آيات من القرآن الكريم

فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ
ﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻ ﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃﰄ ﰆﰇﰈﰉﰊﰋ ﰍﰎ ﰐﰑﰒ ﭑﭒﭓ ﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛ ﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀ ﮂﮃﮄ

شرح الكلمات:
ذرني ومن خلقت وحيدا: أي اتركني ومن خلقته وحيداً منفرداً بلا مال ولا ولد فأنا أكفيكه.
وبنين شهودا: أي يشهدون المحافل وتسمع شهاداتهم وأغلب الوقت حاضرون ولا يغيبون.
ومهدت له تمهيدا: أي بسطت له في العيش والعمر والولد والجاه حتى كان يلقب بريحانة قريش.
عنيدا: أي معانداً وهو الوليد بن المغيرة المخزومي.
سأرهقه صعودا: أي سأكلفه يوم القيامة صعود جبل من نار كلما صعد فيه هوى في النار أبداً.
إنه فكر وقدر: أي فيما يقول في القرآن الذي سمعه من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقدر في نفسه ذلك.
ثم نظر ثم عبس وبسر: أي تروًى في ذلك ثم عبس أي قبض ما بين عينيه ثم بسر أي كلح وجهه.
ثم أدبر واستكبر: أي عن الإيمان واستكبر عن اتباع الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
سحر يؤثر: أي ينقل من السحرة كمسيلمة وغيره.
سأصليه سقر: سأدخله جهنم وسقر اسم لها يدخله فيها لإحراقه بنارها.
لا تبقي ولا تذر: أي لا تترك شيئا من اللحم ولا العصب إلا أهلكته ثم يعود كما كان لإدامة العذاب.
لواحة للبشر: أي محرقة مسودة لظاهر جلد الإنسان وهو بشرته والجمع بشر.
عليها تسعة عشر: أي ملكاً وهم خزنتها.
معنى الآيات:
لقد تحمل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبء الدعوة وأمر بالصبر وشرع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إنذار قومه المعركة كأحر وأشد ما تكون إذ أعلم قومه وهم من هم أنه لا إله إلا الله وأنه هو رسول الله فتصدى له طاغية من أعظم الطغاة ساد الوادي مالاً وولداً وجاهاً عريضا حتى لقب بريحانة قريش هذا هو الوليد بن المغيرة صاحب عشرة رجال من صلبه وآلاف الدنانير من الذهب فلما أرهب رسول الله وأخافه قال له ربه تبارك وتعالى ﴿ذَرْنِي﴾ أي دعني والذي خلقته ﴿وَحِيداً١﴾ فريداً بلا مال ولا ولد،

١ عن ابن عباس: كان الوليد يقول أنا الوحيد بن الوحيد ليس لي في العرب نظير ولا لأبي المغيرة نظير.

صفحة رقم 465

﴿وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً﴾ واسعا تمده به الزراعة والتجارة فصلا بعد فصل ويوما بعد يوم، ﴿وَبَنِينَ شُهُوداً﴾ لا يغيبون كما يغيب الذين يطلبون العيش كما أنهم لمكانتهم يستشهدون فيشهدون فهم شهود على غيرهم. ويشهدون المحافل وغيرها. ﴿وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً١﴾ أي بسطت له في العيش والعمر والولد والجاه العريض في ديار قومه، ﴿ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ﴾ أي أن أزيده من المذكور في الآيات ﴿كُلّاً﴾ أي لن أزيده بعد اليوم، وعلل تعالى لمنعه الزيادة بقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ لِآياتنَا﴾ "القرآنيه" ﴿عَنِيداً﴾ أي ٢ معانداً يحاول إبطالها بعد رفضه لها. ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً﴾ أي سأكلفه عذابا شاقا لا قبل له به وذلك جبل٣ من نار في جهنم يكلف صعوده كلما صعد سقط وذلك أبداً. وعلل أيضا لهذا العذاب الذي أعده له وأوعده به فقال تعالى ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ﴾ أي فيما يقول في القرآن لما طلبت منه قريش أن يقول فيه ما يراه من صلاح أو فساد. ﴿وَقَدَّرَ﴾ في نفسه ﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ أي لعن كيف قدر ذلك التقدير الذي هو قوله ﴿فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾. ﴿ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ فلعنه الله لعنتين تلازمانه واحدة في الدنيا والأخرى في الآخرة وقوله تعالى عنه ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ أي تروى ﴿ثُمَّ عَبَسَ﴾ أي قطب فقبض مابين عينيه ﴿وَبَسَرَ﴾ أي كلح وجهه فاسود. فقال اللعين نتيجة تفكير وتقدير ونظر ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾ أي ما هذا القرآن إلا سحر ينقل عن السحرة في اليمن ونجد والحجاز ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ أي ما هذا الذي يتلوه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا قول البشر قال٤ تعالى موعداً إياه على قولته الكافرة الفاجرة ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ أي سأدخله نار سقر يصطلي بنارها، ثم عظم تعالى من شأن سقر فقال ٥ ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ﴾ أي أي شيء يدريك ما هي وما شأنها فإنها عظيمة ﴿لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ﴾ أي لا تبقي لحما ولا تذر عصبا بل تأتي على الكل لواحة٦ للبشر أي تحرق الجلود وتسودها. والبشر جمع بشرة الجلدة ومن ذلك سمي الآدميون بشرا لأن بشرتهم مكشوفة ليست مستورة بوبر ولا صوف ولا سعر ولا ريش. وقوله تعالى ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ أي على سقر ملائكة يقال لهم الخزنة عدتهم تسعة عشر ملكاً لقد كان لنزول هذه الآية سبب معروف وهو أن قريش اتهمت الوليد بأنه صبا مال إلى دين محمد فسمع ذلك منهم فأنكر وحلف لهم فطلبوا إليه إن كان صادقا أن

١ قال القرطبي: التمهيد عند العرب التوطئة والتهيئة: ومنه مهد الصبي.
٢ يقال عند يعند كضرب يضرب أي خالف ورد الحق وهو يعرفه فهو عنيد وعاند.
٣ رواه الترمذي. وقال فيه غريب.
٤ قال السدي يعنون أنه من قول سيار عبد لبني الحضرمي كان يجالس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنسبوه إلى أنه تعلم منه ذلك.
٥ ما استفهامية أي أي شيء يدريك وما سقر ما استفهامية مبتدأ وسقر خبره.
٦ البشر جمع بشرة ومعنى لواحة مغيرة للون البشر بالسواد يقال لاحه الحر أو البرد أو المرض إذا غيره قال الشاعر:
تقول ما لاحك يا مسافر
يابنة عمي لا حنى الهواجر

صفحة رقم 466
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية