آيات من القرآن الكريم

وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا ۚ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ
ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ

عشّارين. وقال ابن زيد: كانوا يقطعون الطريق.
قوله تعالى: وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي: تصرفون عن دين الله من آمن به. وَتَبْغُونَها عِوَجاً مفسر في (آل عمران) «١».
قوله تعالى: وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ قال الزجاج: جائز أن يكون المعنى:
جعلكم أغنياء بعد أن كنتم فقراء وجائز أن يكون: كثّر عددَكم بعد أن كنتم قليلاً، وجائز أن يكونوا غير ذوي مقدرة وأقدار، فكثّرهم.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٨٧ الى ٨٨]
وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٧) قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ (٨٨)
قوله تعالى: وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا أي: إن أختلفتم في رسالتي، فصرتم فريقين، مصدِّقين ومكذِّبين فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا بتعذيب المكذبين، وإنجاء المصدِّقين وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ لأنه العدل الذي لا يجوز.
قوله تعالى: أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا يعنون ديننا، وهو الشرك. قال الفراء: جعل في قوله:
«لتعودن» لاماً كجواب اليمين، وهو في معنى شرط ومثله في الكلام: والله لأضربنَّك أو تُقِرّ لي، فيكون معناه معنى: «إلا»، أو معنى: «حتى». قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ أي: أو تجبروننا على ملتكم إن كرهناها؟! والألف للاستفهام. فان قيل: كيف قالوا: «لتعودن»، وشعيب لم يكن في كفر قطّ، فيعود إليه؟ ففيه جوابان: أحدهما: أنهم لما جمعوا في الخطاب معه من كان كافراً، ثم آمن، خاطبوا شعيباً بخطاب أتباعه، وغلَّبوا لفظهم على لفظه، لكثرتهم، وانفراده. والثاني: أن المعنى: لتصيرُنّ إلى ملتنا فوقع العَود على معنى الابتداء، كما يقال: قد عاد عليَّ من فلان مكروه، أي: قد لحقني منه ذلك وإن لم يكن سبق منه مكروه. قال الشاعر:

فانْ تكنِ الأيَّامُ أحَسنَّ مرَةً إليَّ فقد عَادَتْ لَهُنُّ ذُنوْبُ «٢»
وقد شرحنا هذا في قوله: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ في (سورة البقرة) «٣». وقد ذكر معنى الجوابين الزجاج، وابن الأنباري.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٨٩ الى ٩٣]
قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ (٨٩) وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٩٠) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٩١) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ (٩٢) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ (٩٣)
(١) سورة آل عمران: ٩٩.
(٢) البيت تقدم في سورة البقرة. [.....]
(٣) سورة البقرة: ٢١٠. قوله تعالى: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ.

صفحة رقم 138

قوله تعالى: قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ وذلك أن القوم كانوا يدّعون أن الله أمرهم بما هم عليه، فلذلك سمَّوه مِلَّةً. وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها أي: في الملة، إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ أي:
إلا أن يكون قد سبق في علم الله ومشيئته أن نعود فيها، وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً قال ابن عباس: يعلم ما يكون قبل أن يكون.
قوله تعالى: عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا أي: فيما توعدتمونا به، وفي حراستنا عن الضلال. رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ قال أبو عبيدة: احكم بيننا، وأنشد

أَلاَ أَبْلِغْ بَنِي عُصْمٍ رَسُوْلاً بأنِّي عَنْ فُتَاحَتِكُمْ غَنِيُّ «١»
قال الفراء: وأهل عُمان يسمون القاضي: الفاتح والفتَّاح. قال الزجاج: وجائز أن يكون المعنى:
أظهِر أمرنا حتى ينفتح ما بيننا وينكشف فجائز أن يكونوا سألوا بهذا نزول العذاب بقومهم ليظهر أن الحق معهم.
قوله تعالى: كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا فيه أربعة أقوال:
أحدها: كأن لم يعيشوا في دارهم، قاله ابن عباس، والأخفش. قال حاتم طيء:
غَنِيْنَا زَمَاناً بالتَّصَعْلُكِ وَالغِنَى فَكُلاًّ سَقَانَاه بكأْسَيْهِما الدَّهْرُ «٢»
فَمَا زَادَنَا بَغْيَاً عَلَى ذِي قَرَابَةٍ غِنَانَا، ولا أزْرَى بأحْسَابِنَا الفَقْرُ «٣»
قال الزجاج: معنى غنينا: عشنا. والتصعلك: الفقر، والعرب تقول للفقير: الصعلوك.
والثاني: كأن لم يتنعَّموا فيها، قاله قتادة. والثالث: كأن لم يكونوا فيها، قاله ابن زيد، ومقاتل.
والرابع: كأن لم ينزلوا فيها، قاله الزجاج. قال الأصمعي: المغاني: المنازل، يقال: غنينا بمكان كذا، أي: نزلنا به. وقال ابن قتيبة: كأن لم يقيموا فيها، ومعنى: غنينا بمكان كذا: أقمنا. قال ابن الأنباري:
وإنما كرر قوله: الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً للمبالغة في ذمهم كما تقول: أخوك الذي أخذ أموالنا، أخوك الذي شتم أعراضنا.
قوله تعالى: فَتَوَلَّى عَنْهُمْ فيه قولان: أحدهما: أَعْرِض. والثاني: انْصَرِف. وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي قال قتادة: أسمع شعيب قومَه، وأسمع صالح قومَه كما أسمع نبيكم قومَه يوم بدر، يعني: أنه خاطبهم بعد الهلاك. فَكَيْفَ آسى أي: أحزن. وقال أبو اسحاق: أصاب شعيباً على قومه حزنٌ شديد، ثم عاتب نفسه، فقال: كيف آسى على قوم كافرين.
(١) البيت منسوب إلى أبي عبيدة في «اللسان» فتح.
(٢) البيتان منسوبان إلى حاتم طيء في «ديوان حاتم». ١١٩.
(٣) في «الديوان» و «الخزانة» «فما زادونا بأوا». والبأو: الكبر والفخر.

صفحة رقم 139
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية