثم " على بابها، فتقديره: ثم كان من الذين /آمنوا [بنفع] ما يفعلون من البر لهم عند الله. ﴿وَتَوَاصَوْاْ بالصبر﴾، أي: وتواصوا بالدوام على ذلك الفعل (و) على أنه نافعهم عند الله.
وقيل: بالصبر على ما نالهم في ذات الله.

صفحة رقم 8285

وقال (الفضيل): بالصبر عن معاصي الله، وقيل: معنى ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ﴾: ثم أخبرهم بهذا.
(ومعنى) الكلام أنك تقول " أحسنت إلى فلان (وفعلت به) ثم هو يذمني "، فليس إخبارك بذمه لك كان بعد قولك الآن، إنماهو شيء كان قبل إخبارك الآن بما فعلت به من الإحسان، فذمه لك وقع بعد إحسانك إليه و [قبل: إخبارك الآن.
فالإيمان في الآية ثابت قبل فعله ما تقتحم به العقبة وإن كان الإخبار وقع عنه بعد ذكر الاقتحام. وقيل: معناه: ثم ثبت على الإيمان، ففعله كان أولاً وهو

صفحة رقم 8286

مؤمن، ثم ثبت على الإيمان ولم يبدله.
وقوله: ﴿وَتَوَاصَوْاْ بالمرحمة﴾.
قال ابن عباس: " بمرحمة الناس ".
ثم قال: ﴿والذين كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ المشأمة﴾ أي: ذات اليمين في الجنة.
ثم قال تعالى: ﴿أولئك أَصْحَابُ الميمنة﴾.
أي: هم الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار.
ثم قال تعالى: ﴿عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ﴾.
قال ابن عباس: ﴿مُّؤْصَدَةٌ﴾: " مطبقة " وقاله مجاهد والضحاك وقتادة.
وقال قتادة: أطبقها الله عليهم، فلا ضوء فيها ولا فروج ولا خروج منها آخر الأبد.

صفحة رقم 8287

والهمز وتركه في " موصدة " لغتان، يقال: آصدت (الباب) وأوصدته، بمعنى: [أطبقته].
وقوله: ﴿بالوصيد﴾ [الكهف: ١٨]، يدل على (معنى) أوصدت، ولو كان من آصدت لكان: " بالأصيد.

صفحة رقم 8288
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية