آيات من القرآن الكريم

وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝ

تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ، أَيْ يُمْكِنُ وَلَا يَتَعَذَّرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَثَانِيهَا: التَّقْدِيرُ: سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ وَالثَّالِثُ: التَّقْدِيرُ يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ كَانَ كَذَا وكذاو الرابع: أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ يَوْمَ.
وَالتَّقْدِيرُ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ ذَكَرَ لِذَلِكَ الْيَوْمِ صِفَاتٍ:
الصِّفَةُ الْأُولَى: أَنَّ السَّمَاءَ تَكُونُ فِيهِ كَالْمُهْلِ وَذَكَرْنَا تَفْسِيرَ الْمُهْلِ عِنْدَ قَوْلِهِ: بِماءٍ كَالْمُهْلِ [الكهف:
٢٩] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَدُرْدِيِّ الزَّيْتِ، وَرَوَى عَنْهُ عَطَاءٌ: كَعَكَرِ الْقَطْرَانِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: مِثْلُ الْفِضَّةِ إِذَا أُذِيبَتْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ.
الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ الْجِبَالُ فِيهِ كَالْعِهْنِ، وَمَعْنَى الْعِهْنِ فِي اللُّغَةِ: الصُّوفُ الْمَصْبُوغُ أَلْوَانًا، وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّشْبِيهُ بِهِ، لِأَنَّ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٍ فَإِذَا بُسَّتْ وَطُيِّرَتْ فِي الْجَوِّ أَشْبَهَتِ الْعِهْنَ الْمَنْفُوشَ إِذَا طيرته الريح.
الصفة الثالثة: قوله: وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْحَمِيمُ الْقَرِيبُ الَّذِي يَعْصِبُ لَهُ، وَعَدَمُ السُّؤَالِ إِنَّمَا كَانَ لِاشْتِغَالِ كُلِّ أَحَدٍ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ
[الْحَجِّ: ٢] وَقَوْلُهُ: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ إِلَى قَوْلِهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عَبَسَ: ٣٧] ثُمَّ فِي الْآيَةِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ/ التَّقْدِيرُ: لَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ عَنْ حَمِيمِهِ فَحُذِفَ الْجَارُّ وَأُوصِلَ الْفِعْلُ الثَّانِي: لَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمَهُ كَيْفَ حَالُكَ وَلَا يُكَلِّمُهُ، لِأَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ هَذَا الْكَلَامِ الثَّالِثُ: لَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا شَفَاعَةً، وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا إِحْسَانًا إِلَيْهِ وَلَا رِفْقًا بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ: ولا يسئل بضم الياء، والمعنى لا يسأل حميم عَنْ حَمِيمِهِ لِيُتَعَرَّفَ شَأْنُهُ مِنْ جِهَتِهِ، كَمَا يُتَعَرَّفُ خَبَرُ الصَّدِيقِ مِنْ جِهَةِ صَدِيقِهِ، وَهَذَا أَيْضًا عَلَى حَذْفِ الْجَارِّ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ لَا يُقَالُ لِحَمِيمٍ أَيْنَ حَمِيمُكَ وَلَسْتُ أُحِبُّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لِأَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ القراء.
[سورة المعارج (٧٠) : الآيات ١١ الى ١٢]
يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى: يُبَصَّرُونَهُمْ يُقَالُ: بَصُرْتُ بِهِ أُبْصِرُ، قَالَ تَعَالَى: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ [طه: ٩٦] ويقال: بصرت زيد بِكَذَا فَإِذَا حَذَفْتَ الْجَارَّ قُلْتَ: بَصَّرَنِي زَيْدٌ كَذَا فَإِذَا أَثْبَتَ الْفِعْلَ لِلْمَفْعُولِ بِهِ وَقَدْ حَذَفْتَ الْجَارَّ قُلْتَ: بَصِّرْنِي زَيْدًا، فَهَذَا هُوَ مَعْنَى يُبَصَّرُونَهُمْ، وَإِنَّمَا جُمِعَ فَقِيلَ: يُبَصَّرُونَهُمْ لِأَنَّ الْحَمِيمَ وَإِنْ كَانَ مُفْرَدًا فِي اللَّفْظِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْكَثْرَةُ وَالْجَمِيعُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ [الشُّعَرَاءِ: ١٠٠] وَمَعْنَى يُبَصَّرُونَهُمْ يُعَرَّفُونَهُمْ، أَيْ يُعَرَّفُ الْحَمِيمُ الْحَمِيمَ حَتَّى يَعْرِفَهُ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَسْأَلُهُ عَنْ شَأْنِهِ لِشُغْلِهِ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ قِيلَ: مَا مَوْضِعُ يُبَصَّرُونَهُمْ؟ قُلْنَا: فِيهِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قبله كأنه لما قال: وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً [المعارج: ١٠] قِيلَ: لَعَلَّهُ لَا يُبْصِرُهُ فَقِيلَ يُبَصَّرُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ لِاشْتِغَالِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ تَسَاؤُلِهِمْ الثَّانِي: أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُجْرِمِينَ يُبْصَّرُونَ الْمُؤْمِنِينَ حَالَ مَا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ أَنْ يفدي نفسه لكل ما

صفحة رقم 641
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية