
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا فِي كتاب الله﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: معنى الْآيَة: هُوَ أَن الشُّهُور الَّتِي تعبد بهَا الْمُسلمُونَ فِي صِيَامهمْ وحجهم وأعيادهم وَسَائِر أُمُورهم، هِيَ الشُّهُور بِالْأَهِلَّةِ، وَقد كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يحسبون السّنة بالشهور الشمسية، ويجعلون السّنة ثلثمِائة وَخَمْسَة وَسِتِّينَ يَوْمًا وَربع يَوْم. وَأما فِي الشَّرِيعَة فَالسنة مَا بَينا، وَلِهَذَا يكون الصَّوْم تَارَة فِي الشتَاء وَتارَة فِي الصَّيف.
قَوْله: ﴿فِي كتاب الله﴾ أَي: فِي حكم الله، وَقيل: فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ. ﴿يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَة حرم﴾ هِيَ: ذُو الْقعدَة، وَذُو الْحجَّة، وَالْمحرم، وَرَجَب. وَاحِد فَرد وَثَلَاثَة سرد.

﴿كَمَا يقاتلونكم كَافَّة وَاعْلَمُوا أَن الله مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦) إِنَّمَا النسيء زِيَادَة فِي الْكفْر
وَقد صَحَّ عَن النَّبِي بِرِوَايَة أبي بكرَة أَنه قَالَ: " أَلا إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض، السّنة اثْنَا عشر شهرا مِنْهَا أَرْبَعَة حرم ٠٠٠ " الْخَبَر.
قَوْله: {ذَلِك الدّين الْقيم﴾ أَي: ذَلِك الْحساب الصَّحِيح.
قَوْله: ﴿فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم﴾ اخْتلفُوا فِي هَذَا على قَوْلَيْنِ:
أَحدهمَا: أَن قَوْله: ﴿فَلَا تظلموا فِيهِنَّ﴾ ينْصَرف إِلَى الْأَشْهر الْأَرْبَعَة.
وَالثَّانِي أَنه منصرف إِلَى جَمِيع أشهر السّنة، وَهَذَا محكي عَن ابْن عَبَّاس.
وَأما الظُّلم فِي هَذَا الْموضع: فَهُوَ ترك الطَّاعَة وَفعل الْمعْصِيَة.
وَقَوله: ﴿وقاتلوا الْمُشْركين كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُوكُمْ كَافَّة﴾ أَي: قَاتلُوا جَمِيع الْمُشْركين كَافَّة كَمَا قَاتلُوا جميعكم.
قَوْله: ﴿وَاعْلَمُوا أَن الله مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ من الظُّلم بالنصرة وَالظفر.