آيات من القرآن الكريم

إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ

﴿وَقَاتِلُواْ المشركين كَآفَّةً﴾.
أي: جميعاً.
ومعنى ﴿كَآفَّةً﴾، أي: يكف بعضهم بعضعاً عن التخلف كما يفعلون.
﴿واعلموا أَنَّ الله مَعَ المتقين﴾.
أي: مع من اتقى أمره ونهيه وأطاعه.
ومن جعل ﴿فِيهِنَّ﴾ يعود على: " الاثنا عشر شهراً " وقف على: ﴿القيم﴾، ومن جعله يعود على: " الأربعة الحرم " وقف على: ﴿أَنْفُسَكُمْ﴾، وهو قول نافع والأخفش. والأول قول أبي حاتم ويعقوب.
قوله: ﴿إِنَّمَا النسياء زِيَادَةٌ فِي الكفر﴾، الآية.
روى أحمد بن صالح، وداود، وأبو الأزهر عن ورش: ﴿النسياء﴾،

صفحة رقم 2986

مشدداً غير مهموز.
وكذلك قال أحمد بن صالح عن قالون.
وقال الحلواني عن قالون: مهموز.

صفحة رقم 2987

وكذلك روى إسماعيل بن جعفر عن نافع.
وهو من " نسأتُ " و " أَنْسَأْتُه ": إذا أخرته.
ومن قرأ بغيْرِ همزٍ احتمل أن يكون على تخفيف الهمز.
واحتمل أن يكون من " نسيت " الشيء: تركته.
ومن قرأ ﴿يُضَلُّ﴾، بفتح الياء، فمعناه: أنهم يَضِلون بتأخير شهر الحج

صفحة رقم 2988

وتقديمهم غيره.
ومن قرأ ﴿يُضَلُّ﴾ بضم الياء، على ما لم يُسمَّ فاعله احتج بقوله: ﴿زُيِّنَ لَهُمْ﴾، فأجراه عليه للمشاكلة.
وقرأ الحسن، وأبو رجاء: ﴿يُضَلُّ﴾، بالضم، من: " أضَلَّ "، على معنى: أنهم يضلون به مَنْ قَبِلَ منهم ذلك.
و ﴿الذين﴾ في القراءتين المتقدمتين في موضع رفع.

صفحة رقم 2989

وفي هذه القراءة يجوز أن يكون في موضع رفع على أنهم يضلون به من قَبِل منهم.
ويجوز أن يكون في موضع نصب، على معنى: يُضل الله به الذين كفروا.
ومعنى الآية عند الطبري: ما النسيء إلا زيادة في الكفر، على معنى: إنما التأخير الذي يؤخِّره أهل الشرك من شهور الحرم، وتصييرهم الحرام حلالاً، والحلال حراماً، زيادة في كفر من فعل ذلك.
وذلك أنَّ أبا ثُمامة بن عوف، كان يحرم عليهم صفراً عاماً، ويحلله عاماً، فيحرم صفراً والمحرم عاماً، وهو قوله: ﴿يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً﴾.
وذلك أنهم (كانوا) قد تمسكوا بتحريم الأربعة الأشهر الحرم من ملة إبراهيم، عليه السلام، فربما احتاجوا إلى تحليل المحرّم لحرب تكون بينهم، فيؤخرون تحريم المحرّم إلى صفر، ويقاتلون في المحرم. (هذا قول أبي عبيد، قال: فيحرمون صفراً إذا

صفحة رقم 2990

قاتلوا في الحرم)، ويقولون: هذا أحدُ الصفرين.
وقد تأول قوم قول النبي ﷺ: " لا صَفَرَ " أنه إنما نفى هذا المعنى.
ثم كانوا يحتا/جون إلى صفر لقتال، فيؤخرون تحريمه إلى ربيع، ثم يتمادون على تحريمه، ثم كذلك يؤخرون من شهر إلى شهر حتى استدار المحرم عن السنة كلها، فأتى الإسلام وقد رجع المحرم إلى موضعه الذي وضعه الله به، وذلك بعد دهر طويل؛ لأنهم كانوا ينتقلون إلى تحريم شهر، ويقيمون عليه مدة، (ثم يحتاجون إلى القتال فيه، فيحرمون ما بعده، ويقيمون عليه مدة ثم يحتاجون إلى القتال فيه، فيحرمون ما بعده ويقيمون عليه مدة)، حتى صاروا إلى المحرم، فأتى الإسلام وقد

صفحة رقم 2991

رجع إلشيء إلى حقه، فذلك قول النبي ﷺ: " إنَّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ".
فقوله: ﴿يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً﴾، هو أنه يحلون صفراً، ثم يحتاجون إلى تحريمه [فيحرمونه]، ويحلون ما قبله، ثم يحتاجون إلى تحليل صفر، فيحلونه، ويحرمون ما بعده، كذا يصنعون.
وقال مجاهد في قوله: ﴿وَلاَ جِدَالَ فِي الحج﴾ [البقرة: ١٩٧]، أي: وقد استقر الحج الآن في ذي الحجة فلا جدال فيه.
وقال مجاهد: كانت العرب تحج عاميْن في ذي القعدة، وعاميْن في ذي الحجة، فلما حج النبي ﷺ، كان الحج تلك السنة في ذي الحجة، فهو معنى: ﴿وَلاَ جِدَالَ فِي الحج﴾، أي: استقر في ذي الحجة.

صفحة رقم 2992

وقال ابن عباس، ومجاهد، والضحاك: إن المعنى، أن رجلاً [كان] يأتي الموسم، فيحل لهم المحرم سنة ويحرم صفراً، ويحلل صفر العام المقبل، ويحرم المحرم.
قال ابن زيد: كان اسم الرجل: الْقَلَمَّس، قال شاعرهم:
ومنَّا الذي يُنْسي الشُّهورَ الْقَلَمَّسُ... ومعنى ﴿زِيَادَةٌ﴾، (أي): أزدادوا به كفراً إلى كفرهم.

صفحة رقم 2993
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية