
قادرون عليهم- الجبن والخوف (١) (٢).
قال أبو بكر: وذلك أن المسلمين يوم بدر لما رأوا قلتهم في العدة، وكثرة المشركين جزع بعضهم فقال الله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾ أي: أنه قادر على (٣) أن يحوّل الجزع من قلوبكم إلى قلوب المشركين، والشجاعة من قلوبهم إلى قلوبكم حتى يكون ذلك سبب ظفركم بهم (٤).
وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ أي: للجزاء على الأعمال.
٢٥ - قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ الآية (٥)، معنى الفتنة هاهنا: البلية التي يظهر فيها باطن (٦) أمر الإنسان، وأصلها من الاختبار -كما ذكرنا قبل (٧) - وسميت البلية فتنة لأنها كالاختبار للناس (٨)؛ فمن تعرض لها وأثارها دل على سوء دخلته، ومن قعد عنها وطلب إماتتها دل على صلاح نيته وحسن سريرته.
وهذه الآية محتملة وجهين من التفسير والإعراب:
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٠٩ - ٤١٠.
(٣) ساقط من (س).
(٤) ذكر هذا القول عن ابن الأنباري بمعناه مختصرًا ابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٣٤٠، وبنحوه الثعلبي ٦/ ٥١ ب، ولم يعين القائل.
(٥) ساقط من (س) وكتب الناسخ بدله: للمؤمنين.
(٦) يعني: ما أخفاه
(٧) انظر: "تفسير البسيط" [الأعراف: ١٥٥].
(٨) في (م): (للإنسان).

أحدهما: أن هذا أمر باتقاء الفتنة التي تتعدى الظالم فتصيب الصالح والطالح جميعًا ولا تقتصر على الذين ظلموا دون غيرهم، وهذا مذهب ابن عباس؛ لأنه قال في هذه الآية: أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب (١)؛ فعلى هذا الفتنة هو إقرار المنكر وترك التغيير له، ونحو هذا قال أبو روق والكلبي وابن زيد.
قال أبو روق: تصيب الصالح والطالح (٢).
وقال الكلبي: تصيب الظالم والمظلوم، ولا يكون بالظلمة وحدهم خاصة، ولكنها عامة (٣).
وقال ابن زيد: الفتنة: الضلالة (٤)، يعني افتراق الكلمة، ومخالفة بعضهم بعضاً.
ووجه الإعراب على هذا التفسير ما ذكره الفراء (٥) وحكاه الزجاج عنه (٦)، وهو أن قوله: ﴿لَا تُصِيبَنَّ﴾ جزاء فيه طرف من النهي، نحو قولك: أنزل عن الدابة لا تطرحك، ولا تطرحنَّك (٧)، فهو جواب الأمر بلفظ
(٢) ذكره هذا القول من غير نسبة: أبو حيان في "البحر" ٤/ ٤٨٢ - ٤٨٣، ولم أجد من ذكره عن أبي روق.
(٣) رواه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص ١٧٩ مختصرًا عن الكلبي عن ابن عباس.
(٤) رواه ابن جرير ٨/ ٢١٩، وابن أبي حاتم ٥/ ١٦٨١.
(٥) انظر: "معاني القرآن" ١/ ٤٠٧.
(٦) لم يصرح الزجاج باسم الفراء بل قال: زعم بعض النحويين... إلخ. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤١٠
(٧) في (ح) و (س): (ولا تطرحك)، وهو خطأ.

النهي، المعنى: إن تنزل عنه (١) لا يطرحك (٢)، فإذا أتيت بالنون الخفيفة والثقيلة كان أوكد للكلام.
وشرح أبو بكر بن الأنباري هذا القول فقال: إن قال قائل كيف دخلت النون في قوله: ﴿لَا تُصِيبَنَّ﴾ وهو خبر ولا وجه لدخولها في الأخبار.
فالجواب: أن هذا الكلام تأويله تأويل الخبر؛ إذ كان (٣) المعنى: واتقوا فتنة إن لا تتقوها (٤) لا تصيب الذين ظلموا (٥)، أي: لا تقع بالظالمين دون غيرهم لكنها تقع بالصالحين والطالحين، فلما ظهر الفعل ظهور النهي، والنهي راجع إلى معنى الأمر؛ إذ القائل إذا قال (٦): لا تقم، يريد دع القيام، ووقع هذا جوابًا للأمر أو كالجواب له، فأكد له شبه النهي فدخلت النون المعروف دخولها في النهي، ومثل (٧) هذا قوله تعالى:
(٢) في (ح) و (س): (لا تطرحك).
(٣) في (م): (لو كان)، وهو خطأ.
(٤) في "زاد المسير": إن لا يتقوها... إلخ.
(٥) يعني: خاصة.
(٦) في "زاد المسير": يقول، وسقط: إذا.
(٧) ذكر ابن الجوزي إن التمثيل بالآية المذكورة لقول آخر عن ابن الأنباري في سبب دخول النون، فقال: الثاني أنه نهي محض، معناه: لا يقصدن الظالمون هذه الفتنة فيهلكوا، فدخلت النون لتوكيد الاستقبال، كقوله: ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ﴾.
انظر: "زاد المسير" ٣/ ٣٤٢، وسيذكر المؤلف هذا القول عن ابن الأنباري شرحه للوجه الثاني في الآية.

﴿ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ [سُلَيْمَانُ﴾ (١) [النمل: ١٨] تأويله: إن تدخلوا لا يحطمنكم] (٢)، فدخلت النون على الخبر لشبهه لفظ النهي، قال: وسبيل النون الشديدة والخفيفة أن تدخلا في ستة مواضع: في الأمر، والنهي، والاستفهام، وجواب اليمين، و (إما) إذا كانت جزاء، و (ما) إذا كانت صلة، كقولك: قومن، ولا تقومن، وهل تقومن، وإما تقومن أقم، والله لتقومن، وعن قليل ما تندمن (٣).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (س).
(٣) هذه المواضع التي ذكرها المؤلف اقتصر عليها جمهور النحاة، وذهب بعض المحققين كابن هشام إلى جواز التوكيد في مواضع أخرى منها:
أ- بعد (لا) النافية، كقوله تعالى في الآية المذكورة: ﴿لَا تُصِيبَنَّ﴾ على أحد القولين في معناها، وكقول النابغة الذبياني يخاطب عمرو بن هند:
لا أعرفنك معرضا لرماحنا | في جف تغلب واردي الأمرار |
ب- بعد (لم)، كقول الشاعر:
يحسبه الجاهل ما لم يعلما | شيخًا على كرسيه معممًا |
من تثقفن منهم فليس بآئب | أبدًا وقتل بني قتيبة شافي |
انظر تفصيل ما سبق بيانه في: "كتاب سيبويه" ٣/ ٥١١ - ٥٢١، و"أوضح المسالك" ٣/ ١٢٦ - ١٣٥، و"النحو الوافي" ٤/ ١٦٧ - ١٨٤، وانظر أيضًا: "البحر المحيط" ٤/ ٤٨٣ - ٤٨٤، حيث دليل على جواز دخول نون التوكيد على المنفي بـ (لا).

الوجه الثاني (١): أن هذا أمر باتقاء فتنة تقتصر على الظالم وتصيبه بليتها، وهذا الوجه مروي في التفسير أيضًا عن ابن عباس، روي عنه أنه قال: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ [في الرؤوس دون الأتباع، وروى عطاء عنه: يريد: لتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة (٢)] (٣)
وقال الحسن: نزلت في علي وعمار وطلحة والزبير (٤).
وقال الزبير: لقد قرأناها زمانا وما ندري من عني بها، فإذا نحن المعنيون بها (٥)، وقال ابنه عبد الله: لقد خوفنا بها ونحن مع رسول الله - ﷺ -
(٢) وردت قراءة شاذة بهذا اللفظ، رويت عن علي وزيد بن ثابت وأبي جعفر الباقر والربيع بن أنس وأبي العالية وابن جماز، انظر: "المحتسب" ١/ ٢٧٧.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (م).
(٤) رواه ابن جرير ٩/ ٢١٨، والثعلبي ٦/ ٥٢ أ، وإيراد هذا القول وما بعده من الأقوال التي تشير إلى أن الآية نزلت في أصحاب رسول الله - ﷺ - يوم الجمل بعد قول المؤلف إن معنى الآية أمر باتقاء فتنة تقتصر على الظالم -أمر في غاية الخطورة، إذ يفهم منه أن من قيل أن الآية نزلت فيهم- وهم أهل يوم الجمل ظالمون، وهذا مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة في الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله - ﷺ - واعتقاد عدالتهم ونزاهة قصدهم، والترضي عنهم، وسلامة الصدور نحوهم، وأن المقتتلين في يوم الجمل وصفين مجتهدون منهم المصيب المأجور، ومنهم المخطئ المعذور. انظر: "العواصم من القواصم" ص ٢٤٨، و"منهاج السنة النبوية" ٤/ ٤٤٨ - ٤٥٠. وسيأتي مزيد بيان لذلك.
(٥) رواه ابن برير ٩/ ٢١٨، وابن أبي حاتم ٥/ ١٦٨٢، وبمعناه أحمد في "المسند" ١/ ١٦٥، وذكره السيوطي في "الدر" ٣/ ٣٢١، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وعبد ابن حميد ونعيم بن حماد في "الفتن" وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٩٩. رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح.

وما ظننا أنا خصصنا بها خاصة (١).
وقال السدي: نزلت هذه الآية في أهل بدر خاصة، فأصابتهم يوم الجول فاقتتلوا (٢).
قال الحسن أيضًا: الذين ظلموا منكم خاصة فلان وفلان، وهو يوم الجمل خاصة (٣)، ونحو هذا قال مقاتل والضحاك (٤) وقتادة (٥): أن هذا في قوم مخصوصين من أصحاب رسول الله - ﷺ - أصابتهم الفتنة يوم الجمل (٦).
(٢) رواه ابن جرير ٩/ ٢١٨، والثعلبي ٦/ ٥٢ ب، وبمعناه ابن أبي حاتم ٥/ ١٦٨٢، والبغوي ٣/ ٣٤٦.
(٣) لم أجد من رواه بهذا اللفظ، وقد رواه بمعناه مع تسمية من نزلت فيهم ابن جرير ٩/ ٢١٨، والثعلبي ٦/ ٥٢ أ، وذكره هود بن محكم الهواري في كتابه "تفسير كتاب الله العزيز" ٢/ ٨٢، بلفظ: يعني أصحاب النبي عليه السلام. وسيأتي توضيح المراد منه.
(٤) رواه البغوي ٣/ ٣٤٦، وعبد بن حميد كما قال السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٤٦.
(٥) رواه البغوي ٣/ ٣٤٦.
(٦) هذا القول وما روي عن السلف بمعناه يحتاج إلى إيضاح من عدة نقاط:
أولاً: ليس ما وقع بين الصحابة -رضي الله عنهم- يوم الجمل سبب لنزول الآية؛ لأن العلماء اشترطوا في السبب أن يقع أيام نزول الآية متقدما عليه، انظر: "البرهان في علوم القرآن" ١/ ٢٦، و"الإتقان في علوم القرآن" ١/ ٤٢، و"مناهل العرفان" ١/ ١٠١.
ثانيًا: للسلف مفهوم في معنى قولهم: نزلت هذه الآية في كذا، أوسع من اصطلاح المتأخرين، قال الزركشي في "البرهان" ١/ ٣١: عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أن هذه الآية تتضمن هذا الحكم؛ لا أن هذا كان السبب في نزولها اهـ.
وقد سبقه شيخ الإِسلام ابن تيمية فقال في "مقدمة أصول التفسير" ص ١٦ ما نصه: وقولهم: نزلت هذه الآية في كذا، يراد به تارة أنه سبب النزول، ويراد به تارة أن =

ووجه إعراب الآية على هذا القول ما ذكره أبو إسحاق، وهو أن قوله: ﴿لَا تُصِيبَنَّ﴾ [نهي بعد أمر، والمعنى: اتقوا فتنة، ثم نهى بعد، ثم (١) قال ﴿لَا تُصِيبَنَّ﴾] (٢) الفتنة الذين ظلموا أي: لا يتعرضن [الذين ظلموا] (٢) لما ينزل بهم معه العذاب (٣) (٤).
ثالثًا: على قول من قال من السلف: إن هذه الآية نزلت في أهل يوم الجمل من الصحابة، وقول الزبير: نحن المعنيون بها، يكون معنى الآية: إن هناك من ظلم، وهم قتلة عثمان -ومعلوم أنهم ليسوا من الصحابة- فعمت العقوبة وأصابت من لم يظلم من أصحاب رسول الله - ﷺ -.
وليس المعنى أن بعض الصحابة ظلم، فأصابت العقوبة الجميع، كما قد يفهم من سياق المؤلف للأقوال، إذ من الثابت أن كلا الطرفين من أصحاب رسول الله - ﷺ - في وقعة الجمل يريد الإصلاح، وإنما أثار الفتنة، وأوقد نار الحرب أولئك البغاة الذين قتلوا عثمان -رضي الله عنه- وكرهوا اتفاق أصحاب رسول الله - ﷺ - خوفًا من سيف الحق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" ٤/ ٤٦٥: لما طلب طلحة والزبير الانتصار من قتلة عثمان، قامت قبائلهم فقاتلوهم؛ ولهذا كان الإمساك عن مثل هذا هو المصلحة، كما أشار به على على طلحة والزبير، واتفقوا على ذلك، ثم إن القتلة أحسوا باتفاق الأكابر، فأثاروا الفتنة، وبدأوا بالحملة على عسكر طلحة والزبير، وقالوا لعلي: إنهم حملوا قبل ذلك، فقاتل كل من هؤلاء وهؤلاء دفعًا عن نفسه، ولم يكن لعلي ولا لطلحة والزبير غرض في القتال أصلاً، وإنما كان الشر من قتلة عثمان.
(١) هكذا، وفي "الإغفال": فقال: وهو الصواب.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (س).
(٣) في "الإغفال": من العذاب.
(٤) هذا قول أبي إسحاق الزجاج كما في "الإغفال" ص ٨٣٦، وليس في "معاني القرآن وإعرابه"، وقد ذكر الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ٤٦ - ٤٧ أن لهذا الكتاب عدة نسخ مختلفة المخارج، وقد عارض بعضها ببعض حتى حصل منها نسخة أخرى اهـ.
والجدير بالذكر أن أبا على الفارسي سمع نسخته من المؤلف، كما في "الإغفال" ص ١.

وشرح أبو بكر هذا القول فقال: قوله: ﴿لَا تُصِيبَنَّ﴾ نهي محض معناه: لايقصدن الظالمون هذه الفتنة فيهلكوا فلفظ النهي كأنه للفتنة، وهو للذين ظلموا، ومثله قوله: ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ﴾ [النمل: ١٨] أمرتهم بالدخول ثم نهتهم أن يحطمهم سليمان فقالت: ﴿لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ﴾ فلفظ النهي لسليمان ومعناه للنمل، كما تقول: لا أرينك هاهنا، فلفظ النهي لنفسك ومعناه: لا تكونن هاهنا فإني أراك (١).
قال صاحب النظم: تأويل هذا: واتقوا فتنة تصيب الذين ظلموا منكم خاصة (٢)، يريد أن في نهيه بقوله: ﴿لَا تُصِيبَنَّ﴾ [إخبارًا أن تلك الفتنة مصيبة (٣) للذين ظلموا، كما تقول: اتق بلية لا تصيبن] (٤) المتعرض لها، يفهم من هذا أنك أمرت باتقاء فتنة تصيب من تعرّض لها، فقوله: ﴿لَا تُصِيبَنَّ﴾ نهي في موضع وصف النكرة، وتأويله الإخبار بإصابتها الذين ظلموا، يؤكد هذا ما روي في حرف عبد الله: واتقوا فتنة أن تصيب الذين
(٢) ذكره القرطبي في "تفسيره" ٧/ ٣٩٣ وهذا القول مرجوح، والأول هو الراجح لأمرين:
أولاً: موافقته للظاهر المتبادر من الآية.
ثانيًا: أنه مؤيد بقول النبي - ﷺ - لما سئل: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث". رواه البخاري (٧٢٩٢) كتاب الفتن، باب: قول النبي: "ويل للعرب من شرٍّ قد اقترب". ومسلم (٢٨٨٠١)، كتاب الفتن، باب: اقتراب الفتن.
وروى الترمذي في "سننه" (٢١٦٨) كتاب الفتن، باب: ما جاء في نزول العذاب إذا لم يغير المنكر، عن رسول الله - ﷺ - قال: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه". قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
(٣) ساقط من (ح).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (س)

ظلموا (١)، واختار أبو علي الفارسي الوجه الثاني، وقال: إنه قول أبي الحسن (٢)، ولا يصح عندنا إلا قوله، دون القول الأول، وقال: إنه نهي بعد أمر، واستغني عن استعمال حرف العطف معه لاتصال الجملة الثانية بالأولى كما استغنى عن ذلك بقولهم (٣): ﴿ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ [الكهف: ٢٢]، و ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٣٩]، ومحال أن يكون جواب الأمر بلفظ النهي، [ودخول النون هاهنا يمنع (٤) أن تكون ﴿لَا تُصِيبَنَّ﴾ جوابًا للأمر] (٥)، وأطال الكلام في إبطال القول الأول ونصرة قول أبي الحسن (٦).
انظر: "مختصر في شواذ القرآن" لابن خالوية ص ٤٩، و"زاد المسير" ٣/ ٣٤٢، و"الجامع لأحكام القرآن" ٧/ ٣٩٣، و"البحر المحيط" ٤/ ٤٨٢ - ٤٨٣.
(٢) يعني الأخفش الأوسط، وانظر قوله في كتابه "معاني القرآن" ١/ ٣٤٧.
وهو: سعيد بن مسعدة البلخي ثم البصري، إمام النحو، وأبرع تلاميذ الخليل بن أحمد وسيبويه كان من أعلم الناس بالكلام، وأحذقهم بالجدل لكنه كان معتزليًّا، وله كتب كثيرة في النحو والعروض ومعان القرآن وغيرها، توفي سنة ٢١٥هـ، وقيل غير ذلك.
انظر: "أخبار النحويين البصريين" ص ٦٦، و"طبقات النحويين واللغويين" ص ٧٢، و"نزهة الألباء" ص ١٠٧، و"إنباه الرواة" ٢/ ٣٦، و"سير أعلام النبلاء" ١٠/ ٢٠٦.
(٣) يعني المختلفين في شأن أصحاب الكهف، وفي "الإغفال": بقوله.
(٤) في (ح): (لمنع)، وهو خطأ.
(٥) ما بين المعقوفين معنى كلام أبي علي الفارسي ونصر كلامه: ومما يدل على أن لفظ أمر فلا يجوز أن يكون جزاء دخول النون فيه، والنون لا تدخل في الجزاء.
(٦) انظر: "الإغفال" ص ٨٣٧، وعمدة أبي علي الفارسي في إبطال القول الأول دخول =