
أي عاقبة، وأنشد أبو عبيدة:
مَّمّا يِفَتّق في الحانوتِ ناطِفُها | بالفُلفُل الجَوْنِ (١) والرُّمَّان مختومٌ (٢) |
وروى عن عبد الله في مختوم: ممزوج (٣)، وهو معنى وليس بتفسير، لأن الختم لا يكون تفسيره المزج ولكن لما كان له عاقبة بريح المسك، فسره بالممزوج، لما يوجد معه من ريح المسك، ولو لم يمازجه لم يعلق به ريحه.
وقال مجاهد: مختوم: مطين (٤)، كأنه ذهب إلى معنى الختم بالطين ويكون المعنى على هذا: أنه ممنوع من أن تمسَّه يد إلى أن ينفك ختمه للأبرار.
٢٦ - ثم فسر المختوم بقوله: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ (٥)
(٢) لم ينشد أبو عبيدة في مجازه بيت الشعر، وإنما أورد صاحب الحجة قول أبي عبيدة، ثم أتبعه بيت القصيد لابن مقبل، انظر: "الحجة" ٦/ ٣٨٧ وقد ورد البيت منسوبًا إلى ابن مقبل في: ديوان ابن مقبل: ٢٦٨ براوية "في النَّاجُودِ نَاطِلُهَا" بدلًا من "الحانوت ناطِفها"، "الحجة" ١/ ٢٩٢ - ٢٩٤ - ج ٦/ ٣٨٧، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣ برواية "الجوز" بدلا من "الجون"، "النكت والعيون" ٦/ ٢٣٠ غير منسوب، وذكرته تلك المراجع عند تفسير قوله ختامه مسك ومعناه:
ترقرف: أي تتلألأ. الناجود: رواق الخمر الذي تصفى وتعتق منه. الناطل: مكيال الخمر. الجون: بمعنى الأسود هاهنا. والمعنى: آخر ما تجد من طعم هذه الخمر هو طعم الفلفل والرمان، أي ختامها طعم الفلفل والرمان.
(٣) "النكت والعيون" ٦/ ٢٣٠، "زاد المسير" ٨/ ٢٠٥، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٣، "الدر المنثور" ٨/ ٤٥١، وعزاه إلى ابن المنذر.
(٤) "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٦/ أ، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٢.
(٥) ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾.

أي آخر طعمه ريح المسك، وهذا قول علقمة (١)، وأبي روق (٢)، (والضحاك (٣)) (٤)، وسعيد بن جبير (٥)، (ومقاتل (٦)) (٧)، وقتادة (٨)، (والحسن (٩)) (١٠) قالوا: عاقبته ومقطعه، وريحه (وطعمه (١١)) مسك إذا رفع الشارب فاه من أخر شرابه، وجد ريحه كريح المسك.
وهذا اختيار جميع أهل المعاني (١٢)، قالوا: ختامه: عاقبته
(٢) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٣) "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٦، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٩.
(٤) ساقط من (أ).
(٥) ورد معنى قوله في "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٣، "الدر المنثور" ٨/ ٤٥١ وعزاه إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد، "فتح القدير" ٥/ ٤٠٢، "تفسير سعيد بن جير" ٣٦٩.
(٦) "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠.
(٧) ساقط من (أ).
(٨) ورد معنى قوله في "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٦، "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٦، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٦/ أ، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٩، "الدر المنثور" ٨/ ٤٥١ وعزاه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد.
(٩) "جامع البيان" ٣٥/ ١٠٧، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٩، "تفسير الحسن البصري" ٢/ ٤٠٦.
(١٠) ساقط من (أ).
(١١) ساقط من (أ).
(١٢) ورد معنى هذا القول عن: الفراء في "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٨ قال: إن أحدهم إذا شرب وجد آخر كأسه ريح المسك. وعن أبي عبيدة قال: ختامه عاقبته.

(وما) (١) يتختم به.
(والمعنى: إنهم إذا شربوا هذا الرحيق ففنى (٢) ما في الكأس وانقطع الشرب انختم ذلك بطعم المسك ورائحته) (٣). (والمعنى لذاذة (٤) المقطع (٥)، وذكاء الرائحة وأرجها مع طيب الطعم) (٦).
والختام آخر كل شيء، ومنه يقال: ختمت القرآن، والأعمال بخواتيمها، ونحو ذلك الخاتَم والخاتِم، وهو قراءة علي -رضي الله عنه- (٧)، (واختيار الكسائي (٨) فإنه يقرأ خَاتَمُهُ مِسكٌ أي آخره، كقوله: ﴿خاتم النبيين﴾ (٩).
قال الفراء: وهما متقاربان في المعنى (١٠) إلا أن الخَاتِم الاسم،
(١) ساقط من (أ).
(٢) في (أ): بقى.
(٣) ما بين القوسين قول الزجاج انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٠٠ - ٣٠١.
(٤) في (أ): ارادَه.
(٥) في (أ): المطعم.
(٦) ما بين القوسين من قول أبي علي من: "الحجة" ٦/ ٣٨٧.
(٧) وردت قراءة علي -رضي الله عنه- في "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦١، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "التفسير الكبير" ٣١/ ١٠٠، "البحر المحيط" ٨/ ٤٤٢.
(٨) قرأ الكسائي وحده بفتح الخاء والتاء والألف بينهما.
وقرأ الباقون خِتَامُهُ مِسْك بكسر الخاء والألف بعد التاء. انظر: كتاب "السبعة" ٦٧٦، "الحجة" ٦/ ٣٨٦ - ٣٨٧، "حجة القراءات" ٧٥٥، "الكشف عن وجوه القراءات" ٢/ ٣٦٦، "المهذب" ٢/ ٣٢٧.
(٩) ما بين القوسين نقله عن أبي علي، انظر: "الحجة" ٦/ ٣٨٧.
(١٠) يعني القراءة بالخاتم والختام.

والختام المصدر نحو قولهم هو: كريم الطباع والطابع (١).
وقال عبد الله: خلطه مسك (٢).
وقال مجاهد: طينه مسك (٣)، وهو قول ابن زيد، قال: ختامه عند الله مسك، وختامها اليوم في الدنيا طين (٤).
٢٦ - ثم رغب فيه فقال: (قوله تعالى) (٥): ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾، يقال: نَفِسْت عليه الشيء أنفسه نفاسهَ إذا ضننت به ولم تحب أن يصير إليه (٦).
والتنافس: تفاعل منه كأن كل واحد من الشخصين يريد أن يستأثر به دون صَاحبه وهو تمني كل واحد من النفيسين أن يكون له (٧).
(٢) ورد معنى قوله في "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٦، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦١، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٦٣، "الدر المنثور" ٨/ ٤٥١ وعزاه إلى الفريابي والطبراني والحاكم والبيهقي، "المستدرك" ٢/ ٥١٧، كتاب التفسير: تفسير سورة المطففين: وصححه ووافقه الذهبي.
(٣) ورد قوله في: تفسير مجاهد: ٧١٢ وعنه برواية أخرى طيبه مسك، "جامع البيان" ٣٠/ ١٠٧، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٢٠ وعنه طيبه مسك.
(٤) "معالم التنزيل" ٤/ ٤٦١، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٥٣.
(٥) ساقط من (ع).
(٦) نقله عن "تهذيب اللغة" ١٣/ ٩: نفس وهو من قول الأصمعي، وانظر: "لسان العرب" ٦/ ٢٣٨.
(٧) وهذا القول بمعنى ما ذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" ج ١٣: ٥٧/ أ، قال، وأصله من الشيء النفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس وتطلبه وتتمناه ويريده كل واحد منهم لنفسه، وينفس به على غيره أي يضن.