آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ

على ذلك مواثيقهم فيرسل إليهم ان ادخلوا النار فينطلقون حتى إذا رأوها فرقوا ورجعوا فقالوا ربنا فرقنا منها ولا نستطيع ان ندخلها فيقول ادخلوها داخرين) فقال النبي عليه السلام (لو دخلوها أول مرة كانت عليهم بردا وسلاما) قال الحافظ ابن حجر فالظن بآله ﷺ يعنى الذين ما توا قبل البعثة انهم يطيعون عند الامتحان إكراما للنبى عليه السلام لتقر عينه ونرجوا ان يدخل عبد المطلب الجنة فى جماعة من يدخلها طائعا الا أبا طالب فانه أدرك البعثة ولم يؤمن به بعد ان طلب منه الايمان انتهى كلامه ولعله لم يذهب الى مسألة الاحياء ولذا قال ما قال فى حق ابى طالب

نا اميدم مكن از سابقه لطف ازل تو چهـ دانى كه پس پرده كه خوبست وكه زشت
لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ قال ابن عباس رضى الله عنهما هو العفو عن اذنه للمنافقين فى التخلف عنه وهذا الاذن وان صدر عنه عليه السلام وحده الا انه أسند الى الكل لان فعل البعض يسند الى الكل لوقوعه فيما بينهم كما يقال بنوا فلان قتلوا زيدا وهذا الذنب من قبيل الزلة لان الأنبياء معصومون من الكبائر والصغائر عندنا لان ركوب الذنوب مما يسقط حشمة من يرتكبها وتعظيمه من قلوب المؤمنين والأنبياء يجب ان يكونوا مهابين موقرين ولذا عصموا من الأمراض المنفرة كالجذام وغيره فليس معنى الزلة انهم زلوا عن الحق الى الباطل ولكن معناها انهم زلوا عن الأفضل الى الفاضل وانهم يعاتبون به لجلال قدرهم ومكانتهم من الله تعالى كما قال ابو سعيد الخراز قدس سره حسنات الأبرار سيآت المقربين وقال السلمى ذكر توبة النبي عليه السلام لتكون مقدمة لتوبة الامة وتوبة التابع انما تقبل التصحيح بالمقدمة وقال فى التأويلات النجمية التوبة فضل من الله ورحمة مخصوصة به لينعم بذلك على عباده فكل نعمة وفضل يوصله الله الى عباده يكون عبوره على ولاية النبوة فمنها يفيض على المهاجرين والأنصار وجميع الامة فلهذا قال لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ يدل عليه قوله عليه السلام ما صب الله فى صدرى شيأ الا وصببته فى صدر ابى بكر رضى الله عنه والأنصار جمع نصير كشريف واشراف او جمع ناصر كصاحب واصحاب وهم عبارة عن الصحابة الذين آووا رسول الله ﷺ من اهل المدينة وهو اسم إسلامي سمى الله تعالى به الأوس والخزرج ولم يكونوا يدعون بالأنصار قبل نصرتهم لسيدنا رسول الله ﷺ ولا قبل نزول القرآن بذلك وحبهم واجب وهو علامة الايمان وفى الحديث (آية المؤمن حب الأنصار. وحب الأنصار آية الايمان. وآية النفاق بغض الأنصار) كذا فى فتح القريب والمهاجرون أفضل من الأنصار كما يدل عليه قوله عليه السلام (لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار) قال ابن الملك المراد منه إكرام الأنصار فانه لارتبة بعد الهجرة أعلى من نصرة الدين انتهى وباقى الكلام سبق عند قوله تعالى وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الآية فارجع الى تفسيرها الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ اى النبي ﷺ ولم يتخلفوا عنه ولم يخلوا بأمر من أوامره فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ اى وهو الزمان الذي وقع فيه غزوة

صفحة رقم 525

تبوك فانه قد أصابتهم فيها مشقة عظيمة من شده الحر وقلة المركب حتى كانت العشرة تعتقب على بعير واحد ومن قلة الزاد حتى قيل ان الرجلين كانا يقتسمان تمرة وربما مصها الجماعة ليشربوا عليها الماء المتغير ومن قلة الماء حتى شربوا الفظ وهو ماء الكرش عن عمر رضى الله عنه خرجنا فى قيظ شديد وأصابنا فيه عطش شديد حتى ان الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه قال الكاشفى [وبر طوبات أجواف وامعاى آن دهن خويش را تر ميساختند] ولذلك سميت غزوة العسرة وسمى من جاهد فيها بجيش العسرة وهذه صفة مدح لاصحاب النبي عليه السلام باتباعهم إياه فى وقت الشدة ومع ذلك فقد كانوا محتاجين الى التوبة فما ظنك بغيرهم ممن لم يقاس ما قاسوه مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ اى يميل قلوب طائفة منهم عن الثبات مع رسول الله ﷺ بان هموا ان ينصرفوا فى غير وقت الانصراف من غير ان يؤذن لهم فى ذلك لشدائد أصابتهم فى تلك الغزوة لكنهم صبروا واحتسبوا وندموا
على ما ظهر على قلوبهم فتاب الله عليهم وفى كاد ضمير الشأن وجملة يزيغ فى محل النصب على انها خبر كاد وخبر كاد إذا كان جملة لا بد ان يكون فيه ضمير يعود على اسمها الا إذا كان اسمها ضمير الشان فحينئذ لا يجب ان يكون فيه ضمير يعود الى اسمها ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ اى تجاوز عن ذنبهم الذي فرط منهم وهو تكرير للتأكيد وتنبيه على انه يتاب عليهم من أجل ما كابدوا من العسرة: قال الحافظ

مكن ز غصه شكايت كه در طريق طلب براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيد
إِنَّهُ اى الله تعالى بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ استئناف تعليل فان صفة الرأفة والرحمة من دواعى التوبة والعفو ويجوز كون الاول عبارة عن ازالة الضرر والثاني عن إيصال المنفعة وان يكون أحدهما للسوابق والآخر للواحق ومن كمال رحمته إرسال حبيبه واظهار معجزاته- روى- انهم شكوا للنبى عليه السلام عسرة الماء فى غزوة تبوك فقال أبو بكر رضى الله عنه يا رسول الله ان الله تعالى عودك فى الدعاء خيرا فادع الله لنا قال (أتحب ذلك) قال نعم فرفع عليه السلام يديه فلم يرجعهما حتى أرسل الله سحابة فمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا ما يحتاجون اليه وتلك السحابة لم تتجاوز العسكر- وروى- انهم نزلوا يوما فى غزوة تبوك على غير ماء بفلاة من الأرض وقد كادت عتاق الخيل والركاب تقع عطشا فدعا عليه السلام وقال (اين صاحب الميضاة) قيل هو ذا يا رسول الله قال (جئنى بميضاتك) فجاء بها وفيها شىء من ماء فوضع أصابعه الشريفة عليها فنبع الماء بين أصابعه العشر وأقبل الناس واستقوا وفاض الماء حتى رووا ورووا خيلهم وركابهم وكان فى العسكر من الخيل اثنا عشر الف فرس ومن الإبل خمسة عشر الف بعير والناس ثلاثون الفا وفى رواية سبعون: قال السلطان سليم الاول من الخواقين العثمانية
كوثر نمى ز چشمه احسان رحمتش آب حيات قطره از جام مصطفاست
- روى- انهم لما أصابهم فى غزوة تبوك مجاعة قالوا يا رسول الله لو أذنت لنا نحرنا نواضحنا وادّهنا فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله ان فعلت فنى الظهر ولكن ادعهم بفضل أزوادهم

صفحة رقم 526

وسلم وهو يبرق وجهه من السرور وكان عليه السلام إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر: قال السلطان سليم الاول من السلاطين العثمانية

كر آگهى ز معنى والشمس والضحى تعريف ماه روى دلاراى مصطفاست
بنكر بچرخ وكوكبه لشكر نجوم كأنها فروغ كوهر والاى مصطفاست
فلما جلست بين يديه ﷺ قال (أبشر يا كعب بخير يوم ما مر عليك منذ ولدتك أمك) ثم تلا علينا الآية وهى لَقَدْ تابَ اللَّهُ الى قوله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فقلت يا رسول الله ان من توبتى ان انخلع من مالى صدقة الى الله والى رسوله قال (امسك عليك بعض مالك فهو خير لك) وعن ابى بكر الوراق انه سئل عن التوبة النصوح فقال ان تضيق على التائب الأرض بما رحبت وتضيق عليه نفسه كتوبة كعب بن مالك وصاحبيه
توبه كردم حقيقت با خدا نشكنم نا جان شدن از تن جدا
واعلم ان فى قصة هؤلاء الثلاثة اشارة الى ان الهجران بين المسلمين إذا كان فيه صلاح لدين المهجور لا يحرم هجره حتى يزول ذلك وتظهر توبته وكذا إذا كان المهجور مذموم الحال لبدعة او فسق او نحوهما فانه لا يحرم الهجران الى ظهور التوبة لانه لحق الله لما كان فى جانب الدين فيجوز فوق ثلاثة ايام ولا يجوز الزيادة عن الثلاثة فيما كان بينهم من الأمور الدنيوية وحظوظ النفس وانما عفى عنه فى الثلاثة لان الآدمي مجبول على الغضب وسوء الخلق ونحو ذلك فعفى عن الهجر فى الثلاثة ليذهب ذلك العارض فعلى العاقل ان يسارع الى تحصيل الاخوة فى الله ويجتنب عن التحاسد والتباغض والتدابير
هيچ رحمى نه برادر ببرادر دارد هيچ شوقى نه پدر را بپسر مى بينم
دخترانرا همه جنكست وجدل با مادر پسران را همه بدخواه پدر مى بينم
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قولا وتصديقا اتَّقُوا اللَّهَ فيما لا يرضاه وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فى كل شأن من الشؤون اى قائلين بالحق العاملين به ومع الصادقين فى معنى من الصادقين او فى الصادقين لان مع للمصاحبة وفى للوعاء ومن للتبعيض فاذا كانوا فى جهتهم فهم على المعاني الثلاثة اى كونوا فى جملة الصادقين ومصاحبين لهم او لبعضهم وفى الآية دليل على فضل الصدق وعلو درجته وحث عليه قال بعض اهل المعرفة من لم يؤد الفرض الدائم لم يقبل منه الفرض الموقت قيل ما الفرض الدائم قال الصدق
از كجا افتى بكم وكاستى از همه غم رستى اگر راستى
راستىء خويش نهان كس نكرد بر سخن راست زيان كست نكرد
وفى الحديث (التجار يحشرون يوم القيامة فجارا الا من اتقى وبر وصدق) الفجار جمع فاجر وهو المنبعث فى المغانى والمحارم سماهم فجارا لما فى البيع والشراء من الايمان الكاذبة والغبن والتدليس والربا الذي لا يتحاشاه أحدهم ولذا قال فى تمام الحديث الا من اتقى اى الكذب وبرّ فى يمينه اى صدق وصدق فى حديثه. وقيل الا من خاف الله فلا يترك او امره ولا يفعل المناهي وبرّ اى احسن فلا يؤذى أحدا ولا يوصل ضررا الى أحد وصدق فى ثمن المتاع

صفحة رقم 530

فلم ينفق سلعته بالحلف الكاذب مثل ان يقول للمشترى اشتريت هذا بمائة درهم والله ولم يشتره بها بل اقل منها وبالحلف الكاذب يمحق الله البركة من الثمن وفى الحديث (ان أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا وإذا ائتمنوا لم يخونوا وإذا وعدوا لم يخلفوا وإذا اشتروا لم يدموا وإذا باعوا لم يمدحوا وإذا كان عليهم لم يمطلوا وإذا كان لهم لم يعسروا) فالصدق فى كل الأحوال ممدوح وصاحبه محمود فى الدنيا والآخرة دانى ز چهـ رو سرور وآن سر سبزست پيوسته چرا ببوستان سر سبزست چون مذهب اوست راستى در همه وقت بر طرف چمن هميشه زان سر سبزست ثم المطل العارفين فى الصدق فى العبودية والقيام بحقوق الربوبية قال احمد بن الحوارى قلت لابى سليمان الداراني قدس سرهما انى قد غبطت بنى إسرائيل قال بأى شىء قلت بثمانمائة سنة من العمر حتى يصيروا كالشنان البالية وكالحنايا وكالاوتار قال ما ظننت الا وقد جئت بشىء والله ما يريد منا ان تيبس جلودنا على عظامنا ولا يريد منا الا صدق النية فيما عنده هذا إذا صدق فى عشرة ايام نال ما ناله ذاك فى عمره الطويل انتهى فرب عمر اتسعت آماده وقلت إمداده كاعمار بنى إسرائيل إذا كان الواحد منهم يعيش الفا ونحوها ولم يتحصل له شىء مما تحصل لهذه الامة مع كثرة أعمارها ورب عمر قليلة آماده كثيرة إمداده كعمر من فتح عليه من هذه الامة فوصل الى عناية الله بلمحه كما قال الامام الغزالي قدس سره فى منهاج العابدين منهم من يقطع هذه العقبات فى سبعين سنة ومنهم من يقطعها فى عشرين سنة ومنهم من يقطعها فى عشر سنين ومنهم من تحصل له فى سنة ومنهم من يقطعها فى شهر بل فى جمعة بل فى ساعة كسحرة موسى- حكى- ان رابعة البصرية كانت امة كبيرة يطاف بها فى سوق البصرة لا يرغب فيها أحد لكبر سنها فرحمها بعض التجار فاشتراها بنحو مائة درهم فاعتقها فاختارت هذا الطريق فاقبلت على العبادة فما تمت لها سنة حتى زارها علماء البصرة وقراؤها لعظم منزلتها وفى التأويلات النجمية وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ الذين صدقوا يوم الميثاق فيما أجابوا الله عند خطاب ألست بربكم قالوا بلى وصدقوا الله على ما عاهدوه عليه ان لا يعبدوا الا الله ولا يشركوا به شيأ من مقاصد الدنيا والآخرة ويتجردوا عن كل حادث حتى عن الجسم: وفى المثنوى

جوهر صدقت خفى شد در دروغ همچوطعم روغن اندر طعم دوغ
آن دروغت اين تن فانى بود راستت آن جان ربانى بود
يقول الفقير أصلحه الله القدير كتب الى حضرة الشيخ قدس سره فى بعض مكاتيبه الشريفة وقال عليكم بالصدق مطلقا نية وعملا وهو يرجع الى الإخلاص جدا بان لا يكون للعبد أصلا باعث فى الحركات والسكنات الا الله تعالى فان مازجه شوب من حظوظ النفس بطل الصدق ويجوز ان يسمى كاذبا ودرجاته لا نهاية لها وقد يكون للعبد صدق فى بعض الأمور دون بعض فان كان صادقا فى الجميع فهو الصديق حقا والصادق والمخلص بالكسر من باب واحد وهو التخلص من شوائب الصفات النفسانية مطلقا والصديق والمخلص بالفتح من

صفحة رقم 531
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية