
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- الأمر بتقوى الله عز وجل وإصلاح ذات البين.
٢- الإيمان يزيد١ بالطاعة وينقص بالعصيان.
٣- من المؤمنين من هو كامل الإيمان، ومنهم من هو ناقصه.
٤- من صفات أهل الإيمان الكامل ما ورد في الآية الثانية من هذه السورة٢ وما بعدها.
كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ٣ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (٧) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨)
شرح الكلمات:
من بيتك: أي المدينة المنورة.
لكارهون: أي الخروج للقتال.
إحدى الطائفتين: العير "القافلة" أو النفير: نفير قريش وجيشها.
٢ وهما الآية الثالثة والرابعة.
٣ الباء للمصاحبة أي: أخرجه إخراجاً مصاحباً للحق ليس فيه من الباطل شيء قط.

الشوكة ١: السلاح في الحرب.
يبطل الباطل: أي يظهر بطلانه بقمع أهله وكسر شوكتهم وهزيمتهم.
ولو كره المجرمون: كفار قريش المشركون.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿كما أخرجك ربك﴾ أيها الرسول ﴿من بيتك﴾ بالمدينة ﴿بالحق﴾ متلبساً به حيث خرجت بإذن الله ﴿وان فريقاً٢ من المؤمنين لكارهون﴾ لما علموا بخروج قريش لقتالهم، وكانت العاقبة خيراً عظيماً، هذه الحال مثل حالهم لما كرهوا نزع الغنائم من أيديهم وتوليك قسمتها بإذننا، على أعدل قسمة وأصحها وأنفعها فهذا الكلام في هذه الآية (٥) تضمنت تشبيه حال حاضرة بحال ماضيه حصلت في كل واحدة كراهة بعض المؤمنين، وكانت العاقبة في كل منهما خيراً والحمد لله، وقوله تعالى ﴿يجادلونك في الحق بعدما تبين﴾ أي يجادلونك في القتال بعدما أتضح لهم أن العير٣ نجت وأنه لم يبق إلا النفير٤ ولا بد من قتالها. وقوله تعالى ﴿كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون﴾ أي إلى الموت عياناً يشاهدونه أمامهم وذلك من شدة كراهيتهم لقتال لم يستعدوا له ولم يوطنوا أنفسهم لخوض معاركه. وقوله تعالى ﴿وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين﴾ أي اذكر يا رسولنا لهم الوقت الذي يعدكم الله تعالى فيه إحدى الطائفتين العير والنفير، وهذا في المدينة وعند السير أيضاً ﴿أنها لكم﴾ أي تظفرون بها، ﴿وتودون﴾ أي تحبون أن تكون ﴿غير ذات الشوكة﴾ وهي عير أبي سفيان ﴿تكون لكم﴾، وذلك لأنها مغنم بلا مغرم لقلة عددها وعددها، والله يريد ﴿أن يحق الحق﴾ أي يظهره بنصر أوليائه وهزيمة أعدائه، وقوله ﴿بكلماته﴾ أي التي تتضمن أمره تعالى إياكم بقتال الكافرين، وأمره الملائكة بالقتال معكم، وقوله ﴿ويقطع دابر الكافرين﴾ أي بتسليطكم عليهم فتقتلوهم حتى لا
٢ هذه الجملة حالية: والعامل فيها: أخرجك ربّك.
٣ هي قافلة أبي سفيان التجارية التي يصحبها زهاء ثلاثين رجلاً من قريش.
٤ النفير: جيش قوى الذي استنفرت فيه قرابة ألف مقاتل.

تبقوا منهم غير من فر وهرب، وقوله ﴿ليحق الحق﴾ أي لينصره ويقرره وهو الإسلام ﴿ويبطل الباطل﴾ وهو الشرك ﴿ولو كره﴾ ذلك ﴿المجرمون﴾ أي المشركون الذين أجرموا على أنفسهم فأفسدوها بالشرك، وعلى غيرهم أيضاً حيث منعوهم من قبول الإسلام وصرفوهم عنه بشتى الوسائل.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير قاعدة ﴿عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم﴾ وذكر نبذة عن غزوة بدر الكبرى وبيان ذلك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلغه أن عيراً لقريش تحمل تجارة قادمة من الشام في طريقها إلى مكة وعلى رأسها أبو سفيان بن حرب فانتدب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض أصحابه للخروج إليها عسى الله تعالى أن يغنمهم إياها، لأن قريشاً صادرت أموال بعضهم وبعضهم ترك ماله بمكة وهاجر. فلما خرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأثناء مسيره أخبرهم أن الله تعالى وعدهم إحدى الطائفتين، لا على التعيين جائز أن تكون العير، وجائز أن تكون النفير الذي خرج من مكة للذب عن العير ودفع الرسول وأصحابه عنها حتى لا يستولوا عليها، فلما بلغ الرسول نبأ نجاة العير١ وقدوم النفير استشار أصحابه فوافقوا على قتال المشركين ببدر وكره بعضهم ذلك، وقالوا: إنا لم نستعد للقتال فأنزل الله تعالى هذه الآيات ﴿يجادلونك في الحق بعد ما تبين﴾ إلى قوله ﴿... ولو كره المجرمون﴾.
٢- بيان ضعف الإنسان في رغبته في كل مالا كلفة فيه ولا مشقة.
٣- إنجاز الله تعالى وعده للمؤمنين إذ أغنمهم طائفة النفير وأعزهم بنصر لم يكونوا مستعدين له.