قال الله -تعالى-: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾، قال عطاء عن ابن عباس: يريد شفاعة الملائكة والنبيين، كما نفعت الموحدين (١).
وقال مقاتل: لا تنالهم شفاعة الملائكة والنبيين (٢).
وقال الحسن: حل عليهم غضب الله، فلم تنفعهم شفاعة ملك، ولا شهيد، ولا مؤمن (٣).
وقال عمران بن حصين: الشفاعة نافعة لكل أحد دون هؤلاء الذين تسمعون (٤).
وقال كعب: لا تزال الشفاعة تجوز حتى تبلغ أهل هذه الآيات: ﴿لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ إلى آخرها (٥).
٤٩ - قوله تعالى: ﴿فَمَا لَهُمْ﴾، يعني كفار قريش حين نفروا عن القرآن.
﴿عَنِ التَّذْكِرَةِ﴾، أي عن التذكرة بمواعظ القرآن.
﴿مُعْرِضِينَ﴾، نصب على الحال (٦)، أي: أي شيء لهم، وهم معرضون عن التذكرة. والمعنى: لا شيء لهم في الآخرة إذ أعرضوا عن القرآن فلم يؤمنوا به.
ثم شبههم في نفورهم عن القرآن بحمر نافرة (فقال:
(٢) "تفسير مقاتل" ٢١٧/ أ.
(٣) الوسيط: ٤/ ٣٨٧.
(٤) "معالم التنزيل" ٤/ ٤١٩.
(٥) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٦) انظر: "الكشف والبيان" ١٢: ٢١١/ ب.
﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ﴾) (١) (قال ابن عباس (٢)، وغيره (٣): يريد الحمر الوحشية) (٤). (﴿مُسْتَنْفِرَةٌ﴾، أي: نافرة) (٥) (يقال: نفر، واستنفر، مثل: سخِر، واستسخَر، وعَجِبَ واسْتَعْجَبَ) (٦).
أنشد أبو عبيدة (٧) (٨)، (وابن الأعرابي (٩)، والفراء (١٠)، والزجاج (١١)) (١٢):
ارْبِط حِمارَكَ إنَهُ مُسْتَنْفَرٌ | في إثْرِ أحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ (١٣) |
(٢) "زاد المسير" ٨/ ١٣٠، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٢١٢، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٧، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٨٠.
(٣) عكرمة. "الدر المنثور" ٨/ ٣٣٩، وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٤) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٥) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٦) ما بين القوسين نقله الإمام الواحدي عن الحجة: ٦/ ٣٤١.
(٧) لم أجده في "مجاز القرآن".
(٨) في (أ): فقال، وهي تعتبر لفظة زائدة عند وجود ما أثبته من نسخة: ع، وهو: ابن الأعرابي، والفراء، والزجاج.
(٩) "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢١٠، مادة: (نفر) برواية: "اضرب" بدلاً من "اربط".
(١٠) "معاني القرآن" ٣/ ٢٠٦، برواية: "أمسك" بدلاً من: "اربط".
(١١) معاني القرآن وإعرابه: ٥/ ٢٥٠ برواية: "أمسك".
(١٢) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(١٣) البيت لنافع بن لقيط الفقعسي، وقد ورد في: في: كتاب "المعاني الكبير" ٢/ ٧٩٣، و"لسان العرب" ١/ ٦٤٨: (غريب) ج: ٥/ ٢٤: مادة: (نفر)، و"جامع البيان" ٢٩/ ١٦٨، و"النكت والعيون" ٦/ ١٤٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ٩/ ٨٧، وكلها برواية: "أمسك" بدلاً من: "اربط"، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٨٠ برواية: "عهدن لعرب"، القراءات وعلل النحويين فيها: ٢/ ٧٢٧. =
(وقرئ "مُسْتَنْفَرَة" بفتح الفاء (١). وهي بمعنى مذعورة. يقال: استنفر الوحش وأنفرتها ونفرتها بمعنى واحد) (٢)، واختاره (٣) أبو عبيد قال: لأن أكثر ما تكلم به العرب إذا جعلت الفعل للحمر أن تقول: أنفرت، ولا يكادون يقولون: استنفرت، إذا كانت هي الفاعلة، يقولون: استنفرت، إذا فعل ذلك بها، فهي مستنفرة (٤).
وقال أبو علي الفارسي: (الكسر في "مُستنفِرة" أولى، ألا ترى أنه: قال "فرت من قسورة"، وهذا يدل على أنها هي استنفرت) (٥).
ويدل على صحة ما قال أبو علي (أن محمد بن سلام قال: سألت أبا
والمعنى: كف نفسك عن أذى قومك، ولا تطمحن إليهم بالأذى، فإنك قد عرت في شتمهم كما يعير الحمار عند مربط أهله يتبع حمرًا.
انظر: "شرح أبيات معاني القرآن للفراء ومواضع الاحتجاج بها" د. ناصر حسين علي: ٦٠: ش ١١٥.
(١) قرأ أبو جعفر، ونافع، وابن عامر: مُسْتَنْفَرَة -بفتح الراء، ونصب الفاء-، والمفضل عن عاصم مثله.
وقرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: مُستَنْفِرة -بكسر الفاء-.
انظر: كتاب السبعة: ٦٦٠، و"الحجة": ٦/ ٣٤١، و"المبسوط": ٣٨٦، و"كتاب التبصرة": ٧١٤، و"تحبير التيسير": ١٩٤.
(٢) ما بين القوسين نقله عن الأزهري. انظر: "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢١٠، مادة: (نفر).
(٣) أي اختار قراءة فتح الفاء.
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٥) ما بين القوسين هو من قول أبي الحسن نقله عنه أبو علي في الحجة: ٦/ ٣٤١ بنصه.
سوار الغنوي (١)، وكان أعرابيًّا فصيحًا، فقلت: كأنهم حمر ماذا؟ قال: مستنفرة طردها قسورة، قلت: إنما هو: فرت من قسورة، قال: أفرَّت؟، قلت: نعم، قال: فمستنفرة إذًا) (٢).
قوله تعالى: ﴿فَرَّت﴾: يعني الحمر.
﴿مِنْ قَسْوَرة﴾: اختلفوا في تفسير القسورة: فروى عن ابن عباس فيها أقوالاً، قال في رواية عطاء (٣)، (والكلبي (٤)) (٥): إنها الأسد؛ وهو قول: أبي هريرة (٦)، قال هي: الأسد الأسود (٧).
قال أبو عبيدة (٨)، وابن الأعرابي (٩)،.......
(٢) ما بين القوسين عند أبي علي في الحجة: ٦/ ٣٤٢ نقله عنه الإمام الواحدي بنصه.
(٣) "معالم التنزيل" ٤/ ٤١٩، كما ذكرت الرواية عن ابن عباس من غير ذكر الطريق إلى ابن عباس في: "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٩٩، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٧، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٨٠، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٧٦.
(٤) المراجع السابقة، وانظر: الوسيط بين المقبوض والبسيط: ٢/ ٦٢١، وانظر: مادة: (قسر) في: "تهذيب اللغة" ٨/ ٣٩٩، و"لسان العرب" ٥/ ٩٢.
(٥) ساقط من: (أ).
(٦) بياض في (ع).
(٧) "جامع البيان" ٢٩/ ١٧٠، و"الكشف والبيان" ١٢: ٢١٣/ أمن غير ذكر الأسود، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤١٩، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٧، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٣٢، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٨٠، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٤٧٦، و"الدر المنثور" ٨/ ٣٣٩ وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وانظر: مجمع الزوائد: ٧/ ١٣٢: تفسير سورة المدثر. وقال الهيثمي: رواه البزار، ورجاله ثقات.
(٨) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٧٦.
(٩) "لسان العرب" ٥/ ٩٢: مادة: (قسر).
(والمبرد (١)) (٢): القسورة الأسد، مأخوذ من: القسر، وهو: القهر على الكره، سمي بذلك؛ لأنه يقهر السباع.
قال ابن عباس: الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت منه، كذلك هؤلاء المشركون إذا رأوا محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، أو سمعوه يقرأ، هربوا منه كما تهرب الحمير من الأسد (٣).
وقال في رواية سليمان (بن قتة) (٤) هي: الأسد بلسان الحبشة (٥) (٦)، وخالف عكرمة فقال: الأسد بلسان الحبشة: عنبسة (٧).
وقال (٨) في رواية سليم.......
(٢) ساقط من: (أ).
(٣) "زاد المسير" ٨/ ١٣٠، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٧٩١.
(٤) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٥) الحبشة ويراد به حاليًا أثيوبيا تقع في الجناح الشمالي الشرقي من قارة إفريقيا، أو ما يعرف الآن بالقرن الأفريقي، وأثيوبيا كلمة إغريقية معناها بلاد الأثيوبيين، أي بلاد المحروقة وجوههم، عاصمتها: أديس أبابا، واللغة الرسمية: الأمهرية، تتميز بغزارة أمطارها صيفًا التي تذهب أكثرها إلى بحيرة تانا في الشمال الشرقي. تحوي صادراتها: الحبوب، والبن، والعسل، والجلود، والذهب.
العملة الرسمية لها: البِرّ، كانت تدين بالوثنية ثم اعتنقت النصرانية، ودخلتها اليهودية من اليمن ثم دخلها الإسلام في القرن ٧ م.
انظر: الموسوعة العالمية: ١/ ٨٣ - ٨٧، و"الموسوعة العربية الميسرة" ١/ ٥٣.
(٦) ورد قوله في: "الكشف والبيان" ١٢: ٢١٣/ أ، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٢١٢ من غير ذكر الطريق إلى ابن عباس.
(٧) "جامع البيان" ٢٩/ ١٦٩، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٢١٢.
(٨) أي ابن عباس.
(بن عبد (١)) (٢): هم الرماة (٣). (وهو قول مجاهد (٤)، وأبي موسى الأشعري (٥)، والضحاك (٦)، ومقاتل (٧)، وابن كيسان (٨)، وعكرمة (٩)) (١٠).
وهذا معنى قول من قال في "القسورة": إنهم القناص (١١). (وهو رواية
انظر: كتاب "الجرح والتعديل" ٤/ ٢١٢: ت: ٩١٥.
أو لعله يراد به: سليمان بن عبد الله السلولي، فقد وردت بمثل هذه الرواية من طريقه عن ابن عباس في: "جامع البيان" ٢٩/ ١٦٩، ولم أعثر على ترجمة له.
(٢) ما بين القوسين ساقط من: أ، وغير مستكمل في: ع بسبب بياض في آخر الكلام.
(٣) "جامع البيان" ٢٩/ ١٦٩.
(٤) "جامع البيان" ٢٩/ ١٦٨، و"الكشف والبيان" ج: ١٢: ٢١٢/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤١٩، و"زاد المسير" ٨/ ١٣٠، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٧، و"الدر المنثور" ٨/ ٣٣٩ وعزاه إلى عبد بن حميد، وسعيد بن منصور، وابن المنذر.
(٥) ورد قوله في: "جامع البيان" ٢٩/ ١٦٨، و"زاد المسير" ٨/ ١٣٠، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٧، الدر: ٨/ ٣٣٩ وعزاه إلى ابن أبي حاتم، وانظر: "المستدرك" ٢/ ٥٠٨: كتاب التفسير: تفسير سورة المدثر، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(٦) "معالم التنزيل" ٤/ ٤١٩، و"زاد المسير" ٨/ ١٣٠، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٧، و"الكشف والبيان" ج: ١٢: ٢١٢/ ب.
(٧) "تفسير مقاتل" ٢١٧/ أ، و"زاد المسير" ٨/ ١٣٠.
(٨) "زاد المسير" ٨/ ١٣٠، و"الكشف والبيان" ج: ١٢: ٢١٢/ ب، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٧.
(٩) "جامع البيان" ٢٩/ ١٦٩، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٧.
(١٠) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(١١) القانص: الصائد، والقوانص جمع قانصة من القنص: الصيد. النهاية في "غريب الحديث" والأثر: ٤/ ١١٢.
عطية عن ابن عباس (١)) (٢)، وقول سعيد (بن جبير (٣)، والحسن (٤) " (٥)؛ يدل على هذا أن الحجاج روى (عن عطاء عن ابن عباس) في "القسورة": الرماة، رجال القنص (٦)، فجمع بين اللفظين.
(روى أبو العباس عن) (٧) ابن الأعرابي في تفسير (القسورة (٨)): وفيها أقوال (لم تروَ عنه) (٩)، قال عكرمة: "من قسورة": من ظلمة الليل (١٠).
قال ابن الأعرابي: القسورة: أول الليل (١١).
وقال قتادة: القسورة: النَّبْل (١٢).
وقال (زيد) (١٣) بن أسلم: القسورة: الرجال الأقوياء (١٤).
(٢) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٣) المرجعان السابقان، وانظر: "الدر المنثور" ٨/ ٣٣٩ وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٥) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٦) "المحرر الوجيز" ٥/ ٣٩٩ من غير ذكر الطريق، و"الدر المنثور" ٨/ ٣٣٩ وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٧) ما بين القوسين ساقط من: أ، وقد ذكر بدلاً منه لفظ: "قال" في نسخة: أ.
(٨) في (أ): قسورة
(٩) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(١٠) "الكشف والبيان" ج: ١٢: ٢١٣/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤١٩، و"زاد المسير" ٨/ ١٣١، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٨، و"فتح القدير" ٥/ ٣٣٣.
(١١) "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٨، و"البحر المحيط" ٨/ ٣٨١.
(١٢) تفسير عبد الرزاق: ٢/ ٣٣٢، و"النكت والعيون" ٦/ ١٤٩، و"زاد المسير" ٨/ ١٣١.
(١٣) ساقط من: (أ).
(١٤) ورد قوله في: "الكشف والبيان" ج: ١٢: ٢١٣/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤١٩، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٨.
قوله تعالى: ﴿بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً﴾ قال المفسرون (١): وذلك أن كفار قريش قالوا لمحمد -صلى الله عليه وسلم- ليصبح عند رأس كل منا كتاب منشور من الله: أن آلهتنا باطلة، وأن إلهك حق، وأنك رسوله، نؤمر فيه باتباعك كقوله: ﴿حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ﴾ (٢)، وهذا قول مجاهد (٣)، ومقاتل (٤)، (وقتادة (٥)، والحسن (٦)) (٧). قالوا: أرادوا كتبًا تنزل من السماء إلى فلان، وإلى فلان: أن آمنوا بمحمد.
وقال الكلبي: إنهم قالوا: كنا نحدث أن الرجل من بني إسرائيل إذا أذنب ذنبًا أصبح وعند رأسه صحيفة مكتوبة فيها ذنبه وتوبته: أذنبت كذا وكذا، وكفارتك كذا؛ فإن فعلت بها ذلك آمنا بك (٨). (وهو اختيار
(٢) الإسراء: ٩٣: ﴿وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ﴾.
(٣) بمعناه في "جامع البيان" ٢٩/ ١٧١، و"النكت والعيون" ٦/ ١٤٩ مختصرًا، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٨، و"الدر المنثور" ٨/ ٣٤٠، وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢١٧/ أ.
(٥) "جامع البيان" ٢٩/ ١٧١، و"الدر المنثور" ٨/ ٣٤٠، وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٧) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٨) "الكشف والبيان" ج: ١٢: ٢١٣/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٤٢٠، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٨٨.
الفراء (١)، والزجاج (٢)) (٣)؛ ويدل على صحته (٤) قوله: ﴿صُحُفًا مُنَشَّرَةً﴾ بلفظ الجمع لكل امرئ منهم، والصحف: الكتب، واحدتها (٥) صحيفة.
قال الليث: ومن النوادر أن تجمع فعيلة على فُعُل، مثل سفينة وسُفُن، وكان قياسهما: صحائف وسفائن (٦).
و ﴿مُّنَشَّرَةً﴾ معناها منشورة، والتفعيل (٧) للكثرة في الجمع.
قال الله: ﴿كَلَّا﴾، قال مقاتل: لا يؤتون (٨) الصحف (٩).
﴿بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ﴾ قال عطاء: أي النار والعقاب (١٠).
والمعنى: أنهم لو (١١) خافوا الآخرة لما اقترحوا الآيات بعد قيام الدلالة ووضوح المعجزة، واشتغالهم بالاقتراحات دليل على أنهم لا يخافون النار.
﴿كَلَّا﴾ أي: حقًّا، ﴿إِنَّهُ﴾، يعني: القرآن، ﴿تَذْكِرَةٌ﴾، تذكير وموعظة، ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ﴾ قال ابن عباس: (اتعظ) (١٢) (١٣).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٥٠.
(٣) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٤) في (أ): صحة.
(٥) في (أ): واحدها.
(٦) "تهذيب اللغة" ٤/ ٢٥٤ مادة: (صحف)، نقله عنه بنصه.
(٧) في (أ): الفعيل.
(٨) في (ع): تؤتون.
(٩) "تفسير مقاتل" ٢١٧/ أ، قال: "لا يؤمنون بالصحف".
(١٠) لم أعثر على مصدر لقوله.
(١١) زاد في (أ): أنهم، ولم تذكر في (ع)، وهو الصواب، لاستقامة المعنى بدونها.
(١٢) لم أعثر على مصدر لقوله، وورد من غير نسبة في الوسيط: ٤/ ٣٨٨.
(١٣) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(﴿وَمَا يَذْكُرُونَ﴾ (١))، قال (٢): يريد يتعظون (٣).
﴿إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾، قال مقاتل: إلا أن يشاء الله لهم الهدى (٤)؛ فرد المشيئة إلى نفسه (٥).
قوله تعالى: ﴿هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ﴾ روى أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في هذه الآية: "قال ربكم -عز وجل-: أنا أهل أن أتَّقَى فلا يُشْرَك بي غيري، وأنا أهل لِمَنِ اتَّقَى أن يشرك بي غيري أن أغْفِرَ له" (٦).
(٢) أي ابن عباس.
(٣) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٤) "فتح القدير" ٥/ ٣٣٤، وبمعناه في "تفسير مقاتل" ٢١٧/ ب.
(٥) قال السعدي في معنى قوله: ﴿وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾: "فإن مشيئة الله نافذة عامة، لا يخرج عنها حادث قليل ولا كثير، ففيها رد على القدرية، الذين لا يدخلون أفعال العباد تحت مشيئة الله، والجبرية: الذين يزعمون أنه ليس للعبد مشيئة، ولا فعل حقيقة، وإنما هو مجبور على أفعاله، فأثبت تعالى للعباد مشيئة حقيقية وفعلاً، وجعل ذلك تابعًا لمشيئته". تفسير الكريم الرحمن: ٥/ ٣٣٨.
(٦) الحديث أخرجه: الدارمي في سننه: ٢/ ٧٥٨: ح: ٢٦٢٤: كتاب الرقاق. باب ١٦ في تقوى الله، والإمام أحمد في مسنده: ٣/ ١٤٢.
وابن ماجه ٢/ ٤٤٧: ح ٤٣٥٤ بنحوه في الزهد: باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة.
والترمذي ٥/ ٤٣٠: ح ٣٣٢٨: كتاب التفسير: تفسير سورة المدثر "٧١" وقال: هذا حديث غريب، و"سُهَيْل" ليس بالقوي، قد تفرد بهذا الحديث عن ثابت.
والحاكم في "المستدرك" ٢/ ٥٠٨: بمعناه في التفسير: تفسير سورة المدثر، وصححه ووافقه الذهبي.
والحديث في سنده ضعف. انظر: "ضعيف سنن ابن ماجه" ٣٥٠: ح: ٩٣٦ - ٤٢٩٩، وضعيف سنن الترمذي: ٤٣٢: ح: ٦٥٩ - ٣٥٦٣، وقال السيد بن عبد المقصود: وفي سنده ضعف، فهو من رواية سهيل بن أبي حزم القطعي، عن =
وقال (١) ابن عباس: يريد أهل أن يتقى، وأهل أن يغفر لمن اتقى (٢).
(ونحو هذا قال مقاتل: أهل أن يتقى فلا يعصى، وأهل المغفرة ذنوب أهل التقوى (٣)) (٤).
وقال قتادة: أهل أن تتقى محارمه، وأهل أن يغفر الذنوب (٥).
وقال أبو إسحاق: أهل أن يُتَّقَى عِقَابُه، وأهل أن يُعمل بما يؤدي إلى مغفرته (٦).
والمعنى أنه إذا كان أهلًا للمغفرة يجب أن يتعرض لمغفرته بما يؤدي إليه (٧) من الطاعة والتوبة والاستغفار.
(١) في (أ): قال.
(٢) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢١٣/ ب.
(٤) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٥) "جامع البيان" ٢٩/ ١٧٢، و"النكت والعيون" ٦/ ١٤٩، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٤٠٠.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٥٠ بنصه.
(٧) في (ع): إليها.