آيات من القرآن الكريم

إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ
ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛ

من الفتنة فى الدين لا يتصور من دين الكافر قطعا وفى إيراد ثم اشعار بكمال حلمه وكرمه حيث لا يعجل فى القهر ويقبل التوبة وان طالت مدة الحوبة قال الامام وذلك يدل على ان توبة القاتل عمدا مقبولة فَلَهُمْ فى الآخرة بسبب كفرهم عَذابُ جَهَنَّمَ يعذبون به أبدا وَلَهُمْ بسبب فتنتهم للمؤمنين عَذابُ الْحَرِيقِ او عذاب عظيم زائد فى الإحراق على عذاب سائر أهل جهنم فظهرت المغايرة بين المعطوفين وان كان كل منهما حاصلا فى الآخرة ويحتمل أن يكون المراد بعذاب جهنم بردها وزمهريرها وبعذاب الحريق حرها فيرددون بين برد وحر على أن يكون الحر لاحراقهم المؤمنين فى الدنيا والبرد لغيره كما قالوا الجزاء من جنس العمل والحريق اسم بمعنى الاحتراق كالحرقة وقول الكاشفى

فى تفسيره عذاب الحريق عذاب آتش سوزان يشير الى ان الحريق بمعنى النار المحرقة
كما قال فى المفردات الحريق النار وكذا الحرق بالتحريك النار أو لهبها كما فى القاموس وحرق الشيء إيقاع حرارة فى الشيء من غير لهب كحرق الثوب بالدق والإحراق إيقاع نار ذات لهب فى شىء ومنه استعير أحرقنى بلومه إذا بالغ فى أذيته بلوم يقول الفقير الظاهر أن الحريق هنا بمعنى المحرق كالأليم بمعنى المؤلم فيكون اضافة العذاب الحريق من قبيل اضافة الموصوف الى صفته ويستفاد زيادة الإحراق من المقابلة فان العطف من باب الترقي بحسب العذاب المترتب على الترقي من حيث العمل إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ على الإطلاق من المفتونين وغيرهم لَهُمْ بسبب ما ذكر من الايمان والعمل الصالح الذي من جملته الصبر على أذى الكفار وإحراقهم وإيراد الفاء اولا وتركها ثانيا يدل على جواز الامرين جَنَّاتٌ يجازون بها بمقابلة النار ونحوها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يجازون بذلك بمقابلة الاحتراق والحرارة ونحو ذلك قال فى الإرشاد ان أريد بالجنات الأشجار فجريان الأنهار من تحتها ظاهر وان أريد بها الأرض المشتملة عليها فالتحتية باعتبار جريها الظاهر فان أشجارها ساترة لساحتها كما يعرب عنه اسم الجنة ذلِكَ المذكور العظيم الشان وهو حصول الجنان الْفَوْزُ الْكَبِيرُ الذي تصغر عنده الدنيا وما فيها من فنون الرغائب بحذافيرها فالحصر إضافي قال فى برهان القرآن ذلك مبتدأ والفوز خبره والكبير صفته وليس له فى القرآن نظير والفوز النجاة من الشر والظفر بالخير فان أشير بذلك الى الجنات نفسها فهو مصدر أطلق على المفعول مبالغة والا فهو مصدر على حاله قال الامام انما قال ذلك الفوز ولم يقل تلك لدقيقة لطيفة وهى ان قوله ذلك اشارة الى اخبار الله بحصول هذه الجنات ولو قال تلك لكانت الاشارة الى نفس الجنات واخبار الله عن ذلك يدل على كونه راضيا والفوز الكبير هو رضى الله لا حصول الجنة يقول الفقير وعندى ان حصول الجنات هو الفوز الكبير وحصول رضى الله هو الفوز الأكبر كما قال تعالى ورضوان من الله اكبر وانما لم يقل تلك لان نفس الجنات من حيث هى ليست بفوز وانما الفوز حصولها ودخولها إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ استئناف خوطب به النبي عليه السلام إيذانا بأن لكفار قومه نصيبا موفورا من مضمونه كما ينبئ عنه التعرض لعنوان الربوبية مع الاضافة

صفحة رقم 391

الى ضميره عليه السلام والبطش تناول الشيء بصولة والأخذ بعنف يقال يد باطشة وحيث وصف بالشدة فقد تضاعف وتفاقم وهو بطشه بالجبابرة والظلمة وأخذه إياهم بالعذاب والانتقام وان كان بعد امهال فانه عن حكمة لا عن عجز إِنَّهُ هُوَ وحده يُبْدِئُ وَيُعِيدُ اى يبدئ الخلق ويخرجهم من العدم الى الوجود ثم يميتهم ويعيدهم احياء للمجازاة على الخير والشر من غير دخل الأحد فى شىء منهما ففيه مزيد تقدير لشدة بطشه او هو يبدئ البطش بالكفرة فى الدنيا ويعيده فى الآخرة يعنى آشكار كند بطش خود را بر كافران در دنيا وباز كرداند هم آنرا بديشان در آخرت واين نشانه عدلست.
اى يبدئ البطش او العذاب فى الآخرة ثم يعيده فيها كقوله تعالى كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها قال ابن عباس رضى الله عنهما ان أهل جهنم تأكلهم النار حتى يصيروا فيها فحما ثم يعيدهم خلقا جديدا فهو المراد من الآية وقال حذيفة بن اليمان رضى الله عنه اسر الى رسول الله ﷺ حديثا فى النار فقال يا حذيفة ان فى جهنم لسباعا من نار وكلابا من نار وسيوفا من نار وكلاليب من نار وانه يبعث ملائكة يعلقون أهل النار بتلك الكلاليب بأحناكهم ويقطعونهم بتلك السيوف عضوا عضوا ويلقونها الى تلك السباع والكلاب كلما قطعوا عضوا عاد آخر مكانه غضا طريا او يبدئ من التراب ويعيده فيه او من النطفة ويعيده فى الآخرة يقال بدأ الله الخلق وأبدأهم فهو بادئهم ومبدئهم بمعنى واحد والمبدئ المظهر ابتداء والمعيد المنشئ بعد ما عدم فالاعادة ابتداء ثان قال الامام الغزالي رحمه الله المبدئ المعيد معناه الموجد لكن الإيجاد إذا لم يكن مسبوقا بمثله يسمى ابداء وان كان مسبوقا بمثله يسمى إعادة والله تعالى بدأ خلق الإنسان ثم هو الذي يعيدهم اى يحشرهم فالاشياء كلها منه بدت واليه تعود وبه بدت وبه تعود وفى المفردات والله هو المبدئ والمعيد اى هو السبب فى المبدأ والنهاية وقال بعضهم الإبداء هو الإظهار على وجه التطوير المهيئ للاعادة وهى الرجوع على مدرج تطوير الإبداء فهو سبحانه بدأ الخلق على حكم ما يعيدهم عليه فسمى بذلك المبدئ المعيد ونما قبل فيهما انهما اسم واحد لان معنى الاول يتم بالثاني وكذا كل اسم لا يتم معناه فيما يرجع الى كمال اسماء الله الا باسم يتم به معناه قال الامام القشيري رحمه الله ان الله تعالى يبدئ فضله وإحسانه لعبيده ثم يعيده ويكرره فان الكريم من يرب صنائعه وخاصية الاسم المبدئ أن يقرأ على بطن الحامل سحرا تسعا وعشرين مرة فان ما فى بطنها يثبت ولا بزاق وخاصية الاسم المعيد يذكر مرارا لتذكار المحفوظ إذا نسى لا سيما إذا أضيف له الاسم المبدئ وَهُوَ الْغَفُورُ لمن تاب عن الكفر وآمن وكذا لمن تاب عن غيره من المعاصي ولمن لم يتب أيضا ان شاء الْوَدُودُ المحب لمن أطاع او تاب كما قال ان الله يحب التوابين واين نشانه فضل است بعدل بگذارد ونابود سازد وبفضل بنوازد وبرافرازد

فضل او دلنواز غمخواران عدل او سينه سوز جباران
عمر بن الخطاب رضى الله عنه در بتخانه مقبول وسيئات او مغفور كه وهو الغفور الودود وعبد الله بن أبى در مسجد مخذول وحسنات او مردود كه ان بطش ربك لشديد. فالودود فعول

صفحة رقم 392
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية