آيات من القرآن الكريم

وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ
ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ

ولم يَسْمَعْ " يا إلُّ في الدعاءِ.
وحقيقة " الإلّ " عندي على ما تُوحيه اللغة تحديد الشيءِ فمن ذلك:
الإلَّةُ: الحربة، لأنَّها محدَّدَة، ومن ذلك: إذُن مُؤلَّلة، إذا كانت محدَّدَة.
والأل يُخرَجُ في جميع ما فُسِرَ من العهْدِ والجوار على هذا، وكذلك
القرابَة، فإِذا قلت في العهد بَيْنَهُما إِلٌّ فمعناه جواز يحاد الإنسان، وإذا قُلْتَهُ في القرابة فتأوِيله القرابَة الدانِية التي تحادُّ الإنسانَ.
* * *
وقوله - جلَّ وعزَّ -: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢)
أي رؤساءَ الكافرين، وقادتهم، لأن الِإمام متبَع.
وهذه الآية توجب قَتلَ الذِميِّ إذا أظْهَرَ الطعنَ في الإسلام لأن العهد
معقود عليه بألَّا يطعَنَ، فإِذا طعنَ فقد نكث.
وقوله: (أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) فيها عند النحويين لُغة واحدة: أيمة بهمزة وياء
والقرَاءُ يقرَأون (أَئِمَّةَ) بهمزتين، وأيمة بهمزة وياء فأما النحويون فلا يجيزون
اجتماع الهمزتين ههنا، لأنهما لا يجتمعان في كلمة، ومن قرأ أئمة -
بهمزتين - فينبغي أن يقرأ يا بني أأدم، والاجتماع أن آدم فيه همزة واحدة.
فالاختلاف راجع إلى الإِجماع، إلا أن النحويين يستصعِبون هذه المسألة.
ولهم فيها غير قول:
يقولون إِذا فضلنا رجلاً في الإمَامة: هذا أوَمُّ من هذا ويقول بعضهم أيُمَّ
من هذا، فالأصل في اللغة أأْمِمَةٌ لأنه جمع إِمامٍ، مثل مِثَال وأمْثلَةٍ، ولكن

صفحة رقم 434

الميمين لما اجتمعتا أدغمت الأولى في الثانية وألغِيت حركتها على الهمزة.
فصار أئِمة، فأبدل النحويون من الهمزة الياء.
ومن قال: هذا أيَمَّ من هذا جعل هذه الهمزة كلما تحركت أبْدَلَ مِنها
قال أبو إسحاق: والذي قال: (هَذا أوَمُّ مِن هذا) كانت عنده أصلها أَأَم.
فلم يمكِنْه أن يُبدِلَ منها ألِفاً لاجتماع السَّاكنين، فجعلها واواً مفتُوحة، لأنه
قال: إذا جمعت آدمَ قُلتَ أوادِمَ.
وهذا هو القياس الذي جعلها ياءً.
قال: قد صارت الياءُ في أئمة بدَلاً لازماً.
وهذا مذهب الأخفشِ، والأول مذهب المازني.
قال أبو إسحاق وأظنه أقْيَسَ الوَجْهَين، أعني: هذا أوَمُّ مِنْ هَذَا، فأما
أئِمة باجتماع الهمزتين، فليس من مذاهب أصحابنا، إلا ما يحكى عن ابن
إسحاق فإنه كان يحب اجتماعهما وليس ذلك عندي جائزاً، لأن هذا الحرف
في أئمة قد وقع فيه التضعيف والإدغام، فلما أدغم وقعت علة في الحرف.
وطرحت حركته على الهمزة فكان تركها دليلاً على أنها همزة قد وقع عليها
حركة ما بعدها، وعلى هذا القياسِ يجوز: هذا أأمُّ مِنْ هذا والذي بدأنا به هو الاختيار من أن لا تجتمع همزتان.
* * *
وقوله: (إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ).
وتقرأ (لا إِيمان لَهُمْ) فمن قرأ: (لا أيمَان لهمْ) بالفتح فقد وصفهم بالنكث
في العهد، وهو أجودُ القراءَتين، ومن قرأ " لا إيمَانَ لهم " فقد وصفهم بالردةِ، أي لا إِسْلامَ لَهم، ويجوز أن يكون نَفَى عنهم الإيمان لأنهم لم يُؤمنوا، كما
تقول: لا عِلْمَ لِفُلانٍ.

صفحة رقم 435
معاني القرآن وإعرابه للزجاج
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، الزجاج
تحقيق
عبد الجليل عبده شلبي
الناشر
عالم الكتب - بيروت
سنة النشر
1408
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية