آيات من القرآن الكريم

كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ
ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ

كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥)
(كما أخرجك ربك) قال الزجاج: أي الأنفال ثابتة لك مثل إخراج ربك، وبه قال المبرد، والمعنى امض لأمرك في الغنائم ونفل من شئت وإن كرهوا لأن بعض الصحابة قال لرسول الله ﷺ حين جعل لكل من أتى بأسير شيئاً قال: بقي أكثر الناس بغير شيء، فموضع الكاف نصب، وقال أبو عبيدة: هو قسم أي والذي أخرجك فالكاف بمعنى الواو، وما بمعنى الذي.
وقال الأخفش: المعنى أولئك هم المؤمنون حقاً كما أخرجك ربك، وقال عكرمة: المعنى أطيعوا الله ورسوله كما أخرجك ربك، وقيل الكاف كاف التشبيه على سبيل المجازاة، وقيل بمعنى على أي امض على الذي أخرجك فإنه حق، وقيل بمعنى إذ أي اذكر يا محمد إذ أخرجك.
وقيل هذه الحال كحال إخراجك يعني أن حالهم في كراهة ما رأيت من تنفيل الغزاة مثل حالهم في كراهة خروجك للحرب، ذكره صاحب الكشاف، وقال السمين فيه عشرون وجهاً، (الثاني) منها أن تقديره أصلحوا ذات بينكم إصلاحاً كما أخرجك، وقد التفت من خطاب الجماعة إلى خطاب الواحد.
(الثالث) تقديره وأطيعوا الله ورسوله طاعة ثابتة محققة كما أخرجك (الرابع) تقديره يتوكلون توكلاً حقيقياً كما أخرجك (السادس عشر) منها تقديره قسمتك الغنائم حق كما كان إخراجك حقاً (السابع عشر) أن التشبيه وقع بين إخراجين اهـ.
(من بيتك) أي المدينة أو بيتك الذي بها (بالحق) أي إخراجاً متلبساً بالحق لا شبهة فيه وقال مجاهد كما أخرجك ربك من بيتك بالحق كذلك

صفحة رقم 133

يجادلونك في خروج القتال، وعن السدى قال: خروج النبي - ﷺ - إلى بدر، وقيل المراد إخراجه من مكة إلى المدينة للهجرة، والأول أولى، وبه قال جمهور المفسرين.
وقيل هذا الوعد للمؤمنين حق في الآخرة كما أخرجك ربك من بيتك بالحق الواجب له فأنجز وعدك وظفرك بعدوك وأوفى لك، ذكره النحاس واختاره، وفي الجمل أي أخرجك من المدينة لتأخذ العير التي مع أبي سفيان أي فتغنمها فأصل خروج النبي والمؤمنين لأجل أن يغنموا القافلة فلم تكن في خروجهم كراهة وإنما عرضت لهم الكراهة بعد الخروج قريب بدر لما أخبروا أن العير نجت منهم وأن قريشاً أتوا إلى بدر.
وأشار عليهم النبي ﷺ بأنهم يمضون إلى قتال قريش الذين خرجوا ليذبوا المسلمين عن القافلة فكره المسلمون القتال لا عصياناً بل بالطبع، حيث خرجوا من غير استعداد للقتال لا بعدد ولا بعدة، وإنما كان أصل خروجهم لأخذ الغنيمة لقوله:
(وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون) حال مقدرة لما علمت أن الكراهة لم تقارن الخروج وقيل أي كما أخرجك في حال كراهتهم لذلك لأنه لما وعدهم الله إحدى الطائفتين إما العير أو النفير، رغبوا في العير لما فيها من الغنيمة والسلامة من القتال وكرهوه لقلة عددهم وسلاحهم وكثرة عدوهم وسلاحهم، وفي (لكارهون) مراعاة معنى الفريق.

صفحة رقم 134

يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (٧)

صفحة رقم 135
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية