آيات من القرآن الكريم

وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ
ﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝ ﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬ

يرون وقوع العذاب عليهم بعيداً إذ لا يصدوقون به، ونحن نراه قريباً؛ لأنه كائن لا بد منه وكل ما هو كائن فهو ريب.
- قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السمآء كالمهل﴾، إلى قوله: ﴿غَيْرُ مَأْمُونٍ﴾.
أي: ونرى العذاب قريباً (في) يوم تكون (فيه) السماء كالمهل. وقيل: التقدير: يبصرونهم يوم [تكون]. وقيل: التقدير: أحذروا يوم تكون السماء كالمهل، قال مجاهد: " كعكر الزيت ". وقال قتادة: تحول لوناً آخر إلى الخضرة، وقد تقدم ذكر " المهل " بأشبع من هذا.
ثم قال: ﴿وَتَكُونُ الجبال كالعهن﴾.

صفحة رقم 7703

قال مجاهد: كالصوف. وهو جمع " عنهة "، وأهل اللغة على أنه لا يقال (للصوف) " عهن " حتى يكون مصبوغاً.
- ثم قال: ﴿وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً﴾..
أي: ولا يسأل قريب ولا صديق عن قريبه ولا عن صديقه لشغله بنفسه.
ومعنى ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ...﴾.
أي: يُبَصَّرُ كُلُّ إنسان قَرِينَهُ فيعرفونه. قال ابن عباس: يعرف بعضهم بعضاً، ويتعارفون، ثم يفر بعضهم [من] بعضهم، بعد ذلك، يقول الله: ﴿لِكُلِّ امرىء مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٧]، وهو قول قتادة. فالهاء والميم - على هذا - للأقرباء، والضمير في [يُبَصَّرُونَ] للكفار، فالهاء والميم للأقرباء، أي: يبصر الله الكفار أقرباءهم في القيامة ويعرفهم بهم، فهو تأويل موافق لصدر الآية؛ لأنه قد ذكر

صفحة رقم 7704

القريب وقريبهه، وهذا مثل قوله: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ﴾ [عبس: ٣٤ - ٣٥] الآية. وقال مجاهد: معناه: يبصر الله المؤمنين الكفار في القيامة. فيكون الضمير في " يُبَصَّرونَ " للمؤمنين، والهاء والميم للكفار. وقال ابن زيد: معناه: يبصر الله الكفار الذين أضلوهم في الدنيا في النار. فيكون الضمير في ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ للكفار التابعين، والهاء الميم للمتبوعين.
وقد روي عن ابن كثير وأبي جعفر يزيد وشيبة: أنهم قرأوا: " وَلاَ يُسأَلُ

صفحة رقم 7705

حَمِيمٌ " على ما لم يسم فاعله. ومعناه: لا يقال لقريب: أين قريبك؟، (أي): لا يطلب بعضهم بِبَعْضٍ. ويجوز أن يكون معناه: ولا يسأل إنسان عن ذنب قريبه، مثل قوله: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى﴾ [الأنعام: ١٦٤].
- ثم قال ﴿يَوَدُّ المجرم لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ﴾.
(أي: يتمنى الكفار يوم القيامة لو يفتدي من العذاب ببنيه).
﴿وَصَاحِبَتِهِ...﴾ وهي زوجته، ﴿(وَأَخِيهِ)﴾ ﴿وَفَصِيلَتِهِ...﴾: عشريته، ﴿التي تُؤْوِيهِ﴾ أي: التي تضمه إلى رحلها ومنزلها لقرابة ما بينها وبينه.
- ثم قال: ﴿وَمَن فِي الأرض جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ﴾.

صفحة رقم 7706

أي: ويود لو يفتدي بمن في الأرض جميعاً ثم ينجيه ذلك من عذاب الله، أي: لو لوجد إلى ذلك سبيلاً من عظيم ما نزل به لفعله.
وجواب " لَوْ " قوله: ﴿ثُمَّ يُنجِيهِ﴾، وقيل: " ثُمَّ " بمعنى الفاء أي: فَيُنَجِّيه ذلك، فهو مثل قوله ﴿لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ [القلم: ٩] الفاء جواب " لَوْ ".
قال قتادة: ﴿وَفَصِيلَتِهِ التي تُؤْوِيهِ﴾ " الأحب فاللأحب، والأقرب فالأقرب من أهله وعشيرته.
.. ". قال الخليل: الفصيلة فخذ الرجل من قو مه. وقال مجاهد: فصيلته: " قبيلته ". وقال ابن زيد: " عشريته ". وفاعل " يُنْجِيهِ " محذوف، والتقدير: ثم ينجيه ذلك الافتداء، ودل " يفتدي " على الافتداء.

صفحة رقم 7707

قالت سودة: قال رسول الله ﷺ: يحشر الناس حفاةً عراةً غُرلاً حتى ألجمهم العرق وبلغ شحم الآذان. قالت: (قلت): واسوءتان يا رسول الله، أينظر بعضنا إلى بعض؟! قال رسول الله ﷺ: شُغِلَ النَّاسُ ﴿لِكُلِّ امرىء مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ ".
- ثم قال تعالى: ﴿كَلاَّ إِنَّهَا لظى * نَزَّاعَةً للشوى﴾.
أي: ليس الأمر على يتمنون، ولا يفيدهم (من عذاب الله شيء. ثم ابتدأ بالإخبار عما أَعدَّ لهم من العذاب فقال: ﴿إِنَّهَا) لظى﴾، و " لضى " اسم من أسماء

صفحة رقم 7708

جهنم، ولذلك لم تَنْصَرِفْ. ومعنى: " نزاعة للشوى ": تنزع جلدة الرأس وأطراف البدن.
والشوى جمع: شواة، وهي الأطراف. قال ابن عباس: ﴿نَزَّا (عَةً) للشوى﴾ أي: " تنزع أم الرأس ". وعنه: يعني " الجلود والهام ". وقال مجاهد: " [الجلود] الرأس ". وعنه: تنزع اللحم دون العظم. وقال أبو صالح: ﴿للشوى﴾: " للحم الساقين ". [قاله] مجاهد أيضاً. وقال الحسن: ﴿للشوى﴾: " للهام/ تحرق كل

صفحة رقم 7709

شيء منه ويبقى فؤاده نضيجاً ". وقال الضحاك: ﴿للشوى﴾: " تبدي اللحم والجلد على العظم حتى لا تترك منه شيئاً ". وقال ابن زيد: الشوى: " الأراب العظام، قال: تقطع عظامهم كما ترى ثم تحرق خلقهم وتبدل جلودهمه ". قال ابن جبير: ﴿للشوى﴾ " للعصب والعقب ". وعن مجاهد أيضاً: ﴿للشوى﴾: للجلد. وعنه للأطراف. وقال ثابت البناني: للشوى: لِمَكَارِمِ وجه ابن آدم.
- ثم قال تعالى: ﴿تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وتولى﴾.
أي: تدعو لظى إلى نفسها من أدبر عن طاعة الله وتولى عن الإيمان بالله وبكتبه وَرُسُلِه، هذا معنى قول قتادة. قال ابن زيد: ليس لها سلطان (إلا على من

صفحة رقم 7710

أدبر وتولى [وكفر وتولى]، فأما من آمن بالله وروسله فلي سله عليه سلطان).
قال الخليل بن أحمد " ليس دعاؤها كالدعاء: " تعالوا " و " هلم ". ولكن دعوتها [إيّاهم] ما تفعل بهم من الأفاعيل، يعنى نار جهنم نعوذ بالله منها.
وقيل: معنى " تدعو " تريد وتطلب، كما قال: ﴿وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ﴾ [يس: ٥٧] أي: يريدون ويطلبون، فهو " يفتعل " من الدعاء.
ويقال: " تداعت الحيطان إذا انقاضت. وتداعى عليه العدو: إذا أتى من كل جانب. وتداعت القبائل على بني فلان، إذا أقبلوا لحربهم. [ودواعي] الدهر: صروفه.
- وقوله: ﴿وَجَمَعَ فأوعى﴾.

صفحة رقم 7711

أي: وتدعو من جمع مالاً فجعله في وعائه ومنع حق الله منه. ومعنى " أوعى ": أحاط بِمَنْعِ المَالِ وحِفْظِه، ومنه: وَعيْت العلم، وأذنٌ واعيةٌ.
- ثم قال: ﴿إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً﴾.
الهلوع - عند أهل اللغة -: الجزوع، وهو هنا الذي يستعمل في حال الفقر من الجزع ما لا يجب أن يستعمله، وفي الغنى ما لا ينبغي أن يستعمله من منع الحق الواجب فيه وقلة الشكر. وقيل: الهلع شدة الجزع من شدة الحرص والضجر. وقد فسر الله جل ذكره لنا الهَلوع من هو فقال: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً﴾.
وعن ابن عباس: الهلوع الجزوع: الحريص، وهذا كله في الكفار. وقال الضحاك ﴿إِنَّ الإنسان﴾ يعني الكافر ﴿خُلِقَ هَلُوعاً﴾ أي: بخيلاً فهو منوع للخير جزوع إذا نزل به البلاء. قال ابن جبير: ﴿هَلُوعاً﴾ " شحيحاً، جزوعاً ". وقال

صفحة رقم 7712

عكرمة: ضجوراً. وقال قتادة وابن زيد: الهلوع: الجزوع.
- وقوله ﴿إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً﴾ أي: إذا قل ماله وناله الفقر والعدم فهو جزوع من ذلك لا صبر له عليه.
﴿وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً﴾ أي: إذا كثر ماله فهو بخيل بما في يديه لا ينفقه في طاعة الله ولا يؤدي منه حق الهل.
- ثم قال تعالى ذكره: ﴿إِلاَّ المصلين﴾.
(أي): إلا الذين يطيعونن الله بأداء فرائضه، [فليسوا] بداخلين في عدد من خلق هلوعاً وهو [كافر] بربه. وذكر بعض العلماء أن المصلين هنا الذين كانوا مع رسول الله، وهو قول ابن زيد.

صفحة رقم 7713

وقال غيره: هي في كل من صلى الخمس: قال النخعي ﴿الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ﴾ عني به الصلوات الخمس. وقال [عقبة بن عامر] ﴿دَآئِمُونَ﴾ لا يلتفتون في صلاتهم خلفهم ولا عن أيمانهم ولا عن شمائلهم.
- ثم قال: ﴿والذين في أموالهم حَقٌّ مَّعْلُومٌ﴾.
أي: موقت، وهو الزكاة ﴿لِّلسَّآئِلِ﴾ [أي] للذي يسأل ﴿والمحروم﴾ الذي حرم الغنى وهو فقير لا يسأل. قال قتادة: الحق المعلوم: " الزكاة المفروضة ". وعن

صفحة رقم 7714

ابن عباس أنه حقٌّ آخَر الزكاة. وسئل انب عمر عن الحق المعلوم أهو الزكاة؟ فقال: " إن عليك حقوقاً سوى ذلك ". وقال الشعبي: " إن في المال حقاً سوى الزكاة "، وهو قول مجاهد. وهذا إنما هو على الندب والترغيب لا على الفرض؛ لأن المسلمين قد أجمعوا (على) ألا فرض في المال سوى الزكاة المعلومة، وقد تقدم (ذكر) اختلافهم في المحرم في " والذّارِيَاتِ " وأضفنا الأقوال إلى أصحابها، ونحن نذكره هنا مجملاً:
قيلأ: هو المحارف الذي لا سهم له في الإسلام له في الإسلام. وقيل: هو الذي لا سهم له (في) الغنيمة.

صفحة رقم 7715

وقيل: هو الذي لا ينمى له مال. وقيل: هو الذي اجتيح ماله.
وقيل: هو المصاب بزرعه.
وقيل: هو " المتعفف ".
- ثم قال: ﴿والذين يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدين﴾.
أي: يؤمنون بالبعث والجزاء والجنة والنار.
﴿والذين هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ﴾:
أي: هم وَجِلُونَ في الدنيا خوفاً (أن) يعذبهم ربُّهم في الآخرة، فهم من [خوفه] لا يضيعون فرائضه ولا يتعدون إلى ما حرمن عليهم.
- ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ﴾:
أي: لا يُؤمَن منه من عصى ربه. والوقف على " لَظَى " جائز حسن في قراءة

صفحة رقم 7716

من رفع " نَزَّاعَةٌ "، على تقدير: هي نزاعة.
ومن جعل ﴿لظى * (نَزَّاعَةً)﴾ بدلاً من اسم " إن " وجعل " نَزَّاعَةٌ " " خبر " إن لم يقل على " لَظَى ".
وكذلك إن رفع ﴿نَزَّاعَةً﴾ على البدل من ﴿لظى﴾ أَوْ على أنها خبر بعد خبر، وكذلك إن جعل الضمير في " إِنَّهَا " للقصة لم يقف على " لظى "، / لأن " نزاعة " خبر " لظى ".
فإن نصبت " نَزَّاعَةً " فعلى الحال من " لظى "؛ لأنها معرفة. [ولا] يوقف أيضا - على هذا القول - على " لَظَى ".
وقد رد المبرد النصب ومنع جوازه، [قال]: لأنه لا يجوز أن تكون لظى إلا

صفحة رقم 7717
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية