
تنبيه لا بد منه:
حيث جاز فتح «إن» وكسرها فالكسر أولى وأكثر لعدم تكلفه، إلا إذا وقعت بعد «لا جرم» كما علمت.
[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٣٠ الى ٣١]
وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٣٠) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١)
اللغة:
(أَساطِيرُ) : جمع أسطورة، كأحدوثة وأحاديث: ما سطر وكتب من القصص والأخبار.
الإعراب:
(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) الظرف مفعول به لأذكر مقدرة، والمعنى: واذكر يا محمد إذ يمكر بك الذين كفروا. والمكر الاحتيال في إيصال الضرر للآخرين. وقصة هذا المكر في المطولات. وجملة يمكر مضاف إليها الظرف، وبك متعلق بيمكر، والذين فاعل يمكر، وجملة كفروا صلة الموصول، واللام للتعليل، ويثبتوك منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل، أو يقتلوك عطف عليه، أو يخرجوك عطف أيضا. والمعنى: اذكر إذ اجتمعوا في

دار الندوة- وهي أول دار بنيت بمكة- ليثبتوك، أي: يوثقوك ويحبسوك، أو يقتلوك كلهم قتلة رجل واحد، أو يخرجوك من مكة (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ)
الواو استئنافية، ويمكرون فعل مضارع، والواو فاعل، ويمكر الله عطف، والله مبتدأ، وخير الماكرين خبره، وسيأتي بحث هذا في باب البلاغة (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا) الواو استئنافية، وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط، وجملة تتلى مضاف إليها الظرف، وعليهم جار ومجرور متعلقان بتتلى، وآياتنا نائب فاعل، وجملة قالوا لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم، وجملة قد سمعنا مقول القول (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) لو شرطية، ونشاء فعل الشرط، واللام رابطة، وجملة قلنا لا محل لأنها جواب شرط غير جازم، ومثل صفة لمفعول مطلق، أي: قولا مثل هذا (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) إن نافية، وهذا مبتدأ، وإلا أداة حصر، وأساطير الأولين خبر هذا.
البلاغة:
١- يحتمل قوله «ويمكر الله» أن يكون استعارة تبعية من إطلاق المكر على الرد، لأنه لما كان معنى المكر حيلة يجلب بها مضرة الى الآخرين، وهو ما لا يجوز في حقه تعالى، كان المراد بمكر الله رد مكرهم، أي عاقبته ووخامته عليهم. ويجوز أن يكون من باب المشاكلة، وقد تقدم نظيره، كما تقدم الحديث عن هذا الفن، أي:
ان المراد بمكر الله مجازاتهم على مكرهم بجنسه، على سبيل المجاز المرسل، والعلاقة السببية. ويحتمل أن يكون الكلام استعارة تمثيلية، بتشبيه حالة تعليل المسلمين في أعينهم الحامل لهم على هلاكهم بمعاملة الماكر المحتال الذي يظهر خلاف ما يبطن.