آيات من القرآن الكريم

۞ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَىٰ ۙ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ۙ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ

قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ الَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ﴾ ؛ معناهُ : إنَّ ربَّكَ يا مُحَمَّدُ يعلمُ إنَّكَ تقومُ أقَلَّ من ثُلُثَي الليلِ في بعضِ اللَّيالي، وأقلَّ من نصفِ اللَّيلِ في بعضِ اللَّيالي، وأقلَّ من الثُّلث في بعضِها. قَوْلُهُ تَعَالى :﴿ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ﴾ ؛ يعني : الْمُؤمِنون كانوا يقُومون معَهُ.
قرأ الكوفيُّون وابنُ كثير (وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ) بالنصب فيهما على معنى : ويقومُ نصفَهُ وثُلثَهُ. وقال الحسنَ :((لَمْ يَقُمِ النَّبِيُّ ﷺ قَطُّ أقَلَّ مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ، وَإنَّمَا قَالَ :(أدْنَى) فِي الطَّائِفَةِ الَّذِينَ مَعَهُ)) ولفظهُ (أدْنَى) تُعقَلُ منها القلَّة، لا يقالُ : عندِي دونَ العشرةِ إلاَّ والنُّقصان منها قليلٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴾ ؛ أي يعلَمُ مقاديرَهما وساعاتِهما على الحقيقةِ، ﴿ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ ﴾ ؛ أي عَلِمَ أنَّكم لم تعلَمُوا حقيقةَ قدرهما، يعني أنَّكم ما تعرِفُون مقاديرَ اللَّيل والنهار، ولذا لم تعلَمُوا حقيقةَ المقدار الذي أمَرَكم بالقيامِ فيه لم تُطِيقوهُ إلاَّ بمشقَّة، ﴿ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴾ ؛ أي فتجاوزَ عنكم قيامَ الليلِ بالتخفيفِ عنكم، ﴿ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ﴾ ؛ أي صلاةِ اللَّيل.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَى ﴾ ؛ لا يقدِرون على قيامِ اللَّيل بقراءةِ السُّوَر الطِّوالِ، ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ ﴾ ؛ أي وآخَرُون يُسافِرُونَ لطلب رزقِ الله فلا يُطيقون ذلكَ، ﴿ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ ؛ أي وعَلِمَ أنَّ فيكم مَن يجاهدُ في سبيلِ اللهِ، يعني يقاتلُ أعداءَ اللهِ لا يُطيقون قيامَ الليلِ، ﴿ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ﴾ ؛ أي مِن القُرآن في الصَّلاة.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ ﴾ ؛ أي وأقِيمُوا الصَّلوات الخمسِ بشَرائطِها وما يجبُ من حقِّ الله فيها، فنُسِخَ قيامُ الليلِ بالصَّلوات الخمسِ على المؤمنين، وثَبَتَ على النبيِّ ﷺ خاصَّة. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ﴾ ؛ يعني المفروضةَ، ﴿ وَأَقْرِضُواُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ﴾ ؛ من الصَّدقة سِوَى الزكاةِ من صِلَةِ الرَّحم، وقِرَى الضيفِ، وصدقةِ التطوُّع.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ ﴾ ؛ أي ما تفعَلُوا من صدقةٍ فريضة أو تطوُّع أو عملٍ صالح تجدُوا ثوابَهُ عند اللهِ، ﴿ هُوَ خَيْراً ﴾ ؛ لكم، ﴿ وَأَعْظَمَ أَجْراً ﴾ ؛ مِن الذي تُؤخِّرونَهُ إلى الوصيَّة عند الموتِ.
وإنما انتصبَ (خَيْراً) لأنه المفعولُ الثاني، وأدخل (هو) فصل، ويسَمِّيه الكوفيُّون العمادَ، ﴿ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ ﴾ ؛ لِمَا مضَى من الذُّنوب والتقصيرِ في الطاعة، ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ ﴾ ؛ لِمَن استغفرَ، ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ ؛ لِمَن ماتَ على التوبةِ.
وقد تضمَّنت هذه الآيةُ معانٍ : أحدُها : أنه نَسَخَ بها فريضةَ قيامِ الليل. الثانِي : أنَّها تدلُّ على لُزوم فرضِ القراءةِ في الصَّلاة ؛ لأن القراءةَ لا تلزَمُ في عينِ الصَّلاة. والثالث : دلالةُ جواز الصَّلاة بقليلِ القراءةِ. والرابعُ : أنَّ تركَ قراءةِ الفاتحةِ في الصَّلاة لا تمنعُ جوازَها إذا قرأ فيها غيرَها.

صفحة رقم 84
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحداد اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية