آيات من القرآن الكريم

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ

الله: «اللهم اجعل له لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وارزقه حبي وحبّ من يحبّني وصيّر أمره إلى خير» فقال: يا رسول الله إنه كان لي أصحاب من المنافقين وكنت رأسا فيهم. أفلا آتيك بهم قال «من أتانا استغفرنا له. ومن أصرّ فالله أولى به ولا تخرقن على أحد سترا». ومن المحتمل أن يكون هذا الرجل قد جاء نادما مستغفرا لنفسه ولرفاقه على أثر نزول الآية. وإذا صحّ الحديث ففيه تدعيم لما ذكرناه في سياق الآية [٨٠] من أن استغفار النبي كان لمن يرى أن توبته صادقة. ونفي الغفران الرباني هو لمن علم الله إصراره على النفاق والطوية الخبيثة. وفي الحديث تلقين جليل بإيكال من لم ينكشف نفاقه إلى الله وعدم خرق الأستار عن الناس إذا لم يكن خطرهم وضررهم مؤكدين. والله أعلم.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ١٠٢ الى ١٠٥]
وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٠٢) خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)
. في الآيات:
١- إشارة إلى فريق آخر أذنبوا واعترفوا بذنوبهم وكان لهم أعمال صالحة إلى جانب هذه الذنوب.
٢- وبشارة وتعليم بما يجب بالنسبة إليهم: فمن الممكن أن يتوب الله عليهم إذا تابوا وهو الغفور الرحيم. وعلى النبي أن يأخذ من أموالهم صدقة لتكون كفارة عما اقترفوه من ذنوب وتطهيرا لهم. وأن يدعو لهم ففي دعائه لهم تسكين لهم وتطمين لقلوبهم. والله سميع لكل ما يقال عليم بالنيات والمقتضيات. وعليهم هم أن يطمئنوا ويعلموا أن الله يقبل التوبة من عباده ويتقبل صدقاتهم إذا ما كانت عن إخلاص وصدق نية وعلى النبي أن يشجعهم على العمل الصالح ليثبتوا به

صفحة رقم 528

إخلاصهم وصدق نيتهم وتوبتهم ويقول لهم اعملوا فسيرى الله ورسوله والمؤمنون أعمالكم وستردون إلى عالم الغيب والشهادة والسرّ والعلن فينبئكم بما عملتم ويجزيكم عليه بما تستحقون.
تعليق على الآية وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً.. والآيات الثلاث التي بعدها وما فيها من صور وتلقين
روى الطبري وغيره روايات عديدة في نزول الآيات وفي من عنته. منها أنها بشأن أبي لبابة من الأوس وحليف بني قريظة الذي أشار لهم حينما استشاروه بعد حصار النبي لهم وطلبه النزول على حكمه بإشارة تفيد أن مصيرهم الذبح. ثم شعر أنه خان الله ورسوله فربط نفسه بعمود مسجد رسول الله وقال لا أبرح حتى يتوب الله عليّ فقبل الله توبته وأطلقه النبي بيده. ومنها أنها في صدد الجماعة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك بدون عذر وجيه وكانوا مخلصين في إيمانهم حيث عمدوا حين قفل رسول الله من الغزوة إلى سواري مسجد رسول الله فربطوا أنفسهم بها ندما وتوبة وقالوا لن نبرح حتى يقبل الله توبتنا ويطلقنا رسول الله. ولم ير النبي أن يطلقهم حين عودته وقال لا أعذرهم حتى يعذرهم الله فظلوا حتى نزلت الآية وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ.. فآذنهم بقبول توبتهم وأنهم جاؤوه بعد ذلك فقالوا خذ من أموالنا ما تشاء وتصدق بها وصلّ علينا فقال لا أفعل حتى أؤمر فنزلت الآية خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً.. إلخ ومنها أن هذا كان قاصرا على أبي لبابة. وأنه لما أطلقه رسول الله جاء إلى رسول الله فقال له إن من توبتي أنخلع من مالي كله صدقة فقال له رسول الله «يجزيك الثلث». ومن الروايات أنها نزلت بشأن جماعة من منافقي الأعراب والمدينة تابوا عن نفاقهم. وليس شيء من الروايات واردا في كتب أحاديث معتبرة. ويلحظ في صدد رواية إشارة أبي لبابة لليهود أنها بعيدة المناسبة من جهة وقد أوردت في سياق آيات سورة الأحزاب [٢٦- ٢٧] من جهة أخرى على ما شرحناه سابقا. ونستبعد أن تكون في صور المتخلفين عن غزوة تبوك من

صفحة رقم 529
التفسير الحديث
عرض الكتاب
المؤلف
محمد عزة بن عبد الهادي دروزة
الناشر
دار إحياء الكتب العربية - القاهرة
سنة النشر
1383
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية