آيات من القرآن الكريم

ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ
ﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻ ﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃﰄ

وعكرمة وهو فَاعُولُ مِنَ النَّقْرِ «١»، قال أبو حباب القصاب: أَمَّنَا زُرَارَةُ بنُ أَوْفَى فَلَمَّا بَلَغَ فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ خَرَّ مَيِّتاً، قال الفخر «٢» : قوله تعالى: فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ أي: على الكافرين، لأَنَّهُمْ يُنَاقَشُونَ غَيْرُ يَسِيرٍ أي: بلْ كَثِيرٌ شَدِيدٌ فأمَّا المؤمِنونَ فَإنَّه عليهم يَسِيرٌ لأَنَّهم لا يُنَاقَشُونَ، قال ابن عباس: ولما قال تعالى: عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ دَلَّ على أنه يسيرٌ على المؤمنينَ «٣»، وهذا هو دليلُ الخِطَابِ، ويحتملُ أَنْ يكونَ إنما وَصَفَه تعالى بالعُسْرِ لأنَّه في نفسِه كذلك للجميع من المؤمنين والكافرين، إلاَّ أَنَّه يكونُ هَوْلُ الكفار فيه أَكْثَرُ وَأَشَدُّ، وعلى هذا القولِ يَحْسُن الوَقْفَ على قوله: يَوْمٌ عَسِيرٌ انتهى.
[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ١١ الى ١٥]
ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً (١٢) وَبَنِينَ شُهُوداً (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥)
وقوله تعالى: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً الآية، لا خلافَ بَيْنَ المفسرين أن هذه الآيةَ نزلتْ في الوليدِ بن المغيرةِ المخزومي، فَرُوِيَ أنَّه كَانَ يُلَقَّبُ الوحيدَ أي: لأنه لاَ نَظِيرَ له في مالهِ وشَرَفهِ في بيتِه، فَذَكَرَ الوَحِيدَ في جملة النِّعَمِ التي أُعْطِيَ، وإنْ لم يَثْبُتْ هذا فقوله تعالى: خَلَقْتُ وَحِيداً معناه: منفَرِداً قليلاً ذَلِيلاً، والمالُ الممدودُ قال مجاهد وابن جبير: هو ألْفُ دينار «٤»، وقال سفيان: بلغني أَنَّهُ أربَعة آلافٍ وقاله قتادة «٥»، وقيل عَشَرَةُ آلافِ دينار، قال ع «٦» : وهذا مَدّ في العدَدِ، وقال عمر بن الخطاب: المالُ الممدودُ:
الرَّيْع المستغَلُّ مُشَاهَرةً «٧».
وَبَنِينَ شُهُوداً أي حُضُوراً، قيل عشَرَةٌ وقِيلَ ثَلاَثَةُ عَشَرَ، قال الثعلبيُّ/: أسْلَم منهم ثلاثةٌ خَالد بْن الوليدِ، وهِشَام، وعِمَارَة، قالوا: فما زال الوليدُ بَعْد نزولِ هذهِ الآيةِ في نُقْصَانٍ من ماله وولده حتى هلك، انتهى.

(١) أخرجه الطبري (١٢/ ٣٠٤)، رقم: (٣٥٣٧٦) عن عكرمة، ورقم: (٣٥٣٨٠) عن ابن عبّاس، وذكره ابن عطية (٥/ ٣٩٣)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٤٥٢)، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عبّاس، وعزاه أيضا لعبد بن حميد عن عكرمة.
(٢) ينظر: «الفخر الرازي» (٣٠/ ١٧٤).
(٣) ذكره الرازي (٣٠/ ١٧٤).
(٤) أخرجه الطبري (١٢/ ٣٠٦)، رقم: (٣٥٣٩٥- ٣٥٣٩٦)، وذكره البغوي (٤/ ٤١٤)، وابن عطية (٥/ ٣٩٤). [.....]
(٥) أخرجه الطبري (١٢/ ٣٠٦)، رقم: (٣٥٣٩٧)، وذكره البغوي (٤/ ٤١٤)، وابن عطية (٥/ ٣٩٤).
(٦) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٣٩٤).
(٧) أخرجه الطبري (١٢/ ٣٠٦- ٣٠٧)، رقم: (٣٥٤٠٠، ٣٥٤٠٣)، وذكره ابن عطية (٥/ ٣٩٤).

صفحة رقم 512
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية