آيات من القرآن الكريم

وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ

فيصفران ويصفقان ورجلان كذلك عن يساره ليخلطوا على النبيّ ﷺ صلاته. وهم بنو عبد الدار فقتلهم الله ببدر.
وقال السدي: المكاء الصفير على لحن طائر أبيض يكون بالحجاز يقال له: المكا.
قال الشاعر:

إذا غرّد المكاء في غير روضة قيل لأهل الشاء والحمرات «١»
وقال سعيد بن جبير وابن إسحاق وابن زيد: التصدية صدهم عن بيت الله وعن دين الله، والتصدية على هذا التأويل التصديد فقلبت إحدى الدالين تاء كما يقال تظنيت من الظن.
قال الشاعر:
تقضي البازي إذا البازي كسر «٢»
يريد: تظنيت وتفضض.
وقرأ الفضل عن عاصم: وما كان صلاتَهم بالنصب إلا مكاءٌ وتصديةٌ بالرفع محل الخبر في الصلاة كما قال القطامي:
قفي قبل التفرق يا ضباعا ولا يك موقف منك الوداعا «٣»
وسمعت من يقول: كان المكاء أذانهم والتصفيق إقامتهم فَذُوقُوا الْعَذابَ يوم بدر بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ليصرفوا عن دين الله الناس.
قال سعيد بن جبير: وابن ابزى نزلت في أبي سفيان بن حرب استأجر يوم أحد ألفين من [الأحابيش] يقاتل بهم النبيّ ﷺ [سوى] من أشخاص من العرب. وفيهم يقول كعب بن مالك:
(١) كتاب العين للفراهيدي: ٤/ ٣٩١، ولم ينسبه
. (٢) هذا من رجز للعجاج كما في اللسان: ٤/ ٣٥٨
. (٣) لسان العرب: ٨/ ٢١٨
.

صفحة رقم 354

فجينا إلى موج البحر وسطه أحابيش منهم حاسر ومقنع
وفينا رسول الله نتبع قوله إذ قال فينا القول لا ينقطع
ثلاثة الألف ونحن نظنه ثلاث مئين أن كثرن فاربع «١»
وقال الحكم بن عيينة: نزلت في أبي سفيان بن حرب حيث أنفق على المشركين يوم أحد أربعين أوقية وكانت أوقيته اثنين وأربعين مثقالا.
وقال ابن إسحاق عن رجاله: لما أصيبت قريش من أصحاب القليب يوم بدر، فرجع فيلهم إلى مكّة ورجع أبو سفيان ببعيره إلى مكّة [مشى] عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أميّة في رجال من قريش أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم يوم [بدر] فكلّموا أبا سفيان بن حرب ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة، فقالوا: يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال الذي أفلت على حربه أملنا أن ندرك منه ثأرا بمن أصيب منا، ففعلوا فأنزل الله فيهم هذه الآية «٢».
وقال الضحاك: هم أهل بدر.
وقال مقاتل والكلبي: نزلت في المطعمين يوم بدر وكانوا اثني عشر رجلا: عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس وبنيه ومنبه ابنا الحجّاج البحتري بن هشام والنضر بن حارث وحكم بن حزام وأبي بن خلف، وزمعة بن الأسود والحرث بن عامر ونوفل والعباس بن عبد المطلب كلهم من قريش، وكان يطعم كل واحد منهم عشر جزر.
قال الله فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ولا يظفرون وَالَّذِينَ كَفَرُوا منهم خصّ الكفّار لأجل من أسلم منهم إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ لِيَمِيزَ اللَّهُ بذلك الحشر الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ الكافر من المؤمن فيدخل الله المؤمن الجنان والكافر النيران.
وقال الكلبي: يعني العمل الخبيث من العمل الطيب الصالح فيثيب على الأعمال الصالحة الجنّة ويثيب على الأعمال الخبيثة النار.
قرأ أهل الكوفة والحسن وقتادة والأعمش وعيسى: لِيَمِيزَ اللَّهُ بالتشديد.
واختاره أبو عبيد وأبو حاتم.
وقال ابن زيد: يعني الإنفاق الطيب في سبيل الله من الإنفاق الخبيث في سبيل الشيطان فجعل نفقاتهم في قعر جهنم ثمّ يقال لهم: الحقوا بها.
(١) تفسير الطبري: ٩/ ٣٢٢، والبداية والنهاية ٤/ ٦٢ وذكر بقية الأبيات
. (٢) عين العبرة: ٥٤، وعيون الأثر: ١/ ٣٩٢
.

صفحة رقم 355

وقال مرّة الهمداني: يعني يميز المؤمن في علمه السابق الذي خلقه حين خلقه طيبا من الخبيث الكافر في علمه السابق الذي خلقه خبيثا، وذلك أنّهم كانوا على ملة الكفر فبعث الله الرسول بالكتاب لِيَمِيزَ [اللَّهُ] الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ فمن [أطاع] استبان أنّه طيب ومن خالفه استبان أنّه خبيث «١» وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ بعضه فوق بعض فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً أي يجمعه حتّى يصيّره مثل السحاب الركام وهو المجتمع الكثيف فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ فوحد الخبر عنهم لتوحيد قول الله تعالى لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ ثمّ قال أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ فجمع، رده إلى أول الخبر «٢»، يعني قوله: الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ... أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ الذين غنيت صفقتهم وخسرت تجارتهم لأنّهم اشتروا بأموالهم عذاب الله في الآخرة قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا أبي سفيان وأصحابه إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ان ينتهوا من الشرك وقال محمد: يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ من عملهم قبل الإسلام وَإِنْ يَعُودُوا لقتال محمد ﷺ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ في نصر الأنبياء والأولياء وهلاك الكفّار والأعداء مثل يوم بدر.
قال الأستاذ الإمام أبو إسحاق: سمعت الحسن بن محمد بن الحسن يقول: سمعت أبي يقول: سمعت عليّ بن محمد الوراق يقول: سمعت يحيى بن معاذ الرازي يقول: إنّي لأرجو أنّ توحيدا لم يعجز عن هدم ما قبله من كفر لا يعجز عن هدم ما بعده من ذنب.
وأنشدني أبو القاسم الحبيبي بذلك أنشدني أبو سعيد أحمد بن محمد الزيدي:

يستوجب العفو الفتى إذا اعترف ثمّ انتهى عمّا أتاه واقترف «٣»
لقوله سبحانه [في المعترف:] قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ.
... وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ أي شرك، وقال أبو العالية: بلاء، وقال الربيع: حتّى لا يفتن مؤمن عن دينه وَيَكُونَ الدِّينُ التوحيد خالصا كُلُّهُ لِلَّهِ عزّ وجلّ ليس فيه شرك ويخلع ما دونه من الأنداد.
وقال قتادة: حتّى يقال: لا إله إلّا الله، عليها قاتل نبي الله وإليها دعا.
وقيل: حتّى تكون الطاعة والعبادة لله خالصة دون غيره «٤» فَإِنِ انْتَهَوْا عن الكفر والقتال فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَإِنْ تَوَلَّوْا عن الإيمان وعادوا إلي فقال أهله فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ ناصركم ومعينكم نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ الناصر.
(١) تفسير القرطبي: ٧/ ٤٠١
. (٢) تفسير الطبري: ٩/ ٣٢٥
. (٣) تفسير القرطبي: ٧/ ٤٠١
. (٤) تفسير الطبري: ٢/ ٢٦٢
.

صفحة رقم 356
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية