وينبغى للمؤمن ان يأخذ الحذر فان عتاب الله تعالى إذا كان بهذه المرتبة فى صورة الخطأ فى الأمور الاجتهادية فما ظنك فى عتابه بل بعقابه فى الأمور العمدية المخالفة لكتاب الله تعالى ألا ترى ان الهدهد لما خالف سليمان فى الغيبة استحق التهديد والزجر والعقوبة فانك ان خالفت امر سلطانك تستحق العقوبة فان أنت واظبت على الخدمة والطاعة أقمت عذرك وفى القصة بيان لزوم البكاء عند وقوع الخطأ لان النبي ﷺ وأبا بكر رضى الله عنه بكيا قيل ان النار تقرب يوم القيامة فيشفع النبي ﷺ بالانصراف فلا تنصرف حتى يأتى جبريل بقدح من الماء ويقول اضربه على وجهها فيضربه فتفر النار فيقول (يا جبرائيل من اين هذا الماء) فيقول انه من دموع العصاة: وفى المثنوى
تا نكريد ابر كى خندد چمن
تا نكريد طفل كى جوشد لبن «١»
طفل يك روزه همى داند طريق
كه بكريم تا رسد دايه شفيق
تو نمى دانى كه دايه دايكان
كم دهد بي كريه شير او را يكان
چون بر آرند از پشيمانى انين
عرش لرزد از أنين المذنبين «٢»
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ من الألقاب المشرفة لرسول الله ﷺ اى يا ايها المخبر عن الله وعن أحكامه قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى جمع أسير- روى- انها نزلت فى العباس ابن عبد المطلب عم النبي عليه السلام وكان اسر يوم بدر وكان أحد العشرة الذين ضمنوا اطعام من خرج من مكة لحماية العير وكان يوم بدر قد خرج بعشرين اوقية من ذهب ليطعم بها الكفار فوقع القتال قبل ان يطعم بها وبقيت العشرون اوقية معه فاخذت منه فى الحرب فكلم النبي عليه السلام فى ان يحتسب العشرين اوقية من فدائه فابى وقال (اما شىء خرجت تستعين به علينا فلا اتركه لك) فكلفه ان يفدى نفسه بمائة اوقية زائد على فداء غيره لقطع الرحم وكلفه ان يفدى ايضا ابني أخويه عقيل بن ابى طالب ونوفل بن الحارث كل واحد بأربعين اوقية فقال يا محمد تركتنى اى صيرتنى اتكفف قريشا ما بقيت والتكفف هو ان يمد كفه يسأل الناس يعنى غنم المسلمون مالى وما بقي لى شىء حتى افدى نفسى وابني أخوي فقال (فاين الذهب الذي دفعته الى أم الفضل) يعنى زوجته (وقت خروجك من مكة وقلت لها انى لا أدرى ما يصيبنى فى وجهى هذا فان حدث بي حدث فهو لك ولعبد الله والفضل وقنم) وهم ابناؤه فقال العباس وما يدريك قال (أخبرني به ربى) قال اشهد انك صادق وان لا اله الا الله وانك رسول الله والله لم يطلع عليه أحد الا الله ولقد دفعته إليها فى سواد الليل ولقد كنت مرتابا فى أمرك فاما إذا خبرتنى بذلك فلا ريب. والآية وان نزلت فى حق العباس خاصة الا ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب اى قل للعباس وعقيل وغيرهما من الأسارى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً ايمانا وإخلاصا هذا الشك بالنسبة إلينا كما فى قوله عليه السلام (ان كنت تعلم) فى دعاء الاستخارة فان معناه ان تعلق علمك وإرادتك فلما كان تعلق هذا العلم مشكوكا بالنسبة الى العبد عبر عن هذا المعنى بما ترى هكذا سمعته من حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ من الفداء وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قال العباس
(١) در أوائل دفتر پنجم در بيان سبب رجوع كردن مهمان بخانه مصطفى ﷺ إلخ.
(٢) در اواسط دفتر ششم دو بيان استعداد عارف سرچشمه حيات أبدى إلخ.
صفحة رقم 375
أقاربكم حَتَّى يُهاجِرُوا ولما بين تعالى ان منكم المؤمن الذي لم يهاجر انقطاع الولاية بينه وبين المؤمنين وتوهم انه يجب ان يتحقق بينهم التقاطع التام لتحققه بينه وبين الكفار أزال هذا الوهم بقوله وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ اى ان طلب منكم المؤمنون الذين لم يهاجروا النصرة فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ اى فوجب عليكم نصرهم على من يعاديهم فى الدين إِلَّا عَلى قَوْمٍ منهم بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ اى الا إذا كان من يعاديهم ويحاربهم من الكفار بينهم وبينكم عهد موثق فحينئذ يجب عليكم الوفاء بالعهد وترك المحاربة معهم ولا يلزمكم نصر الذين آمنوا ولم يهاجروا عليهم بل الإصلاح بينهم على وجه غير القتال وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فلا تخالفوا امره كيلا يحل بكم عقابه وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ آخر فى الميراث منطوق الآية اثبات الموالاة بين الكفار والكفار ليسوا بمخاطبين بفروع الايمان فالمراد منه بطريق المفهوم المخالف نهى المسلمين عن موالاتهم وموارثتهم وإيجاب المباعدة بينهم ان وجد بينهم قرابة نسبية لان الموالاة بين الكفار مبنية على التناسب فى الكفر كما انها بين المؤمنين مبنية على التناسب فى الايمان فكما لا مناسبة بين الكفر والايمان من حيث ان الاول ظلمة والثاني نور فكذا لا مناسبة بين أهلهما فان الكافر عدو الله والمؤمن ولى الله فوجب التقاطع وازالة الوصلة من غير الجنس: قال الحافظ
نخست موعظه پير صحبت اين پندست
كه از مصاحب نا جنس احتراز كنيد
إِلَّا اى ان لا إِلَّا تَفْعَلُوهُ اى ما أمرتم به من التواصل بينكم وتولى بعضكم بعضا حتى فى التوارث ومن قطع العلائق بينكم وبين الكفار تَكُنْ تامة فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ اى تحصل فتنة عظيمة فيها وهى ضعف الايمان وظهور الكفر وَفَسادٌ كَبِيرٌ فى الدارين وفيه اشارة الى مساعدة طالب النصرة بأى وجه كان فان تركها يؤدى الى الخسران وارتفاع الامان وفى الحديث (انصر أخاك ظالما او مظلوما) ونصرة الظالم بنهيه عن الظلم وفى فتاوى ضيخان إذا وقع النفير من قبل الروم فعلى كل من يقدر على القتال ان يخرج الى الغزو إذا ملك الزاد والراحلة ولا يجوز له التخلف الا بعذر بين انتهى. وكما انه لا كلام فى فضيلة الاعانة والامداد كذلك لا كلام فى الهجرة الى ما يقوم به دين المرء من البلاد- روى- ان رسول الله ﷺ لما رأى ما نزل بالمسلمين من توالى الأذى عليهم من كفار قريش مع عدم قدرته على إنقاذهم مما هم فيه قال لهم (تفرقوا فى الأرض فان الله سيجمعكم) قالوا الى اين تذهب قال (هاهنا) وأشار بيده الى جهة الحبشة وفى رواية قال لهم (اخرجوا الى ارض الحبشة فان بها ملكا عظيما لا يظلم عنده أحد وهى ارض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه) يقول الفقير أصلحه الله القدير سمعت من حضرة شيخى العلامة أبقاه الله بالسلامة انه قال لو كان لى مال لهاجرت من قسطنطينية الى ارض الهند لانه لا فائدة فى الاقامة مع سلطان لا غيرة له أصلا من جهة الدين ثم ذكر تورع سلطان الهند وهذا الكلام مطابق للشريعة والطريقة. وقد قال بعض الكبار ان الأولياء لا يقيمون فى بلاد الظلم وجاء فى الحديث (من فر بدينه من ارض الى ارض وان كان شبرا من الأرض استوجب الجنة وكان رفيق أبيه خليل الله ابراهيم ونبيه محمد عليهما الصلاة والسلام)
صفحة رقم 378