
(كأنهم) أي كفار قريش (يوم يرونها) أي يوم يرون الساعة ويعاينوها (لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) أي يستقصرون مدة لبثهم ويزعمون أنهم لم يلبثوا إلا قدر آخر نهار أو أوله، أو قدر الضحى الذي يلي تلك العشية، والمراد تقليل مدة الدنيا كما قال لم يلبثوا إلا ساعة من نهار، وقيل لم يلبثوا في قبورهم.
قال الفراء والزجاج: المراد بإضافة الضحى إلى العشية إضافته إلى يوم العشية على عادة العرب يقولون آتيك الغداة أو عشيتها، وآتيك العشية أو غداتها فتكون العشية في معنى آخر النهار، والغداة في معنى أول النهار، وزاد زاده أن الضحى والعشية لما كانتا من يوم واحد كان بينهما ملابسة مصححة لإضافة إحداهما إلى الأخرى.
قال المحلي: وحسن الإضافة وقوع الكلمة فاصلة أي من الفواصل.
والجملة تقرير لما يدل عليه الإنذار من سرعة مجيء المنذر به، والعشية هي من الزوال إلى غروب الشمس، والضحى هو البكرة إلى الزوال.

سورة عبس
وتسمى سورة السفرة وسورة الأعمى، وهي إحدى أو اثنتان وأربعون آية وهي مكية في قول الجميع وعن ابن عباس - رضي الله عنه - نزلت بمكة، وعن ابن الزبير - رضي الله عنه - مثله.

بسم الله الرحمن الرحيم
عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (٤) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (٧) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (٨) وَهُوَ يَخْشَى (٩) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) صفحة رقم 75