آيات من القرآن الكريم

وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ
ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ

وقوله: ﴿الذين عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ﴾، بدل من ﴿الذين كَفَرُواْ﴾.
والمعنى: الذين أخذوا عهدك ألاّ يحاربوك، ولا يعاونوا عليك كقريظة، إذ والت على النبي ﷺ، يوم الخندق أعداءه بعد عهدهم له ألا يفعلوا ذلك، ﴿وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ﴾، الله في ذلك، ولا يخافون أن يوقع بهم الهلاك لفعلهم ذلك.
قوله: ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحرب﴾، إلى قوله: ﴿الخائنين﴾.
" إمّا ": للشرط، وتلزمه النون الشديدة توكيداً، لدخول " ما " من " إنْ "، هذه علة البصريين.

صفحة رقم 2855

وقال الكوفيون: تدخل " النون " الخفيفة والشديدة مع " إمّا " للفرق بين كونها للشرط وكونها للتخيير.
ومعنى الآية: إنْ لقيت يا محمد، هؤلاء الذين عاهدتم، ثم نقضوا عهدك في الحرب ﴿فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ﴾.
أي: افعل بهم فعلاً يكون مُشَرَّداً لمن خلفهم من نظرائهم، ممن بينك وبينه عَهْد.
و" التَّشْرِيدُ ": التطريد والتبديد والتفريق.

صفحة رقم 2856

فأُمر بذلك ﷺ ليكون أدباً لغيرهم، فلا يجترئوا على مثل ما فعله [هؤلاء] من نقض العهد.
وقال السدي: ﴿فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ﴾، أي: نكل بهم، ليحذر من خلفهم ممن بينك وبينه عهد.
﴿لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾.
أي: يتعظون إذا رأوا ما صنع بمن نقض العهد.
وقوله: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً﴾.
أي: إن خفت يا محمد، من قوم بينك وبينهم عهد (وعقد) أن يخونوك وينقضوا عهدك، ﴿فانبذ إِلَيْهِمْ على سَوَآءٍ﴾، أي: حاربهم وأعلمهم قبل إتيانك لحربهم أنك فسخت عهدهم، لِمَا كان منهم من أمارة نقض العهد، وإتيان الغدر والخيانة منهم، فيستوي علمك وعلمهمه في الحرب، ﴿إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الخائنين﴾، أي: من خان

صفحة رقم 2857

عهداً، أو نقض عهداً.
و" الخَوْفُ " هنا: ظهور ما يتيقن منهم من إتيان الغدر، وليس هو الظن.
ومعنى: ﴿فانبذ إِلَيْهِمْ على سَوَآءٍ﴾.
أي: انبذ إليهم العهد، وأعلمهم بأنك قد طرحته، لما ظهر إليك منهم، وأنك محارب لهم، فيستوي أمركما في العلم.
قال الكسائي: ﴿على سَوَآءٍ﴾: على عدل، أي: تعدل بأن يستوي علمك وعلمهم.
وقال الفراء المعنى: افعل بهم كما يفعلون سواء.

صفحة رقم 2858
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية