آيات من القرآن الكريم

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ
ﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚ ﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞ ﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ

فَذَلِك قولُه تَعالَى: ﴿يُبَدِّلُ الله [سَيِّئَاتِهِمْ] حَسَنَاتٍ﴾ ".
- وقوله: ﴿وَيَنقَلِبُ إلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾.
أي: وينصرف بعد محاسبته حساباً يسيراً إلى أهله في الجنة مسرورا بما أعد الله له وما نجاه منه.
وروي أن أول من يأخذ كتاب بيمينه أو بسلمة بن عبد [الأسد]، وهو ألو من يدخل الجنة من هذه الأمة، وهو أول من هاجر من مكة إلى المدينة.
- قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كتابه وَرَآءَ ظَهْرِهِ﴾، إلى آخرة السورة.
(أي): وأما من أعطى كتاب عمله وراء ظهره. وذلك أن تغلّ يده اليمنى

صفحة رقم 8158

إلى عنقه وتجعل الشمال من يديه وراء ظهره فيتناول كتابه بشماله من وراء ظهره. فلذلك وصفهم بأنهم يُؤتُون كتابهم بشمالهم وأنهم يؤتونها من وراء ظهورهم. قال مجاهد: " تجعل يده من وراء ظهره ".
روي أنه يعني بن الأسود بن عبد الأسد أخا أبي سلمة هو أول من يأخذ كتابه بشماله.
روي أنه يمد يده ليأخذه بيمينه [فيجتذبه] ملك فيخلع يده فيأخذه بشماله من وراء ظهره. ثم هي عامة في أمثالها.
- ثم قال تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً﴾.

صفحة رقم 8159

أي: ينادي بالهلاك (ويقول) (وا) ثبوراه، و " ياويلاه ". تقول لعرب دعا فلان لَهفَه: إذا إذا قال والهَفَاهُ.
قال الضحاك: ﴿يَدْعُواْ ثُبُوراً﴾، أي: " يدعوا بالهلاك ".
- ثم قال تعالى: ﴿ويصلى سَعِيراً﴾.
من شدده فمعناه [ويصليهم] الله النار تصلية بعد تصلية [وإنضاجه بعد إنضاجه] كما قال: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بدلناهم جُلُوداً غَيْرَهَا﴾ [النساء: ٥٦].
ومن خفف، فمعناه أنه صلونها ويَرِدُونها [فيحترقون] فيها.
- ثم قال تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ في أَهْلِهِ مَسْرُوراً﴾.

صفحة رقم 8160

أي: إنه كان في الدنيا مسرورا بما هو فيه من خلافه أمرَ الله وكفره به.
- ثم قال تعالى: ﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن (يَحُورَ * بلى)...﴾.
(أي): إنه ظن [أنه] لن يرجع بعد الموت ولا يبعث، فركب المعاصي وتمادى على الكفر إذ يرجو ثواباً لا يخاف عقاباً.
- ثم قال: ﴿بلى﴾ أي: بلى يبعث/ ويرجع إلى ربه [ويجازى] على عمله.
﴿إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً﴾.
أي: إن ربه لم يزل بصيراً بما يأتي من أعماله قبل خلقه إياه وبعد خلقه.
يقال: حار فلان عن كذا، أي: رجع عنه ومنه الحديث أن النبي ﷺ كَانَ

صفحة رقم 8161

يَقُول فِي دُعائِهِ: " اللهم إنّي أَعُوذّ بِكَ مِن الحَوْرِ بَعدَ الكَونِ " (اي): من الرجوع إلى الكفر بعد الإيمان.
وقيل: معناه: من النقصان بعد الزيادة.
- ثم قال: ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بالشفق﴾.
لا زائدة مؤكدة. والمعنى فأقسم برب الشفق.
والشفق الحمرة في الأفق من ناحية المغرب من الشمس بعد غروب الشمس.

صفحة رقم 8162

وقال مجاهد: " الشفق: النهار كله ".
وقيل: الشفق اسم للحمرة والبياض اللذين يكونان في السماء بعد غروب الشمس، وهو من الأضداد.
والشفق الذي تَحلّ بزواله صلاة العَتَمَةِ هو الحُمرةُ عند أكثر العلماء، وهو اختيار الطبري.
والعرب تقول: ثَوبٌ مُشفّقٌ: إذا (كان مصبوغاً) بحُمرةٍ. ثم عطف على القسم فقال:
﴿والليل وَمَا وَسَقَ﴾.
أكثر المفسرين على أن معنى ﴿وَمَا وَسَقَ﴾: وما جَمَعَ وما آوى وما ستر.

صفحة رقم 8163

ومن [يقال]: طعام مسوق: وهو المجموع في غرائر أو وعاء. ومنه الوَسْقُ وهو الطعام المجتمع الكثير مما يُكَالُ أو يوزن.
ويقال: هو ستون صاعاً، وبه (جاء الأثر) عن النبي ﷺ.
وعن مجاهد: ﴿وَمَا وَسَقَ﴾ " وَمَا لفّ ".
وعنه: " وَمًا جمع... ".
وعنه: " وما أظلم عليه، وما دخل فيه ".

صفحة رقم 8164

وقال عكرمة: (وما وسق) " وما [ساق] من ظلمة ".
وهو قول الضحاك:
- ثم قال تعالى: ﴿والقمر إِذَا اتسق﴾.
قال ابن عباس: ﴿اتسق﴾: استوىى واجتمع. وقاله عكرمة.
وقال الحسن: ﴿إِذَا اتسق﴾ إذا كاجتمع وامتلأ.
وقال ابن جبير: ﴿إِذَا اتسق﴾ ذلك لثلاث عشرة.
وقال قتادة: ﴿إِذَا اتسق﴾. إذا استدار.
- ثم قال تعالى: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ﴾.
هذا جواب القسم. والمعنى - على قراءة من ضم الباء - ﴿لَتَرْكَبُنَّ﴾ أيها

صفحة رقم 8165

الناس حالاً بعد حال. والإنسان المتقدم ذكره بمعنى الناس، لأنه اسم للجنس، فعليه يعود الضمير في ﴿لَتَرْكَبُنَّ﴾ لأنه قد تقدم ذكرهم في قوله: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كتابه بِيَمِينِهِ﴾ وشماله، وتأخر أيضاً ذكره في قوله: ﴿فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾، فلا يصرف الخبر عنهم في ﴿لَتَرْكَبُنَّ﴾ إلى غيرهمه إلا بدليل.
وقال ابن زيد: معناه: ﴿لَتَرْكَبُنَّ﴾ أيها الناس الآخرة بعد الأولى. فأما من فتح الباء، فإنه جعله مصروفاً إلى نبينا محمد ﷺ.
والمعن: لتركبنّ - يا محمد - سماء بعد سماء، وهو قول الحسن وأبي العالية والشعبي.
وقيل: التقدير لتركبَن - يا محمد - الأمور بتغيرها حالاً بعد حال.

صفحة رقم 8166

[وقيل: المعنى لَتَركبنّ الأمور حالاً بعد حال فتكون الأمورُ فاعلة، [والتاء لتأنيث] الجمع وهو قول مجاهد].
وقيل: المعنى: لتركبنّ السماء في تشققها وتلونها حالاً بعد [حال]، فيكون الفعل للسماء. وهو قول ابن مسعود. وقال: مرة كالدهان ومرة تشقق.
وكان ابن عباس يقرأ بفتح الباء (ويقول: يعني نبيّكم ﷺ يقول: حالاً بد حال.
وقال ابن زيد: معنى ذلك: لتركبَنّ يا محمد الآخرة بعد الأولى. وقيل: القراءة بفتح الباء) على مخاطبة الإنسان على اللفظ، أي: لتركبنّ أيها الإنسان حالاً بعد حال، من مرض وصحة وشباب وهرم.
وقيل: ذلك في يوم القيامة.
فتكون على هذا القراءتان [ترجعان] إلى معنى، إلا أن إحداهما حملت على

صفحة رقم 8167

المعنى فأتت بلفظ الجمع، والأخرى حملت على اللفظ فجاءت بلفظ التوحيد.
وحكى الفراء أنه يقال: وقع في بنات طبق، إذا وقع في أمر شديد. ويقال: مضى طبق من الناس ومضت طبقة وجاءت طبقة.
سُمّوا طبقاً لأنهم يطبقون الأرض.
وقد روي عن بعضهم [أنه] قرأ بالياء وضم الباء على الإخبار عن الناس أنهم سَيَرْكبونَ حالاً بعد حال من الشدائد الأهوال.
- ثم قال تعالى: ﴿فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ القرآن لاَ يَسْجُدُونَ﴾.
أي: فما لهؤلاء المشركين لا يصدقون بالبعث بعد الموت؟!
وقد أقسم لهم ربهم أنهم راكبون حالاً بعد حال من شدائد القيامة وأهوالها.
﴿وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ القرآن لاَ يَسْجُدُونَ﴾: لا يخضعون ولا يستكينون.
- ثم قال تعالى: ﴿بَلِ الذين كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ﴾.
أي: يكذّبون بآيات (الله)، فلذلك ينكرون البعث.
- ﴿والله أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ﴾.

صفحة رقم 8168

أي: والله أعلم بما توعيه قلوب هؤلاء المشركين من التكذيب بآيات الله.
وقال مجاهد: ﴿بِمَا يُوعُونَ﴾ بما يكتمون في صدورهمه.
قال الرياشي: يقال أوعى الشيء: إذا كتمه.
وحكى أهل اللغة: أوعيت المتاع في الوعاء، أي: جمعته. فالمعنى على هذا: والله أعلم بما يجمعون في صدورهم من التكذيب، والإثم.
- ثم قال تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
أي: الذي يقوم لهم مقام البشرى، عذاب أليم أي: موجع.
والبشارة تكون بالخير والشر. فإذا أفردت كان خيراً.
يقال: بشّرته وبشَرته خفيفاً.

صفحة رقم 8169

وقيل: إن البشارة لا تكون إلا للخير/ فإن وقعت اللشرّ فهو مجاز، على معنى: الذي يقوم مقام البشارة كذا وكذا.
- ثم قال تعالى: ﴿إِلاَّ الذينءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾.
أي: إلا الذين تابوا منهم وصدقوا بكتاب الله ورسوله وعلموا الأعمال الصحالة لهم عند الله ثواب منقوص.
قال ابن عباس: ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾، أي: " غير منقوص ".
وقال مجاهد: " غير محسوب ".
وقيل: معناه: لهم أجر لا يُمَنّ عليهم به فيكدر.

صفحة رقم 8170
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية