آيات من القرآن الكريم

وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ

لان نفى لازم الشيء نفى لنفس ذلك الشيء ببينة فيكون ابلغ من نفى نفس ذلك الشيء وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ سماع تفهم وهم على هذه الحالة العارية عن الخير بالكلية لَتَوَلَّوْا عما سمعوه من الحق ولم ينتفعوا به قط او ارتدوا بعد ما صدقوه وصاروا كأن لم يسمعوه أصلا وَهُمْ مُعْرِضُونَ اى لتولوا على ادبارهم والحال انهم معرضون عما سمعوه بقلوبهم لعنادهم وفيه اشارة الى ان من قدر له الشقاوة فانه يتولى عن المتابعة فى أثناء السلوك ويعرض عن الله وطلبه ويقبل على الدنيا وزخارفها واعلم ان الإنسان خلق فى احسن تقويم قابلا للتربية والترقي مستعدا لكمال لا يبلغه الملك المقرب فهو فى بدء الخلقة دون الملك وفوق الحيوان فبتربية الشريعة يصير فوق الملك فيكون خير البرية وبمخالفة الشريعة ومتابعة الهوى يصير دون الحيوان فيكون شر البرية فيؤول حال من يكون خيرا من الملك الى ان يكون شر الدواب فعلى العاقل ان لا يخالف امر الرسول وشريعته فان الحيوان يستسلم لامره فكيف بالإنسان- حكى- انه جاء رجل فى بعض أسفاره ﷺ فقال يا رسول الله انه كان لى حائط فيه عيشى وعيش عيالى ولى فيه ناضحان والناضخ البعير الذي يستسقى عليه فمنعانى أنفسهما وحائطى وما فيه فلا نقدر ان ندنو منهما فنهض النبي ﷺ وأصحابه حتى اتى الحائط فقال لصاحبه (افتح) قال أمرهما عظيم قال (افتح) فلما حرك الباب أتيا ولهما جلبة فلما انفرج الباب نظرا الى النبي عليه السلام وبركا ثم سجدا فأخذ رسول الله ﷺ رؤوسهما ثم دفعهما الى صاحبهما وقال (استعملهما واحسن إليهما) فقال القوم تسجد لك البهائم أفلا تأذن لنا فى السجود لك فقال صلى الله تعالى عليه وسلم (ان السجود ليس الا للحى القيوم ولو أمرت أحدا ان يسجد لاحد لامرت المرأة ان تسجد لزوجها) وكل ما امر به النبي عليه السلام او نهى عنه ففيه حكمة ومصلحة ولست بمأمور بالتفتيش عنها وانما يلزم عليك الاطاعة والانقياد فقط. أفترضى لنفسك ان تصدق ابن البيطار فيما ذكره فى العقاقير والأحجار فتبادر الى امتثال ما أمرك به ولا تصدق سيد البشر صلى الله تعالى عليه وسلم فيما يخبر عنه وتتوانى بحكم الكسل عن الإتيان بما امر به او فعل وأنت تحقق انه عليه السلام مكاشف من العالم بجميع الاسرار والحكم كما اخبر عن نفسه وقال (فعلمت علم الأولين والآخرين) ولما اخرجك الله من صلب آدم فى مقام ألست رددت الى أسفل السافلين ثم منه دعيت لترتفع بسعيك وكسبك الى أعلى عليين حيث ما قدر لك على حسب قابليتك ولا يمكنك ذلك الا بأمرين. أحدهما بمحبته ﷺ وبان تؤثر حبه على نفسك وأهلك ومالك. والثاني بمتابعته ﷺ فى جميع ما امر به ونهى عنه وبذلك تستحكم مناسبتك به وبكمال متابعتك يحصل لك الارتفاع الى اوج الكمال ومن علامات المحبة حب القرآن وحب تلاوته والا كان من المعرضين عن سلوك طريقته ﷺ ومن تمام محبته إيثار الفقر والزهد فى الدنيا

كين جهان جيفه است ومردار ورخيص بر چنين مردار چون باشم حريص
اللهم اعصمنا من المهالك واجعلنا من السالكين الى خير المسالك يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا

صفحة رقم 330

لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ
اى أجيبوا الله ورسوله بان تطيعوهما إِذا دَعاكُمْ اى الرسول إذ هو المباشر لدعوة الله تعالى ودعاؤه بامر الله فهو دعاء الله تعالى ولذا وحد الفعل لِما يُحْيِيكُمْ اللام بمعنى الى اى الذي يحييكم وهو انواع منها العلوم الدينية فانها حياة القلب والجهل موته: قال
لا تعجبن الجهول حلته... فذاك ميت وثوبه كفن
وقال
جاهلى كان بعلم زنده نشست... ميتش دان ومسكنش مدفن
از جنازه نشان جمازه او... جامهاى تنش بجاى كفن
وفى الخبر ان الله تعالى ليحيى القلب الميت بالعلم كما يحيى الأرض الميتة بوابل المطر والعلوم الدينية الشرعية هى التفسير والحديث والأصول والفقه والفرائض
علم دين فقهست وتفسير وحديث... هر كه خواند غير ازين كردد خبيث «١»
ومنها العقائد والأعمال فانها تورث الحياة الابدية فى النعيم الدائم. ومنها الجهاد فانه سبب البقاء إذ لو تركوه لغلبهم العدو وقتلهم كما فى قوله تعالى وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ. ومنها الشهادة فان الشهداء احياء عند ربهم سواء كانوا مقتولين بسيف الكفار او بسيف الرياضات الشاقة والمجاهدات القوية
دانه مردن مرا شيرين شد است... بل هم احياء پى من آمده است «٢»
اقتلوني يا ثقاتى لائما... ان فى قتلى حياتى دائما
فالموت هو الفناء عن الكل والحياة هو البقاء بنور الله تعالى وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ قال فى القاموس كل ما حجز بين شيئين فقد حال بينهما وهو تمثيل لغاية قربه من العبد وهو اقرب الى قلبه منه لان ما حال بينك وبين الشيء فهو أقرب الى الشيء منك وتنبيه على انه مطلع من مكنونات القلوب على ما عسى يغفل عنه صاحبها قال على رضى الله عنه اللهم اغفر لى ما أنت اعلم به منى او حث على المبادرة الى اخلاص القلوب وتصفيتها قبل ان يحول الله بينه وبين القلب بالموت او غيره من الآفات كأنه قيل بادر الى تكميل النفوس وتصفية القلوب بإجابة الرسول المبعوث من علام الغيوب قبل فوات الفرصة فانها قد ثفوت بان يحدث الله أسبابا لا يتمكن العبد معها من تصريف القلب فيما يشاؤه من إصلاح امره فيموت غير مستجيب لله ورسوله ويحتمل ان يكون المراد بالحيلولة تصوير تملكه تعالى قلب العبد وغلبته عليه فيفسخ عزائمه ويغير نيانه ومقاصده ولا يمكنه من إمضائها على حسب إرادته فيحول بينه وبين الكفر ان أراد سعادته وبينه وبين الايمان ان قضى شقاوته وكان عليه السلام يقول كثيرا (يا مقلب القلوب والابصار ثبت قلبى على دينك) ويبدل بالأمن خوفا وبالذكر نسيانا وما أشبه ذلك من الأمور المعترضة المفوّتة للفرصة [در كشف الاسرار فرموده كه علما دلرا پايند ولمن كان له قلب اشارت بدانست وعرفا دلرا كم كنند يحول بين المرء وقلبه عبارت از آنست در بدايت از دل ناچارست ودر نهايت حجاب ديدارست]

(١) لم أجد
(٢) در اواخر دفتر يكم در بيان بقيه قصة امير المؤمنين على رضى الله عنه إلخ

صفحة رقم 331

زيد پيش همى ديدمش اندر دل خويش دل نيز حجاب بود برداشت ز پيش
فالله تعالى يحول بتجلى صفاته بين المرء وقلبه يعنى إذا تجلى الله على قلب المرء يحول بسطوات أنوار جماله وجلاله بين مرآت قلبه وظلمة أوصافه وَأَنَّهُ اى واعلموا ايضا ان الله تعالى إِلَيْهِ تعالى لا الى غيره تُحْشَرُونَ تبعثون وتجمعون فيجازيكم على حسب أعمالكم ان خيرا فخير وان شرا فشر فسارعوا الى طاعة الله وطاعة رسوله وبالغوا فى الاستجابة لهما واعلم ان الاستجابة لله بالسرائر وللرسول بالظواهر وايضا الاستجابة لله اجابة الأرواح للشهود واستجابة القلوب للشواهد واجابة الاسرار للمشاهدة واجابة الخفي للفناء فى الله والاستجابة للرسول بالمتابعة فى الأقوال والأحوال والافعال- وروى- انه عليه السلام مر على ابى وهو يصلى فدعاه فعجل فى صلاته ثم جاء فقال عليه السلام (ما منعك عن إجابتي) قال كنت أصلي (قال ألم تخبر فيما اوحى الى استجيبوا لله وللرسول) واختلف العلماء فى جواز قطع الصلاة لاجابة الداعي. فقال بعضهم انه مختص باستجابة رسول الله ﷺ ولا يجوز قطع الصلاة لاجابة غيره لان قطعها ابطال لها وابطال العمل حرام. وقال بعضهم يجوز لكل مصل ان يقطع صلاته لامر لا يحتمل التأخير كما إذا خاف ان يسقط أحد من سطح او تحرقه النار او يغرق فى الماء وجب عليه ان يقطع الصلاة وان كان فى الفريضة كذا فى غنية الفتاوى. ويجيب فى صلاة النافلة دعاء امه دون نداء أبيه اى يقطع الصلاة ويقول لبيك مثلا وذلك لان مشقة الام وتحملها التعب من الولد اكثر ولذا ورد (الجنة تحت أقدام الأمهات) معناه ان التواضع للامهات سبب دخول الجنة. وقال بعض المشايخ الأب يقدم على الام فى الاحترام والام فى الخدمة حتى لو دخلا عليه يقوم للاب واجابة الدعوة من قبيل الخدمة غالبا قال الطحاوي مصلى النافلة إذا ناداه أحد أبويه ان علم انه فى الصلاة وناداه لا بأس بان لا يجيبه وان لم يعلم يجيب واما مصلى الفريضة إذا دعاه أحد أبويه فلا يجيب ما لم يفرغ من صلاته الا ان يستغيثه لشىء فان قطع الصلاة لا يجوز الا لضرورة وكذا الإفطار فى صوم النفل فانه إذا الحّ عليه أحد بالإفطار يجوز قبل الزوال واما إذا كان بعده فلا يفطر الا إذا كان فى ترك الإفطار عقوق الوالدين او أحدهما كذا فى شرح التحفة والوقاية. واما فى صوم القضاء فيكره الإفطار مطلقا كذا فى الزاهدي ثم اعلم ان استجابة الرسول يدخل فيها بطريق الاشارة استجابة الأولياء العلماء الأدباء الأمناء لانهم الورثة وطريقتهم طريقة النبي عليه السلام ولا بد لمن أراد الوصول الى الله تعالى من صحبة مرشد كامل عارف بالمقامات والمراتب وقبول ما دعا اليه سواء كان محبوبا له اولا فان هذا ليس طريق العقل بل طريق الكشف والإلهام
كر در سرت هواى وصالست حافظا بايد كه خاك در كه اهل نظر شوى
واهل الطريقة ثلاثة عباد ومريدون وعارفون. فطريق العباد كثرة الأعمال والتجنب من الزنى والضلال. وطريق المريدين تخليص الباطن من الشوائب والنفور عن المشغلات وطريق العارفين تخليص القلب لله وبذل الدنيا والآخرة فى طلب رضاه اللهم اجعلنا من المستجيبين للدعوة الحقة وأذقنا من حلاوة الاسرار المحققة آمين وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا

صفحة رقم 332

مِنْكُمْ خَاصَّةً
قال الحدادي فى تفسيره نزلت فى عثمان وعلى رضى الله عنهما اخبر الله تعالى النبي ﷺ بالفتنة التي تكون بسببهما انها ستكون بعدك تلقاها أصحابك تصيب الظالم والمظلوم ولا تكون للظلمة وحدهم خاصة ولكنها عامة فاخبر النبي عليه السلام بذلك أصحابه فكان بعد وفاة النبي ﷺ من الفتن بسبب على وعثمان رضى الله عنهما ما لا يخفى على أحد انتهى. والمعنى لا تختص أصابتها بمن يباشر الظلم منكم بل تعمه وغيره كاقرار المنكر بين أظهرهم والمداهنة فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وافتراق الكلمة وظهور البدع والتكاسل فى الجهاد وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ولذلك يصيب بالعذاب من لم يباشر سببه وفيه تحذير من شدّة العقوبة لمن أهاج الفتن وفى الحديث (الفتنة راتعة فى بلاد الله واضعة خطامها فالويل لمن اهاجها) وفى بعض الاخبار (الفتنة نائمة لعن الله من
ايقظها) : قال السعدي

از ان همنشين تا توانى كريز كه مر فتنه خفته را كفت خيز
قال القرطبي فان قيل قال الله تعالى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى. وكُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ وهذا يوجب ان لا يؤاخذ أحد بذنب غيره وإنما تتعلق العقوبة بصاحب الذنب فالجواب ان الناس إذا تظاهروا بالمنكر فمن الفرض على من رآه ان يغيره فان سكت عليه فكلهم عاص هذا بفعله وهذا برضاه وقد جعل الله فى حكمه وحكمة الراضي بمنزلة العامل فانتظم فى العقوبة قاله ابن العربي انتهى قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدّس سره فى شرح الأربعين حديثا وأحيانا تظهر سلطنة العمل الفاسد فيسرى حكمها فى حال ذى العمل الصالح فيتضرر بذلك وان لم يتعد الضرر الى اعماله والاشارة الى ذلك قوله تعالى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا الآية وليس هذا بمخالف للاصل المترجم عنه بقوله تعالى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى فان هذا الأثر لا يقع ولا يسرى بحكم ما به امتاز الصالح من الطالح بل بموجب ما به يثبت الاتحاد والاشتراك بينهما وقوله وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى لسان غلبته حكم ما به الامتياز وايضا ففعل الحق من حيث صدوره من جنابه وحداني كلى شامل لا تخصيص فيه بل التخصيص من القوابل المتأثرة وهذا عام فى الشر والخير ففى الشر ما ذكر فى قوله تعالى وَاتَّقُوا فِتْنَةً الآية وفى الخير ما أشار اليه عليه السلام فى الحديث المذكور فى حق الذين يجتمعون لذكر الله وكون الحق يباهى بهم الملائكة ويقول أشهدكم انى قد غفرت لهم وقول بعض الملائكة ان فيهم فلانا ليس منهم وانما أتاهم لحاجة فيقول الحق سبحانه وتعالى وله قد غفرت هم القوم لا يشقى جليسهم فهذا اثر عموم الحكم من جهة الحق وكليته واثر صلاح الحال الفاسد بمجاورة ذى الحال والعمل الصالح والحضور معه فتذكر انتهى كلام القنوى: وفى المثنوى
اى خنك آن مرده كز خود رسته شد در وجود زنده پيوسته شد «١»
واى آن زنده كه با مرده نست مرده كشت وزندكى از وى بجست
حق ذات پاك الله الصمد كه بود به مار بد از يار بد «٢»
مار بد جانى ستاند از سليم يار بد آرد سوى نار مقيم
(١) در اوائل دفتر يكم در بيان حديث من أراد ان مجلس مع الله إلخ
(٢) در اوسط دفتر پنجم در بيان پاسخ دادن روباه إلخ

صفحة رقم 333
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية