
شرح الكلمات:
كتاب الأبرار: أي كتاب أعمالهم والأبرار هم المطيعون لله ولرسوله الصادقون.
لفي عليين: أي في موضع يسمى عليين في أعلى الجنة.
كتاب مرقوم: أي كتاب مرقوم بأمان من الله إياه من النار يوم القيامة والفوز بالجنة.
يشهده المقربون: أي يحضره المقربون من أهل كل سماء ويحفظونه لأنه يحمل أماناً لصاحبه من النار وفوزه بالجنة.
إن الأبرار لفي نعيم: أي إن الذين بروا ربهم بطاعته بأداء الفرائض واجتناب النواهي لفي نعيم الجنة.
على الأرائك: أي على الأسرة ذات الحجال.
ينظرون: أي ما آتاهم ربهم من صنوف النعيم.
تعرف في وجوههم نضرة النعيم: أي حسنه وبريقه وتلألؤه.
من رحيق: أي من خمر صرف خالصة لا غش فيها ولا دنس.
مختوم: أي مختوم على إنهائها لا يفك ختمه إلا هم.
ختامه مسك: أي آخر شربها يفوح برائحة المسك.
وفي ذلك: أي لا في غيره.
فليتنافس المتنافسون: أي فليطلب بالطاعة والاستقامة الطالبون للنعيم المقيم.
ومزاجه من تسنيم: أي ومزاج شرابهم من عين تجري من عال تسمى التسنيم.
عينا يشرب بها المقربون: عينا هي التسنيم يشرب منها المقربون صرفا وتمزج لأصحاب اليمين.
معنى الآيات:
بعد أن ذكر تعالى كتاب الفجار وما ختم له به ذكر كتاب الأبرار وما ختم له به فقال ﴿كَلَّا﴾ أي حقا ﴿إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ﴾ وهو جمع برأ أو بار وهو المؤمن الذي بر ربه بطاعته في أداء فرائضه واجتناب نواهيه وكان صادقاً في ذلك كتاب أعمال هؤلاء الأبرار في عليين ﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾ يا رسولنا١ ﴿مَا عِلِّيُّونَ﴾ أنه موضع في أعلى٢ الجنان. وقوله ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ يريد كتاب الأبرار الموضوع في عليين كتاب مرقوم بأمان من الله لصاحبه من النار والفوز بالجنة ﴿يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُون﴾ أي مقربو كل سماء يحضرونه ويحفظون له ويشهدون
٢ قال البراء بن عازب رضي الله عنه قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليون في السماء السابعة تحت العرش.

بما فيه من الأمان لصاحبه من النار والفوز بالجنة. وقوله تعالى ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ﴾ ١ وأصحاب الكتب المودعة في عليين لفي نعيم يريد يوم القيامة والنعيم هو نعيم الجنة وهذا لون منه على الأرائك أي الأسرة ذات الحجال ﴿يَنْظُرُونَ﴾ إنهم جالسون على الأرائك ينظرون٢ باستحسان وإعجاب ملكهم الكبير الذي ملكهم الله تعالى وقد يمتد مسافة ألفي سنة وينتهي إليه بصرهم ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾ أي حسنه وبريقه وتلألؤه وقوله ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ أي من خمر هي الرحيق صافية لا دنس فيها ولا غش مختوم على أوانيها لا يفكها إلا هم. ختامه مسك آخر هذا الشراب٣ يفوح برائحة المسك الأذفر فهي طيبة الرائحة للغاية. وقوله تعالى ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ٤ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ أي وفي مثل هذا النعيم لا في غيره من حطام الدنيا وشرابها وملكها الزائل يجب أن يتنافس المتنافسون أي في طلبه بالإيمان وصالح الأعمال بعد البعد كل البعد عن الشرك وسيئي الأقوال وقبيح الأفعال. وقوله تعالى ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ، عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾ أي إن ذلك الرحيق يمزج لأصحاب اليمين بماء عين تسمى التسنيم ويشربه المقربون صرفاً أي خالصاً بدون مزج من عين التسنيم وقوله ﴿يَشْرَبُ بِهَا﴾ الباء بمعنى من أو ضمن يشرب معنى يتلذذ أي يلتذ بها وقد سبق في سورة الإنسان وقلت إنها لطيب شرابها تكاد تكون آلة للشرب فتكون الباء للآلة على بابها نحو شربت بالكأس.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- الثناء على الأبرار وبيان ما أعد الله تعالى لهم وهم المؤمنون المتقون الصادقون في ذلك.
٢- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر ما يجري فيها.
٣- الترغيب في العمل الصالح للحصول على نعيم الجنة لقوله تعالى ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾.
٢ وقيل ينظرون إلى أعدائهم في النار وهم على أرائكهم ولا عجب لما ظهر اليوم من آلة التلفاز.
٣ الرحيق هي الخمر العتيقة البيضاء الصافية من الغش، النيرة قال حسان:
يسقون من ورد البريص عليهم
بردى يصفق بالرحيق السلسل
والبريص نهر بدمشق وبردى نهر آخر بها ويصفه يخرج والرحيق الخمر البيضاء.
٤ يقال نفست عليه الشيء أنفسه نفاسة أي ضننت به ولم يحب أن يصير إليه وذلك لحسن وجودته وتعلق النفس به.