آيات من القرآن الكريم

وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ

الأعمال. واصل الدأب فى اللغة ادامة العمل يقال فلان يدأب فى كذا اى يداوم عليه ويواظب ويتعب نفسه فيه ثم سميت العادة دأبا لان الإنسان يداوم على عادته وآل الرجل الذين يرجعون اليه باوكد الأسباب ولهذا لا يقال لقرابة الرجل آل الرجل ولا يقال لاصحابه آله والمقصود هنا كدأب فرعون وآله اى اتباعه وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى من قبل آل فرعون كقوم نوح وثمود وعاد وغيرهم من اهل الكفر والعناد كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ تفسير للدأب والآيات هى دلائل التوحيد المنصوبة فى الأنفس والآفاق او معجزات الأنبياء على الإطلاق فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ اى عاقبهم الله تعالى بسبب كفرهم وسائر معاصيهم إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ لا يغلبه فى دفعه شىء ذلِكَ اى ترتب العقاب على أعمالهم السيئة دون ان يقع ابتداء مع قدرته تعالى على ذلك بِأَنَّ اللَّهَ اى بسبب انه تعالى لَمْ يَكُ فى حد ذاته. وأصله يكن فحذفت النون تخفيفا لشبهها بحرف اللين من حيث كونها حرف غنة فكما يحذف حرف اللين حال الجزم حذفت النون الساكنة ايضا للتخفيف لكثرة استعمال فعل الكون ولم يحذف فى نحو لم يصن ولم يخن لقلة استعمالهما بالنسبة الى لم يكن وكثرة الاستعمال تستدعى التخفيف مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها اى لم ينبغ له سبحانه ولم يصح فى حكمته ان يكون بحيث يغير نعمة انهم بها عَلى قَوْمٍ من الأقوام أي نعمة كانت جلت او هانت حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ من الأعمال والأحوال التي كانوا عليها وقت ملابستهم للنعمة ويتصفوا بما ينافيها سوآء كانت أحوالهم السابقة مرضية صالحة او قريبة من الصلاح بالنسبة الى الحادثة كدأب هؤلاء الكفرة حيث كانوا قبل البعثة كفرة عبدة الأصنام مستمرين على حالة مصححة لافاضة نعمة الامهال وسائر النعم الدنيوية عليهم فلما بعث إليهم النبي عليه السلام بالبينات غيروها الى أسوأ منها وأسخط حيث كذبوه عليه الصلاة والسلام وعادوه ومن تبعه من المؤمنين وتحزبوا عليهم يبغونهم الغوائل فغير الله تعالى ما أنعم به عليهم من نعمة الامهال وعاجلهم بالعذاب والنكال وقال الحدادي أطعمهم الله من جوع وآمنهم من خوف وأرسل إليهم رسولا منهم وانزل عليهم كتابا بألسنتهم ثم انهم غيروا هذه النعم ولم يشكروها ولم يعرفوها من الله فغير الله ما بهم وأهلكهم وعاقبهم ببدر وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ اى وبسبب ان الله تعالى يسمع ويعلم جميع ما يأتون وما يذرون من الأقوال والافعال السابقة واللاحقة فيرتب على كل منها ما يليق بها من ابقاء النعمة وتغييرها كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ تكرير للتأكيد وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وعطف قوله تعالى وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ على أهلكنا مع اندراجه تحته للايذان بكمال هول الإغراق وفظاعته كعطف جبرائيل على الملائكة وَكُلٌّ من غرقى القبط وقتلى قريش كانُوا ظالِمِينَ أنفسهم بالكفر والمعاصي حيث عرّضوها للهلاك او واضعين للكفر والتكذيب مكان الايمان والتصديق والاشارة ان فرعون وقومه اختصوا بالاستغراق فى بحر الهلاك عن غيرهم لا دعاء فرعون الربوبية واقرار قومه وتصديقهم إياه بها وهذا غاية فساد جوهر الروحانية باستيلاء الصفات النفسانية وكل ممن كفر بالله وكذب بآياته كانوا

صفحة رقم 360

اى شر ما يدب على الأرض ويتحرك من الحيوانات عِنْدَ اللَّهِ اى فى حكمه وقضائه الَّذِينَ كَفَرُوا اى أصروا على الكفر ورسخوا فيه فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ فلا يتوقع منهم ايمان لكونهم من اهل الطبع وجعلوا شر الدواب لا شر الناس ايماء الى انهم بمعزل عن مجانستهم وانما هم من جنس الدواب ومع ذلك هم شر من جميع افرادها كما قال تعالى إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ

دريغ آدمي زاده پر محل كه باشد چوانعام بل هم أضل
الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ بدل من الموصول الاول بدل البعض للبيان او للتخصيص اى الذين أخذت منهم عهدهم فمن لابتداء الغاية ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ الذي أخذته منهم عطف على عاهدت فِي كُلِّ مَرَّةٍ من مرات المعاهدة وَهُمْ لا يَتَّقُونَ اى يستمرون على النقض والحال انهم لا يتقون سيئة الغدر ولا يبالون فيه من العار والنار وهم يهود قريظة عاهدهم رسول الله ﷺ على ان لا يعينوا عليه عدوا فنقضوا العهد وأعانوا اهل مكة يوم بدر بالسلاح ثم قالوا نسينا واخطأنا ثم عاهدهم مرة اخرى فنكثوا ومالأوهم عليه يوم الخندق اى ساعدوا وعاونوا وذلك انهم لما رأوا غلبة المسلمين على المشركين يوم بدر قالوا انه هو النبي الموعود بعثه فى آخر الزمان فلا جرم يتم امره ولا يقدر أحد على محاربته ثم انهم لما رأوا يوم أحد ما وقع من نوع ضعف المسلمين شكوا وقد كان احترق كبدهم بنار الحسد من ظهور دينه وقوة امره فركب كعب بن اسد سيد بنى قريظة مع أصحابه الى مكة وواثقوا المشركين على حرب رسول الله ﷺ فادى ذلك الى غزوة الخندق وفيه ذم بطريق الاشارة للذين عاهدوا الله على ترك المعاصي والمنكرات ثم نقضوا العهد مرة بعد اخرى
نه ما را در ميان عهد وفا بود جفا كردى وبد عهدى نمودى
هنوزت ار سر صلحست باز آي كزان محبوبتر باشى كه بودى
فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ ثقفه كسمعه صادفه او اخذه او ظفر به او أدركه كما فى القاموس واما مركبة من ان للشرط وما للتأكيد اى فاذا كان حالهم كما ذكر فاما تصادفنهم وتظفرنّ بهم فِي الْحَرْبِ اى فى تضاعيفها فَشَرِّدْ فرق قال الكاشفى [پس رميده كردان ومتفرق ساز] بِهِمْ اى بسبب قتلهم مَنْ خَلْفَهُمْ مفعول شرد اى من وراءهم من الكفرة من أعدائك والتشريد الطرد وتفريق الشمل وتبديد الجمع يعنى ان صادفت هؤلاء الناقضين فى الحرب افعل بهم وأوقع فيهم من النكاية والقهر ما يضطرب به حالهم ويخاف منك أمثالهم بحيث يذهب عنهم بالكلية ما يخطر ببالهم من مناصبتك اى معاداتك ومحاربتك لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ اى لعل المشردين وهم من خلفهم يتعظون بما شاهدوا مما نزل بالمنافقين فيرتدعون عن النقض او عن الكفر
نرود مرغ سوى دانه فراز چون دكر مرغ بيند اندر بند
پند كير از مصائب دكران تا نكيرند ديكران ز تو پند
وَإِمَّا تَخافَنَّ تعلمن فالخوف مستعار للعلم مِنْ قَوْمٍ من المعاهدين خِيانَةً نقض

صفحة رقم 362
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية